الثقافي
الدكتور بيشي يناقش "حرية المعتقد في الإسلام"
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 14 أوت 2016
أصدرت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في إطار تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية"، كتابا بعنوان "حرية المعتقد في الإسلام، دراسة تأصيلية" للدكتور محمد عبد الحليم بيشي، الذي تناول في أربعمائة صفحة وخمسة مباحث رئيسية أهم الأسئلة إحراجا وأكثرها جدلا في عالم اليوم الذي يشهد الكثير من الصراعات والحروب الأهلية، تشكّل المنطلقات العقدية أهم أسبابها، والتي يتوقع أن تكون تكاليفها باهظة إذا استمرت في ممارسة سلطانها على العقول.
الكتاب صدر في وقت تعرف فيه الجزائر نقاشا واسعا حول المرجعية الفقهية والإيديولوجية العامة للمجتمع، الذي يتوقع أن يرتفع وقعها وتتعدّد أطرافها، وتزداد تأثيراتها في المستقبل، وفي هذا السياق، اعتبر الدكتور بيشي الأستاذ بجامعة الجزائر، أنّ الوقت مناسب لاتخاذ مسارات جديدة لهذا النقاش، انطلاقا من الخلفيات العقدية الإيديولوجية والأسس التي تقوم عليها السلوكات العنفية، المبرّرة من الاختلاف الديني أو المذهبي، مؤكّدا على ضرورة التأسيس للحرية العقدية بعيدا عن كل الإكراهات والتيارات المساندة لها.
«حرية المعتقد في الإسلام، دراسة تأصيلية"، مرافعة جريئة لصالح المذهب الأشعري، المؤسّس للمرجعية العامة في منطقة المغرب العربي، كما تناول الكتاب محاججة برهانية قوية للتيارات الوهابية القديمة، والجديدة منها وبالذات المدخلية منها، ليجعل الدكتور محمد عبد الحليم بيشي، كتابه منصة لمناوشة التيارات الدينية الجديدة، من خلال مناوشة الأرضية التأسيسية لمنهجية وسلوكات هذه التيارات.
يتضمّن الكتاب أيضا قراءة جديدة لمفهوم الدين والعقيدة، ومن شأن هذه القراءة أن تثير الكثير من ردود الفعل، من طرف تلك التيارات التقليدية كونه اعتمد على المنهجية العلمية الحديثة، التي بإمكانها أن تفتح الآفاق أمام الأجيال الجديدة وتزيل عن طريقهم تلك المزالق الخطيرة التي يمكن أن يقعوا فيها.
وتناول هذا المصنف، إشكالية حرية المعتقد من خلال ثنائية الدعوة للإيمان والبلاغ والأعراض، وهي الإشكالية التي تنطلق من مفاهيمها التقليدية، الكثير من الحركات الجهادية والجماعات المسلحة. وقد حرص الدكتور بيشي، على جعل الكتاب مواجهة صريحة مع هذه الجماعات والتيارات الفكرية التي تساندها، وفي مقدمتها التيارات الوهابية وتجلياتها المدخلية الجديدة.
وقد عمل الدكتور محمد عبد الحليم بيشي، على الاشتغال على محور أسس التصحيح والبناء، في النظرة العلمية الجديدة لمفهوم العقيدة للانتقال نحو الحرية والتعايش الحضاري، مقدما قراءة جديدة لهذا الاتجاه من خلال الكثير من الأمثلة، بداية بالأنبياء والتجارب الدينية التاريخية المتعددة، سواء كان ذلك التجاذب داخل العقيدة الإسلامية نفسها، بمختلف اتجاهاتها أو مع الديانات الأخرى، الأمر الذي يجعل من الدعوة إلى التعايش الفرصة المناسبة والأقل تكلفة في مواجهة التهديدات الكبرى.
فريدة. س