الثقافي

مجـلة «الأدب الإســـلامي» تبحـــث عــــن تجليـات فلســــطين في الشعـــر الجـــزائري

الكتابة الأدبيـة الجـزائرية سبّاقة في استحــضار القضية

أصدرت رابطة الأدب الإسلامي العالمية بالمملكة العربية السعودية العدد الجديد من مجلة الأدب الإسلامي، والذي حمل رقم: 85، المجلد:22، والخاص بشهر جمادى الأولى 1436هـ - كانون الثاني (يناير) -آذار (مارس) 2015 م، وقد جاءت افتتاحية العدد بعنوان: «تشوهات في خارطة الثقافة العربية»، وقد كتبها مدير تحرير المجلة الدكتور وليد قصاب، ومما ذكره فيها أن من يتأمل خارطة المشهد الثقافي العربي المعاصر لا يشعر بالتفاؤل، حيث تبدو له هذه الخارطة فيها الكثير من التشوهات، ويُرجع الدكتور قصاب الأسباب التي أدت إلى وقوع التشوهات في خارطة الثقافة العربية إلى جملة من العوامل، لعلّ أبرزها عدم وضوح التصور الفكري الذي تصدر عنه الثقافة العربية المعاصرة، فهي كخبط العشواء، أو حاطب ليل، وكل فيها يُغني على ليلاه، مما يجعل الإبداع الثقافي خليطاً متناقضاً ينسف بعضه بعضاً، وقد يلعن بعضه بعضاً، وذلك عائد إلى تعدد - أو تضارب - المصادر والمنابع الثقافية التي يصدر عنها الأدباء والمفكرون.

وعنون بوفـلاقـة أستاذ بجامعة قالمة موضوعه بـ «فلسطين في الشعر الجزائري»، بالقول: « تعد القضية الفلسطينية واحدة من أبرز القضايا التي اهتم بها شعراء الجزائر، فقد رافق الشعر العربي الجزائري قضية فلسطين منذ ظهورها على المسرح العالمي في العشرينيات من القرن الماضي، وكان الشعراء يستغلون كل مناسبة لتأييدها، وقد تابعوها في جميع مراحلها وأطوارها المختلفة منذ إعلان» وعد بلفور« سنة: 1917 م، مرورًا بانتفاضات الشعب الفلسطيني في الثلاثينيات، ثم رفضه  قرار التقسيم، وقد وقف شعراء الجزائر إلى جانب فلسطين والعرب أثناء حرب: 1948 م، ونكسة: 1967 م، ثم تجاوبوا مع انتصارات الثوار الفلسطينيين، وأبطال المقاومة، وأطفال الحجارة بعد ذلك حتى اليوم، فمن يطلع على النتاج الأدبي الجزائري يلاحظ أنَّ الشعراء الجزائريين لم يكونوا معزولين عن قضايا أُمتهم العربية، على الرُّغم من الجدار الحديدي الذي ضربه حولهم الاستعمار الفرنسي منذ  الاحتلال سنة: 1830 م،  وحتى الاستقلال سنة: 1962 م، لأنَّ صلة الشاعر الجزائري بالمشرق العربي  وقضاياه ومشاغله صلة وطيدة وعريقة، وتأتي قضية فلسطين في الصدارة، بِحيث لا نغالي إذا قلنا إن النتاج الأدبي الجزائري، شعرا ونثرا، في القرن الماضي دار في معظمه حول ثلاثة محاور: الوطنية، والعروبة، والوحدة العربية، وفلسطين، ولسنا في حاجة إلى أن نعدّدَ الروابط التي تربط بين فلسطين والجزائر منذ فجر التاريخ العربي حتى الآن. 

في السياق نفسه ذكر بوفلاق في مقاله عن «فلسطين في الشعر الجزائري» ما ذهبت إليه الباحثة الدكتورة فاطمة الزهراء بن يحيى خلال الفصل الأخير من الكتاب لتسليط الضوء على الخصائص الفنية التي ميزت الشعر الجزائري الذي اهتم بالقضية الفلسطينية، وقد بدا لها أن الشعر الجزائري قد عالج القضية الفلسطينية انطلاقاً من نظرة دينية وقومية وإنسانية، ولم يقتصر على الشعر العمودي فحسب، بل انفتح على الشعر الحر أيضاً، وقد كان في مجمله ذا دلالات ثورية وروحية خالصة، وقد حفل الشعر الجزائري بمضامين عميقة، وواكب تطورات القضية الفلسطينية بدقة، وهاجم بعض الحكام المتخاذلين، وصبّ  غضبه على الجرائم الصهيونية المرتكبة في حق الشعب الفلسطيني المقاوم والصامد في وجه المظالم،كما أنه لم ينطلق من نظرة عنصرية وعصبية، بل كان هادفاً وواقعياً في طرحه للقضية الفلسطينية وطرائق حلها من خلال انطلاقه من أسس واقعية يمليها على الشعراء التاريخ والحقائق التي تؤكد حق الشعب الفلسطيني في تحرير كامل أراضيه المغتصبة.

 وقد ذهبت المؤلفة في رصدها للأبعاد الإنسانية التي ميزت الشعر الجزائري الذي كُتب عن القضية الفلسطينية إلى أنه مثل ظاهرة إنسانية واحدة وهي المناداة بالحرية، والتحرر، كما مزج بين القضية الفلسطينية والقضايا التحررية في العالم، وتميز برؤيته المقاومة والواقعية الدقيقة، ومن أبرز الظواهر الفنية التي لاحظتها المؤلفة في الشعر الجزائري الذي تناول القضية الفلسطينية التعبير عن المعاني بأسلوب صريح ومباشر، واستعمال أساليب السخرية في تصوير بعض الظواهر، والاقتباس من التراث الديني ولاسيما من القرآن الكريم والتراث الشعري العربي القديم.

فريدة. س

 

من نفس القسم الثقافي