الثقافي
الأعرج: واقع الثقافة العربية لا يقل تمزقا وتهتكا عن الأوضاع الاقتصادية والمالية والسياسية !!
قال إن المثقف لن ينجو من الطعن والمهاترات
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 21 ديسمبر 2016
أشار الكاتب والروائي واسيني الأعرج إن الأوضاع الثقافية عربيا لا تقل تمزقا وتهتكا عن الأوضاع الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية، فما يحدث اليوم من حروب خداعية تتسع بشكل مخيف في الظل أو في العلن، إذ كلما اجتمع مثقفان في الخلوة كان ثالثهما مثقفا ضحية يجب نهشها، يدفع إلى تأمل استعجالي.
وأوضح الأعرج في مقال تحليلي له "أن بالرغم من أن الظاهرة لا تعبر عن المجتمع الكلي، لكن هذا الفردي عندما يتسع يصبح بالضرورة حالة اجتماعية، وهو مرض كبير ينتشر بشكل سرطاني في العالم العربي، يبدأ عادة من غيرة بسيطة يصعب إخفاؤها، وينتهي على حواف الشللية والميليشيات المثقفة المتربصة والمدربة على الفتك الكلامي بكل من يخالفها، ثم الضغينة".
واعتبر الكاتب "أن من الطبيعي أن الكاتب الناجح أو الفنان المميز أو السينمائي المدهش والساحر بأعماله، يتعرض دوما للطعن والمطاردة الحياتية، ومع الوسائط الاجتماعية المتنوعة والسريعة الانتشار، وقد يصل الأمر إلى المسائل الشخصية وفبركة الصور، إلى درجة أصبحت الشتيمة خارج كل فعل نقدي، لأن النقد قيمة ثقافية عالية"، مضيفا "لا يمكن لأي مثقف عربي منشغل بهاجس ثقافي أو حضاري أو إنساني ما، أن ينجو من هذه الطاحونة، مهما حاول أن يكون صادقا وجميلا وواسع الروح، ولا يلتفت للمهاترات التي لا تكشف في النهاية إلا هزال أصحابها والأزمة المستفحلة التي وضعوا أنفسهم فيها".
واستغرب الكاتب كيف أن الأنظار، بدل أن تتوجه للأدب والمناقشات الجادة والمفيدة، تتحول إلى معارك شخصية خاسرة، شديدة الانحدار، ويكفي إلقاء نظرة خاطفة على جزء من الصحافة العربية والوسائط الإلكترونية المتعددة، لندرك درجة الإنهيار والتهتك التي ليست إلا صورة صغيرة مكثفة ورمزية للانهيار العام".
وانتقد واسيني "الإتهامات الموجهة لبعض الكتاب بالتواطؤ والعمالة والسرقة الأدبية، بل أن بعضهم بدل أن يبدع في العمل الخلاق والمفيد، يوقظ كل الحواس المريضة النائمة في الأعماق، يذهب إلى درجة اقتطاع الجزئيات الأدبية والفنية والتصريحات، من سياقاتها، ويرميها في الفايسبوك أو في مقالات، وبشكل فوضوي، أنارشيك بمعنى الكلمة، وينشئ حولها مدارات نقاشية لا تفضي إلا إلى مزيد من البؤس وربما الشفقة على وضع، للأسف، هو جزء من حقيقتنا المضمرة".
وأردف ذات الروائي قائلا: "إن هذا الصراخ المرضي الذي ينشأ حول بعض القيم الفنية المنتجة يثير كثيرا من الجدل، حتى أصبح من الآلي والطبيعي، أن كل قيمة مميزة أو ناجحة تتعرض لهذا السيل من النقد غير المؤسس، الذي لا علاقة له بالفن والأدب، لا بد أن يكون فيه شيء ما يستحق التأمل، وبالفعل، هناك حقيقة نلمسها اليوم حتى لاإراديا فتتحول هذه الضوضاء عبر الوسائط غير المسؤولة ثقافيا وفنيا وحتى إنسانيا، إلى وسيلة دعائية مجانية تتجاوز إرادة سدنة الشتيمة والبؤس والانحطاط".
وخلص صاحب رواية "نساء كازانوفا" إلى "أن الآداب والفنون قوتها الداخلية التي تحميها، لا أحد يستطيع، مهما أوتي من قوة، أن يوقف لا آلة الكتابة ولا اللون والنحت والموسيقى، ولا خيارات المبدع في منجزه الفني النابع من ألم داخلي شديد الشفافية"، مردفا "الفن مخلوق من نور، بجناحين من غيم، كلما ظن بعض هؤلاء القتلة الجدد، أنهم أوقفوه، قام من عمق الرماد ليستمر محلقا في الحياة، والتاريخ البشري يعطينا درسا عادلا في الموضوع، وكم هي النصوص والمنحوتات واللوحات التي حوربت بشراسة لدرجة أن بعضها دمر أو أحرق لكنها استمرت في الخفاء الذي يفرضه الفن من حوله في فترات القهر والموت وفي الوجدان العام أيضا".
مريم. ع