الثقافي

رواية" سيرة المنتهى "، لواسيني الأعرج نمط غير مألوف في كتابة الذات

لم تصنف ضمن السيرة الذاتية

 

قالت الناقدة المصرية، نانسي ابراهيم، إن رواية "سيرة المنتهى.. عشتها كما اشتهتني"، الصادرة عن دار الآداب/ بيروت في طبعتها الأولى والتي تناهز صفحاتها  الستمائة صفحة من القطع المتوسط، "ليست هي الرواية الأولى لواسيني الأعرج، وليست الأخيرة حتى هذه اللحظة، وليست رواية بالمعنى التقليدي وليست سيرة بالصورة المألوفة، ليست حقيقية في المطلق، وليست خيالية بالأساس"، واصفة إياها بالــ "نمط غير المألوف في كتابة الذات، متجذرة في عمق الأرض قدر ما تحلق نحو السماء، هناك.. حيث "سدرة المنتهى" .

وتطرقت الناقدة في بحثها عن "فانتازيا السرد" في ذات الرواية، عن ثلاثة محاور رئيسية وهي مصطلح "الفانتازيا" باعتباره "مصطلح حداثي - بصورة نسبية -أصبح صالحا للتعامل مع الكثير من الفنون المختلفة كالرسم والموسيقى والتصوير والسينما وانتقل مؤخرا إلى الواقع الأدبي- ولاسيما السردي- فتماهى مع الواقعية السردية والعجائبية".

والثاني هو "السيرة الذاتية"، حيث أن "النص الذي بين أيدينا هو سيرة ذاتية تمثل حياة كاتبها وأهم الشخوص والأحداث والوقائع والمؤثرات الحقيقية في تكوينه بصورة إنسانية وإبداعية، فيما أن الثالث هو "الرواية" باعتبار أن ذات العمل الإبداعي "يضم كل المكونات المألوفة لكتابة الرواية التي برع الكاتب في كتابتها على نحو يتجاوز العشرين رواية، وحصد عنها العديد من الجوائز، منها جائزة "كتارا" عن روايته "مملكة الفراشة" التي فازت أيضا بجائزة التمثيل الدرامي".

وقالت نانسي ابراهيم، عند حديثها عن المحور الأول "الفانتازيا" -حسب معجم المصطلحات الأدبية- المعاصرة لسعيد علوش فهي "عملية تشكيل تخيلات لا تمتلك وجودًا فعليًا ويستحيل تحقيقها"، وهي أيضا "عمل أدبي يتحرر من منطق الواقع والحقيقة في سرده مبالغا في افتتان خيال القارئ، أما عند معجم "ابتر" فهي "القوة الدافعة وراء استبطان الواقع"، لتجمعها بعد ذلك في تعريف "جامع مختصر" لها، عن طريق "قراءات مختلفة هي مزج الواقعي بالمتخيل بصورة تعتمد على عناصر ميتافيزيقية لتشكل صورة لعالم بديل يتكئ على أطراف معادلة".

ثم انتقلت بعد ذلك إلى "الفانتازيا من الجانب الروائي، حيث قالت أنها "بناء يقف في منطقة الأعراف بين الواقعي والمتخيل/المنطقي واللامنطقي/الجنة والنار/الخير والشر ..الخ من العناصر الأسطورية أو الشعبية المتوارثة، وقد بدأت تلك التوظيفات بشكل واع منذ نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين ولاسيما في قصص "السيف والسحر" سنة 1950 وقصص "مصيدة الفئران الرمادية" ورواية سيد الخواتم للكاتب البريطاني ج. ر. ر. تولكين التي بدأت كتتمة لكتابه السابق "الهوبيت" ثم تطورت إلى قصة أكبر بكثير، كُتبت على مراحل بين 1937 و1949، وكثير منها كُتب خلال الحرب العالمية الثانية، لكنها بدأت تشق طريقها بوضوح عند "ماركيز" الذي ارتبط اسمه بالواقعية السحرية كأسلوب روائي.. مصرحا بأنه تربى على حكايات جدته الخرافية عن حكايات المسخ لكافكا، وألف ليلة وليلة وغيرهما حتى جاءت الكثير من رواياته تحمل ذلك النمط الكتابي الذي يهدف إلى خلخلة الحدود بين الواقعي والمتخيل.. ومن ثم أصبح المصطلح قابلاً للممارسة التطبيقية الروائية والنقدية على حد سواء".

وأضافت نانسي أنه عند الانتقال من الاصطلاح نحو الإجراء التطبيقي في الرواية التي بين أيدينا، سنجدها وقد اعتمدت ذلك القالب الفانتازي في رصد أحداث واقعية منذ بداية العنوان وحتى لحظة انفصال السارد الحقيقي الضمني المنسوج في عوالم غيبية إلى السارد الحقيقي المحض معلنا انتهاء سرده الواقعي المتخيل في الصفحة 556، "هكذا انتهت الصفحات الأخيرة من سيرتي، عشتها كما اشتهتني ولم ينته صخب الكتابة.. لتأتي الصفحات التالية بشخوص واقعية معاصرة من نسج آخر" .

وخلصت الناقدة بالقول أنه "هكذا كانت العتبات النصية جميعها تصب في نمط سردي موجه نحو رحلة مروية تعتمد على الغيبي، فجاءت الاقتباسات بين رسالتين؛ الأولى موجهة إلى "ميترا" في صورة شاعرية بتوقيع حقيقي (واسيني).. والثانية موجهة إلى (الجد/الروخو) ، ممهدة لانطلاقة نحو العالم الآخر في رحلة عبر الذات الحقيقية المتخيلة لأحداث عالم بديل.

فريدة. س

من نفس القسم الثقافي