الثقافي
بن سعيد شريفي يتأسف على حال الخط المغربي ويؤكد على أن فن الخط في الجزائر في "تطور كبير"
المهرجان الدولي للخط العربي والمنمنمات والزخرفة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 27 سبتمبر 2016
أكد الخطاط الجزائري محمد بن سعيد شريفي أن فن الخط في الجزائر في "تطور كبير" كما يعكسه خصوصا نجاح الخطاطين الجزائريين في مختلف المسابقات الدولية، واعتبر الخطاط -على هامش فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للخط العربي والمنمنمات والزخرفة بالجزائر- أن الفنانين الجزائرين" تميزوا في السنوات الأخيرة بإبداعاتهم في مختلف أنواع الخطوط "غير أنه تأسف ل"عدم تطور" الخط المغربي و"عدم مواكبته" لبقية الخطوط المشرقية الأخرى.
وقال المتحدث في سياق كلامه أن الخط المغربي المنتشر في البلدان المغاربية والشمال إفريقية "لا يخدم الخطاطين" حاليا خصوصا وأنه "لم يتطور تاريخيا على غرار بقية الخطوط المشرقية كما أنه "لايزال مكبلا بالخط الكوفي القديم" مضيفا أنه "لا يحوي قواعد وبالتالي فهو كتابة وليس بخط".
وثمن المتحدث مع ذلك "اهتمام" الخطاطين الجزائريين بهذا الخط غير أنه أكد في نفس الوقت على أن "أغلب" الخطاطين في الجزائر والبلدان المغاربية يكتبون بالخطوط المشرقية التي طغت عليه، وأوضح المتحدث، أن الخطوط تتطور مع تطور الحضارات واستمراريتها واستقرارها ضاربا المثل بالمدرسة التركية التي "طورت معظم" الخطوط المعروفة اليوم والتي منها خرج "أحسنها" على غرار الديواني الجلي والديواني والرقعة مضيفا أنها المدرسة "الأرقى".
وأشاد الخطاط من جهة أخرى بتنظيم المهرجان الثقافي الدولي للخط العربي والمنمنمات والزخرفة بالجزائر معتبرا إياه "مناسبة مهمة" لتبادل الخبرات بين خطاطين وفنانين من مختلف بلدان العالم ومن مختلف الديانات.
وعن مسابقة المهرجان في فئة الخط العربي اعتبر شريفي -الذي يرأس لجنة تحكيمها- أن الاختيار بين المتنافسين على الجوائز "صعب جدا" لقلة الأعمال المشاركة وتشابهها وأيضا لحضور فرعين الكلاسيكي والحروفي معاصر.
يعتبر الخطاط محمد بن سعيد شريفي من أبرز الخطاطين الجزائريين حيث حاز العديد من الجوائز كان آخرها جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب 2015 (سلطنة عمان) في فئة الخط العربي كما كرم في العديد من البلدان العربية.
وعرف الفنان -الذي تتلمذ على أيدي كبار الخطاطين الأتراك- بكتابته للقرآن وبتصميمه للعملات النقدية الجزائرية وأيضا برسمه لشهادات التعليم العالي وكذا بمؤلفاته البحثية العلمية الخاصة بفن الخط. تخرج هذا الخطاط -وهو من مواليد القرارة (غرداية) في 1935- من معهد الحياة الثانوي بالقرارة في 1956 قبل أن ينال شهادة خطاط من مدرسة تحسين الخطوط العربية بالقاهرة في 1962 ليدرس بعدها بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة بالعاصمة وهو حاليا عضو شرفي بلجنة تحكيم مركز "أرسيكا" للتاريخ والأبحاث والفنون الإسلامية باسطمبول التابع لمنظمة التعاون الإسلامي.
وفي شأن متصل، يعرض عدد من الفنانين الجزائريين والأجانب بقصر الثقافة "مفدي زكريا" أزيد من 200 لوحة فنية في الخط العربي والمنمنمات، مبدعين من خلالها في استحضار جماليات وأساليب أهم مدارسهما الفنية في العالم، وقدّموا في معرض جماعي إبداعات رائدة في الخط العربي، تنوّعت بين فنون الخط الكلاسيكي التي أحسن خطاطوها في تشكيلها وبين "الحروفية" المعاصرة التي تركت للزائرين مجالا واسعا للتأمّل وحرية كبيرة في التأويل.
لوحات مميزة في خط الثلث الجلي أبدع في عرضها التركي يلماز توران على خلفيات مزخرفة عكست آيات قرآنية تمجد الخالق، وأخرى في "النستعليق" أحسن الإيراني أمير أحمد فلسفي في تشكيلها، بالإضافة إلى إبداعات أخرى غيرها، على غرار لوحة الجزائري قاسي كريم في الكوفي المربع المتناظر، وكان للخط المغربي المعروفة به البلدان المغاربية والشمال إفريقية عموما نصيب من المعرض، رغم حشمة حضوره مقارنة ببقية الخطوط المشرقية، حيث قدم الجزائريان بودراف محمد وبناي محمد السعيد أعمالا في نوع المبسوط، في حين عرض المغربي عبد الرحيم قولين إبداعاته في نوع المجوهر.
ولم تغب الحروفية المعاصرة عن هذه التظاهرة، حيث قدم بعض الفنانين أعمالا جميلة جمعت بين روحانية الحروف وموسيقاها وبين تجريد التشكيل وتعبيريته، على غرار أعمال الجزائريين المقبض صالح ورضا جمعي.
ورغم طغيان الخط العربي على أجنحة المعرض، إلا أن المنمنمات كان لها حضور أيضا من خلال لوحات رائعة قادمة من تركيا والهند وإيران، تم تقديمها وفق مقاربات جمعت بين الجمال والدقة والإبداع في توظيف الخطوط والألوان ورسم الشخصيات والمناظر وتجسيد الأفكار والإيحاءات، ولعلّ من أبرز المنمنمات التي عكست رؤى فنية جد إبداعية، أعمال الهندي سيسوديا مهندرا سينغ التي جسد عبرها الحياة الريفية والدينية في بعض مناطق بلاده، ولوحات الإيراني سياد فتحي رضا التي عكست بدورها الحياة اليومية الإيرانية، في حين قدم التركي أويصال أيس عملا رائعا عكس حياة الأتراك وتاريخهم وثقافتهم.
هذا وقد اختتمت أمس فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للخط العربي والمنمنمات والزخرفة -الذي عرف مشاركة 116 فنانا من 23 بلدا بالإضافة للجزائر-بقصر الثقافة بالعاصمة.