الثقافي

صدر قديماً: "كيف ينهض العرب" لـ عمر فاخوري

على الرفّ

لم يقيّض للكتاب المعنون "كيف ينهض العرب" للكاتب النهضوي عمر فاخوري (1895-1946) الصادر عام 1913، أن ينتشر وقت كتابته، فبعد طباعته اضّطر والد المؤلف الشاب إلى طمر نسخه المطبوعة في بئر مهجورة بسرعة، وأهال عليها التراب خشية أن تطاوله وعائلته نقمة الحاكم العسكري التركي آنذاك جمال باشا الملقب بالسفاح. لماذا؟ لأن الكتاب كان صريحاً بالدعوة إلى نهضة عربية في وقت كان يتردّد فيه سؤال عن كيفية النهضة، لا عن وجوبها الذي أصبح أمراً بديهياً.

سيظلّ الكتاب مطموراً طيلة 68 عاماً، أي حتى العام 1981 حين نُشر للمرة الأولى ضمن سلسلة الأعمال الكاملة لـ عمر فاخوري التي ضمّت إضافة إلى هذا الكتاب، كتاب "الباب المرصود" و"الفصول الأربعة" و"الحقيقة اللبنانية" و"آراء غربية في مسائل شرقية"، ومعظمها ذات طابع أدبي، وفيها بذور أفكار نظرية جمالية. ما يميّز الكتاب الذي غيّبه الاستبداد سنوات طويلة أنّه محاولة مبكرة لوضع نظرية في القومية العربية، عمادها آراء اقتبسها من كتب غربية لا يدّعي عصمتها كما يقول، وأفكار خاصة هي حسب تعبيره ممّا "جرته إليها المقارنة والمقابلة بين تلك وبين ما شاهده".أما لماذا كُتِب هذا الكتاب الذي يدعوه الرسالة، فلأنّ "الأمّة العربية كان لها فيما مضى سلطان عظيم وحضارة ومنعة لم تُبق الأيام على شيء منها إلا بعض آثار ضخمة، وأسفار مهمة، ولا يذكّرنا بها إلا تاريخ مجيد ليس من يعرفه فينا إلا القليل، شر خلف لخير سلف، فهو شاحب هزيل، يعلوه الغبار، مع أنه فيّاض بالمآثر الغرّاء والفخر العميم".

ويختم حديث الثورة الفكرية التي ينبغي بثها في الأمة العربية بالقول "يجب أن تتناول كل ما يتعلق بحياتنا الأسرية والعلمية والاجتماعية، وأن ترمي إلى وضع غاية كمالية يغار كل فرد من أفرادها عليها كل الغيرة، ويتعصّب لها كل التعصّب، وهذه الغاية الكمالية (الهدف الأسمى) هي إعادة مجد العرب، وتجديد حضارة العرب، وخلق كيان حقيقي للعرب.. وأعظم عمل يقوم به المفكرون في الأمة العربية، أو بالأحرى أول واجب عليهم، هو أن يحدثوا فيها ثورة فكرية تدريجية تنتهي بتشكيل ديانة جديدة، لا قيام لأبناء الضاد إلا بها، هي الجنسية العربية (الهوية العربية) ليصيروا مستعدين لتحمّل قسوة ناموس الحياة العام: الحياة جهاد، وقوة الحياة تكسب الحق فيها".

الوكالات

 

من نفس القسم الثقافي