الثقافي
البيان الختامي: تحرير الأراضي العربية المحتلة ووقف نزيف الخلافات العربية
حبيب الصايغ ترأس اجتماعات المكتب الدائم لاتحاد الكتاب العرب بالجزائر
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 19 فيفري 2017
• ميهوبي: ضرورة الاهتمام باللغة العربية وبالأجانب الذين يكتبون بها
• الصايغ: احترام الاختلاف، ومواجهة تيارات الظلام والإرهاب والطائفية باليقظة والتنوير
أنهى المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب اجتماعه الذي عقد بالجزائر العاصمة، على مدى أربعة أيام، حيث ترأسه الشاعر حبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام، وعقد تحت رعاية الرئيس عبد العزيز بو تفليقة، وبحضور وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، الذي شغل سابقًا منصب رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين، ورئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب بين عامي 2003 و2006، كما حضره سفير دولة الإمارات العربية في الجزائر أحمد الميل الزعابي، وكذلك مجموعة من السفراء بينهم سفراء المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين وسلطنة عمان وفلسطين ورومانيا.
ألقيت في الافتتاح كلمة رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين يوسف شقرة، وكلمة الأمين العام للاتحاد، وكلمة الوفود ألقاها سعيد الصقلاوي رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، إلى جانب كلمة وزير الثقافة، وشهد الحفل توزيع الجوائز التي يمنحها الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب سنويًّا، وهي: جائزة القدس للشاعر والكاتب الكويتي د.خليفة الوقيان، والمترجم والناشط الروماني جورج جريجوري، وهو تقليد يتم للمرة الأولى، حيث تمنح الجائزة لكاتبين أحدهما أجنبي. ومنح درع جائرة عرب 1948 للشاعر الفلسطيني سليمان دغش، وهو كذلك أول فائز بها، كما تم منح درع الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب للأردني ليث شبيلات، لدفاعه عن الحقوق العامة والحريات في الوطن العربي للمرة الأولى كذلك.
وصاحبت أيام الاجتماعات ندوة فكرية بعنوان "تجليات أدب المقاومة في الأدب العربي المعاصر" عقدت لها خمس جلسات، شارك فيها باحثون من مختلف البلدان العربية، إضافة إلى مشاركة لافتة من باحثي الجزائر.
• ميهوبي: ضرورة الاهتمام باللغة العربية وبالأجانب الذين يكتبون بها
في الكلمة الضيافية التي ألقاها عز الدين ميهوبي وزير الثقافة الجزائري رحب بالأدباء والكتاب العرب على أرض الجزائر بلد المليون شهيد، وأشاد بقرار ضم مجلس أندية الأدب السعودية إلى الاتحاد العام، ذاكرًا أنه مطلب قديم يمتد لعشرين عامًا فائتة، وقد نجح حبيب الصايغ أمينه الحالي في تحقيقه، كما شدد على أهمية التعليم في تنمية المجتمعات العربية، حيث لا تقدم اقتصادي واجتماعي وسياسي وتقني دون تطوير التعليم، كما تحدث عن أهمية الاهتمام باللغة العربية، واقترح على الاتحاد العام الاهتمام بالكتاب الأجانب الذين يكتبون باللغة العربية، وبالمتعاطفين مع القضايا العربية بوجه عام.
• الصايغ: احترام الاختلاف، ومواجهة تيارات الظلام والإرهاب والطائفية باليقظة والتنوير
وقال الشاعر حبيب الصايغ في كلمته: قبل لقائنا في مؤتمرنا السادس والعشرين في أبوظبي أقصى المشرق العربي، التقينا في طنجة أقصى المغرب، ثم عدنا إلى دبي المحبة واللقاء، وها نحن نلتقي اليوم في الجزائر الحبيبة، بلد الشهداء من أجل الحرية، حرية الإنسان في مطلق المعنى، وحرية المعنى إذ يتحقق فيحقق للحياة حياتها، ليست إلا رغبة الكتاب العرب في فعل إيجابي يتجاوز واقع الحصار والعزلة، حيث الكتابة النقيض الأزلي للكآبة، وحيث الجزائر –المدينة والوطن- تقول بعض سر عبقريتها من جديد، الحرية شوق تناوله المهج المهجّ، وليس من بعد على مرور الأيام والأعوام، إلا اللقاء الرمز يطرحه الأدباء والكتاب العرب طريق إخلاص وخلاص، وأنموذج حياة وطن ومجتمع.
وفيما أخذت أوطاننا العربية، نتيجة الظروف المعلومة، تضيق علينا، ها هي الجزائر تضمنا في مقدم اشتغالاتها ومشاغلها، فتلم الشمل مشتملة على شمائلها، ها نحن نعقد على أرضها الغالية، وبرعاية كريمة من فخامة الرئيس عبد العزيز بو تفليقة، اجتماعات الدورة الجديدة للمكتب الدائم، مع ما يرافقها من نشاط مصاحب نوعي: ندوة تجليات ثقافة المقاومة في إبداع العرب، التي تتشرف باسم الخالد مفدي زكريا، شاعر الثورة الجزائرية الخالدة، وأمسيتين شعريتين يتوقع أن تمثلا راهن المشهد الشعري العربي.
ربما حق لنا ونحن نفتتح اجتماعاتنا التركيز على دور الكاتب والمثقف العربي إزاء ما حدث ويحدث، لا نجاة إلا باعتبار الوعي والمسئولية، وليس من أمل إلا بتحقيق التواصل الشعبي بين أبناء الأمة الواحدة بعد الخيبات المتواصلة على معظم الصعد الرسمية، القصد أن نتداخل في شأننا القومي والوطني تدخل الواعي بالتجربة، وبحجم الخسارات والمرارات خصوصًا، وبحجم التطلعات والإمكانات خصوصًا، نعم لنا لعبة الكتابة والإبداع وعلينا تحقيق أقصى درجات الإتقان ونحن نكتب، نعم علينا التمسك بالفن كما نتمسك بالعقل والجنون، نعم علينا الانصراف إلى معاقرة الهوى كما لو كانت دم المدمن الواجد أو ندم العاشق الفاقد.
نعم علينا الدخول في اللغة دخول الفاتحين المغامرين ولا نبالي، ولكن علينا مع ذلك وقبله وبعده، أن نشتغل بالسياسة على طريقتنا، وأن نحقق ما لم يحققه وما لا يحققه الساسة: الاختلاف الأصل وليس الاتفاق، ومن هنا نبدأ. لنذهب في الاختلاف أبعد، ولنحب بعضنا بعضًا أكثر كلما اختلفنا أكثر. لا تغيير إلا بهذه الأداة السحرية يا قبيلة الأدباء والكتاب العرب.. احترام الاختلاف واستيعاب التعدد، ثم مواجهة تيارات الظلام والإرهاب والتكفير والطائفية والكراهية باليقظة والفكر والتنوير، بالأخوة والصداقة والمحبة فيما بيننا، وبالمزيد من الأخوة والصداقة والمحبة، والمزيد من احترام وقبول الآخر، خصوصًا الآخر المختلف معه.
وبعض عبقرية الجزائر أنها تستقبل اليوم، وهذا يحدث للمرة الأولى، منذ تأسيس اتحادنا العام في العام 1957، وفدًا عزيزًا يمثل أشقاءنا الكتاب في المملكة العربية السعودية، إنه لمكسب كبير لنا جميعًا، وإنا بذلك إنما نهتدي إلى الصواب، وهل يعقل استمرار غياب أدب بحجم الأدب السعودي العريق عن الاتحاد العربي الجامع؟ أملنا بعد ذلك تمثيل أدباء قطر عبر تنظيم يجمعهم، وعودة أشقائنا الليبيين إلى مكانهم الطبيعي.
• البيان الختامي: تحرير الأراضي العربية المحتلة ووقف نزيف الخلافات العربية
في ختام الاجتماعات أصدر المكتب الدائم بيانًا ختاميًّا يدين دعوة الرئيس الأميركي لنقل سفارة بلاده في فلسطين المحتلة الى القدس الشريف، في محاولة لإضفاء الشرعية الدولية على تهويدها، واستنكر القرارات العنصرية التي اتخذتها الإدارة الأمريكية بمنع رعايا سبع دول عربية وإسلامية من دخول أمريكا وربط الإسلام بالإرهاب، كما دعا إلى تحرير الأراضي العربية المحتلة سواء الجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، التي تحتلها إيران، أو الجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية الواقعتين تحت الاحتلال الصهيوني.
وأكد البيان أن الظروف التي تمر بها المنطقة العربية في ظل المتغيرات الدولية، وتعاظم الأطماع الإقليمية، تستدعي من المثقفين العرب إعلاء قيم ثقافة المقاومة بكل تجلياتها. وتوجه الاتحاد العام إلى القادة العرب عشية انعقاد مؤتمر القمة في بغداد، لوقف نزيف الخلافات العربية التي عمقت الاختراق الدولي والإقليمي للأمن القومي العربي، ودعا إلى تضامن العرب وتكامل طاقاتهم، فبدون ذلك لا إمكانية لحماية الأمن القومي ولا لتحقيق الأمن الاجتماعي ولا للتنمية أو الإنماء، وأكد الاتحاد رفضه كل تدخل دولي أو إقليمي في شؤؤن أي دولة عربية، ورفض كل محاولة لتصدير تجربة بعينها، فالشعب العربي هو صاحب الحق في اختيار نظامه السياسي بأسلوب ديمقراطي بعيدًا عن اي فوضى مسلحة.
إن ما يجري في أكثر من قطر عربي - يضيف البيان -، بدافع من احتلال صهيوني وتدخلات أجنبية استعمارية ومخططات تقسيمية تفتيتية معلنة، واختراقات ثقافية معلومة الهدف، أسهم في تخريب النسيج المجتمعي العربي، وعمل على استبدال ثقافة المواطنة بثقافة الانتماء الضيق طائفيًّا أو مذهبيًّا أو عرقيًّا او إثنيًّا، وهو ماترفضه الثقافة العربية كليًّا.
وقال إن داعش وأخواتها من الجماعات التكفيرية تستخدم لغرضين متلازمين: الإساءة إلى الإسلام، وتبرير قيام الكيان العنصري الصهيوني فوق أرض فلسطين المحتلة.
ونبذ الاتحاد العام كل دعوة للتطرف والغُلو وأدان الأعمال التي ترتكبها الجماعات الإرهابية كافة في مصر وليبيا والعراق وسوريا واليمن والصومال وسواهم من الأقطار العربية، ودعا الى تغليب الوحدة الوطنية فهي المدخل لبناء الاوطان وبناء مجتمع العدالة والشفافية ومنع الفساد والرشوة.
وعن القضية الفلسطينية حيَّا الاتحاد العام البطولات التي يسطرها الشباب الفلسطيني في وجه آلة الاٍرهاب الصهيوني، ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على الصهاينة لوقف تهويد القدس، ورفع الحصار عن غزة ووقف الاستيطان الاستعماري في الضفة الغربية، كما دعا جميع القوى والفصائل الفلسطينية إلى توحيد جهودها، وأدان كل محاولات التطبيع مع العدو الصهيوني، ودعا الاُدباء والكتاب العرب إلى مواجهة التطبيع الثقافي الذي تسعى اليه قوى صهيونية تحت مسميات مختلفة.
وتوجهت الأمانة العامة للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وجميع الوفود المشاركة، بالشكر الجزيل لقيادة الجمهورية الجزائرية وحكومتها، على الحفاوة التي واكبت أعمال الدورة الحالية لمكتب الاتحاد، وتقدمت من اتحاد الكتاب الجزائريين بجزيل الامتنان على الجهود التي بذلت من قبلهم لإنجاح الندوة وأعمال الدورة.