الثقافي

السينما المصرية حاضرة في مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي بـ "نوارة"

يرصد أبعاد الثراء والفقر بعد ثورة يناير

 

يشارك الفيلم المصري "نوارة" في الدورة التاسعة من مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي بالجزائر، التي من المقرر إقامتها من 22 وحتى 27 جويلية الجاري.

في فيلم «نوارة» للممثلة منة شلبي ومحمود حميدة والممثل أمير صلاح الدين وشيرين رضا ورجاء حسين، وتأليف وإخراج هالة خليل مؤلفة ومخرجة موهوبة وتقترب من المدرسة الواقعية وتعتمد على بساطة القصة دون فلسفة أو تنظير، لكن في فيلم «نوارة» وضعت السم في العسل وسربت «الشك واليقين» في آن واحد حول شرعية ثورة 25 يناير من خلال تأثير هذه الثورة على عالمين في منتهى التباعد والتناقض، عالم «نوارة» المتشبع في الفقر حتى النخاع فهي فتاة بسيطة ومثالية بشكل كبير وكأنها ليست في هذا البلد كما يقدمها الفيلم، وتعيش مع جدتها «رجاء حسين»، وهي قدمت دوراً بسيطاً لكنه مقنع ويشع إبداعاً، وتعيش نوارة قصة حب مع جارها «حسين» «أمير صلاح الدين» الذى يجد نفسه يعيش على الهامش مثل الملايين من الشباب العاطل في طابور البطالة، وزيادة في تأكيد هذه الحالة المزرية للفقر نقلت كاميرا «هالة خليل» بعضاً من معاناة المهمشين في رحلة العلاج بالمستشفيات الحكومية، ورغم كل ما تعانيه «نوارة» في حياتها من بؤس وشقاء وحب على حافة الهاوية مع الشاب «النوبي» الذى رصدت خليل قضيته في خيط درامي قصير للعلم فقط، لكنها تخدم في قصر وزير سابق «محمود حميدة وزوجته شيرين رضا» وابنته وابنه الذى يعيش في الخارج، وهنا يظهر حالة الفقر واللا حياة في الحي الذى تسكنه نوارة وحالة الثراء بلا حدود داخل القصر حتى يهرب الوزير السابق وأسرته بعد القبض على «مبارك» ويترك القصر أمانة في يد «نوارة» والحارس أحمد راتب وتعيش نوارة حالة من الصراع النفسي بسبب تخبط خطيبها الذي عقد قرانه عليها منذ سنوات ولا يجد مكاناً يجمعه بزوجته وبين الأزمات التي تحملتها نوارة بعدم دخول أحد القصر حتى تسمح له بالحياة معها وخطف ساعات المتعة الشرعية، كما يصورها الفيلم، وأجادت المخرجة بنقلات الحوار والصورة من حياة البؤس والشقاء لحياة الثراء وتأثير ثورة 25 يناير على كلتا الطبقتين، لكن في النهاية تظهر وجهة نظرها بأن الثورة قضت على أحلام البسطاء، وأنهم دائماً ما يدفعون ثمن جرائم الأثرياءـ عندما تجد فجأة لجنة من النيابة تتحفظ على قصر الوزير الهارب ويتم اتهامها بالسرقة والقبض عليها وتبدد حلمها بالزواج والحياة وتدفع ثمن وفائها الذي أسقطته هالة خليل من عالمنا عندما تم قتل كلب ابنة الوزير «بوتش» على يد شقيقه الوزير الهارب في مشهد يؤكد أن عالم الأثرياء سيستمر، وأن الفقراء ما هم إلا خدم.

الواضح من سياق الفيلم أن «نوارة» هي رمز لمصر التي تضحى وتناضل وتتحمل ودائماً تدفع ثمن تهور أبنائها وقدمتها في مثالية شديدة استفزت الجمهور رغم الأداء الراقي والمتميز لمنة شلبي التي استغربت الدور وشربته حتى النخاع لدرجة الإبداع وتفوقت على نفسها، وإن كان يحتاج شيئاً من «التمرد» الذي عاشه معظم المصريين بعد ثورة يناير مثلما حدث مع زوجها حسن وجدتها «رجاء حسين» عندما احتدت على موظفي الحي الذين جاءوا ليوصلوا مواسير المياه الحلوة للحارة لكنهم طلبوا ثمناً مبالغاً فيه، وهو مشهد له مغزى درامي كبير.

فريدة. س

 

من نفس القسم الثقافي