الثقافي

محمد المزوغي: تحقيق ما في "نقد الاستشراق" من مقولة

على الرفّ

 

 

يواصل محمد المزوغي في كتابه الجديد "في نقد الاستشراق - المحور أركون/ صالح"، الصادر حديثاً عن "أفريقيا الشرق" (الرباط، 2017)، نقده لأسس فكر محمد أركون، وهو المنحى الذي ظهرت بوادره في كتابه "العقل بين الوحي والتاريخ.. حول العدمية النظرية في إسلاميات محمد أركون" (2007)، الذي قال فيه بازدواجية النظر عند أركون في الكثير من المسائل العقلية.

يتوقف الباحث التونسي المقيم في روما في كتابه الجديد عند محطة أخرى، لكن هذه المرة ضمن مدخل آخر هو الاستشراق. أركون يحضر كمحور أوّل ومركزي في هذه الدراسة، قبل مرور المؤلف إلى استقصاء طروحات تلاميذه، وأبرزهم هاشم صالح.

في مقدمة الكتاب، يُذكّر المزوغي بنظرة المسلمين للاستشراق، خصوصاً بحوث المستشرقين التي تحوم حول النص القرآني ونصوص الأحاديث والسنّة، هذه البحوث التي تُقَابل عادة، بأحكام مسبقة من قبيل محاربة الإسلام ومعاداة المسلمين. المشكلة بحسب المزوغي هي عندما يصطفّ أركون وصالح ضمن محاربي الاستشراق عبر عدائهم لمنهجه القائم على الفيلولوجيا، التي تعتمد على مقارنة النصوص ونقد المصادر نقداً علمياً.

يقتفي الكتاب آثار الاستشراق في كتابات هاشم صالح التي "لم تنته إلى أحكام ثابتة"، بل كانت بحسب المؤلف تعرف صعوداً وهبوطاً في المواقف من الاستشراق والمستشرقين. فصالح في كتابه "معضلة الأصولية الإسلامية" (2006)، يثني على الاستشراق والمستشرقين ويثمّن مناهجهم التي تساهم في إضاءة التراث، لينقلب إلى متهم لهم بالغطرسة والتعجرف. يعقّب المزوغي: "لقد جعل هاشم صالح من عمل المستشرقين عملاً سطحياً تافهاً لا يفيد في أي شيء".

في فصل لاحق من الكتاب، يدرس المؤلف الاحتكاك مع المستشرقين، خصوصاً برنارد لويس المعروف في متداول القراءات العربية كمفكّر معاد للإسلام، غير أن المزوغي يطرح رؤية مغايرة يُظهر من خلالها لويس كمناصر للإسلام ضمن سياقات (ألاعيب) جيوسياسية. في هذه النقطة - الموقف من لويس - يلتقي المزوغي بأركون الذي دافع هو الآخر عن لويس وآرائه

بعد ذلك، يصنّف المزوغي آثار محمد أركون إلى مجموعتين، إحداهما "دائمة" وتتمثل في الأفكار التي تضمنتها كتبه، وكانت لها بحسب الكتاب، نتائج كارثية حيث تبنى الدارسون الشباب أفكاره التي تنتقص من قيمة الفيلولوجيا وهاجموا بها المستشرقين.

أما آثاره "العابرة"، فقد لخّصها المزوغي في تأثر الباحثة التونسية آمنة الجبلاوي بأفكار أركون، فردّدت أفكاره وهاجمت من خلالها الاستشراق الأنغلوسكسوني الذي يخصّص له المزوغي فصلاً يردّ فيه على ما يسميه بمغالطات الجبلاوي الناتجة عن فهم تجزيئي للمستشرقين الأنغلوسكسونيين، مثل مايكل كوك.

تعود خاتمة الكتاب للتذكير بما طرحته المقدمة، أي محور أركون/ صالح في نقد الاستشراق، لكن هذه المرة بالانطلاق من انعكاسات أفكار ومواقف أركون من قضايا دينية راهنة وحديثة، كالجماعات الدينية والدولة القومية.

الوكالات

 

 

من نفس القسم الثقافي