الثقافي
الجزائر ملاذ للهاربين من الخوف في" الكيتش 2011 "
في آخر روايات التونسي الصافي سعيد
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 29 نوفمبر 2016
يتراجع الصافي سعيد عن تسميته الخاسرة للثورات العربية بـ”الربيع العربي” في رواية “الكيتش 2011″، ليعلن بلا تردد أن ما حدث مجرد نفايات، وليصنع رواية زمن الربيع العربي وصعود داعش من تونس نفسها، في الكيتش سيعرف الناس في تونس أو مصر أو سوريا أو ليبيا، كم كانت ثوراتهم يتيمة ولقيطة ومهجّنة، أبطالها من الأنانيموس ومن ضحايا العولمة والشركات العابرة والإسلام الفاشي. إن فكرة الخلاص الجماعي التي يعتنقها الحالمون بعالم أكثر عدلا كثيرا ما تجعل منا في النهاية مغفلين أو تعساء.
الأحداث المعاصرة في “الكيتش” تتكئ بعمق تحليلي على التاريخ القريب والبعيد، فالكاتب عندما يستهلّ الرحلة من تونس وما بين تركيا وإسبانيا وبيروت وصولا إلى الموصل والعودة إلى أنقرة، لا يضيع في الجغرافيا، لأنه لا يغادر التاريخ، فالحوار بين ياسر عرفات وزعماء الكرملين أو صلاة معمر القذافي أمام بريجنيف في الكرملين لا تغادر سياقها، بل تأتي كــونها مكملا لحدث صـناعة داعش وإدارتها من منزل فخم في تركيا كانت تمتلكه عشـــيقة أتاتــورك.
هذه الرواية لا تنتهي، لأن مؤلفها يجعل من الجزائر ملاذا للهاربين من الخوف، وبوصلة أبطالها الباقين تتجه من تركيا صوب الكيان الصهيوني وكأنها المركز الأخير في صناعة ما يجري وما جرى، من دون أن تخفي الأحداث الإشارة إلى دور قطر! وهذا ما تجسده جمل في متن الرواية مثل “إسرائيل لا تريد أن تجعل من العرب يهودا بينما إيران تريد أن تجعل من سنة العرب شيعة، ومن شيعة العرب إيرانيين” أو “العبقرية اليهودية مع مال العرب من شأنهما أن يصنعا المعجزة، وهل ثمة من معجزة بعد خراب البصرة”.
أو “لا شيء يجعلني حزينا وأكثر حزنا حين أجد أناسا يصفقون لداعش أو يمتدحون القرضاوي أو يتحدثون عن الوطنية على مائدة السفير الأميركي”. يقول الصافي سعيد “نعم أبطال الكيتش صنعوا طريقا للذهاب أو للعناق مع إسرائيل، الكيتش هو قصة كفاح من أجل الوصول إلى إسرائيل! يخت إلياهو دانيال هو الذي يتجول في البحر المتوسط من المغرب إلى إسبانيا ثم إلى تونس ثم إلى إسطنبول.
في أسطنبول وفي بيت “آل أوشاكي” عقدت أقذر الصفقات بين كريم كروان ومصعب الصراف وإلياهو دنيال ورشدي العطار وفؤاد عبدي، ورأينا كيف تصبح مصائر الشعوب تحت قبضة رجال الأعمال! أنا لم أتهم أحدا في الرواية بأنه كان وراء داعش، بل رويت عبر أبطال آخرين ما حدث.
فريدة. س