الثقافي

كتاب "الجزائر من خلال أرشيفها"... قصة في ذاكرة أمة

يبحث في أرشيف الجزائر ويسجل مختلف الوثائق والمخطوطات التي تطرقت إلى التاريخ

 

صدر مؤخرا عن دار النشر القصبة، كتاب جديد للباحثة و المختصة في الأرشيف، السيدة سعيدة بن شيخ بولنوار، يحمل عنوان " الجزائر من خلال أرشيفها، من مملكة تيهرت إلى الاستعمار ( من القرن الثامن إلى القرن العشرين ميلاد)"، يبحث هذا الكتاب في أرشيف الجزائر، و يسجل و يدرج مختلف الوثائق و المخطوطات التي تطرقت إلى التاريخ الثري لبلادنا. إذ تقول الباحثة سعيدة بن شيخ بولنوار، إن أرشيف الجزائر في الحقبة العربية الاسلامية و العثمانية، نادرا و يكاد يكون مفقود أو غير مسجل.

ويمثل الأرشيف بالنسبة لأي مجتمع و وطن الإجابة الموضوعية و الحاسمة لأسئلة تاريخية هامة التي تُكون ذاكرة الأمة. فالأرشيف يُمكن من الإجابة على كيفية تأسيس أولى الدول و الماميلك في الجزائر خلال الحقبة الإسلامية، و ماهي أهم العائلات البربرية المسلمة و كيف ضربت المجاعة الجزائر بالرغم من أنها كانت تمول اسطنبول و فرنسا بالقمح، و كيف تمكنت أوبئة من القضاء على قبائل بأكملها و ماهي علاقة الجزائر بالعالم؟ و غيرها من الأسئلة التي يمكن للأرشيف الإجابة عنها.

فتكوين المعرفة المشتركة للجزائريين يعد رهان ذو أبعاد متعددة اليوم، ويشكل الأرشيف الحجر الأساسي في هذا المجال.

فكيف يمكن لبلد من حجم الجزائر الذي ساهم في تطور الحضارة العربية الإسلامية و كان بلدا محوريا في البحر الأبيض المتوسط، أن لا يملك أرشيفا غزيرا فيما يخص تلك الفترات التاريخية؟

في هذا الصدد، توضح الباحثة أن ندرة الأرشيف الجزائري لا يعني عدم وجود مؤسسات كانت توثق و تسجل عمل مختلف المملكات أو حاجيات السكان مثل العقار و المراسلات و غيرها، بل راجع لضياع تلك المادة الأرشيفية. و تستشهد بقول ألبير دي فولكس، الذي كان محافظا للأرشيف  العربي لمصلحة التوثيق والعقار و المالية للجمعية التاريخية الجزائرية خلال الأربعينيات والخمسينيات من القرن التاسع عشر غداة بداية الاستعمار الفرنسي في الجزائر:" لقد وقع في يدي أكثر من 100 ألف وثيقة". فالجزائر قبل الاستعمار الفرنسي كانت تملك تراثا أرشيفيا ضخما و زاخرا.

وتشدد الباحثة في كتابها على ضرورة البحث عن أرشيف الجزائر، فالكثير من المادة الأرشيفية متبعثرة هنا و هناك، داخل الجزائر و خارجها. فبلدان مثل فرنسا و تركيا، تملك جزء هام من الأرشيف الجزائري. كما أن الجزائر كانت في العصور السالفة على اتصال بمختلف الممالك و الدول. و تشير إلى ضرورة البحث في الأرشيف التونسي و تسجيل الرسائل المتبادلة بين الأمراء. كما أن العائلات الجزائرية في حد ذاتها تملك مخطوطات نادرة. و وتدعو إلى ضرورة تشجيعها على منح أرشيفها. و تشدد على ضرورة البحث في مكتبات المساجد و لدى الزوايا و الكتاتيب نظرا لامتلاكها جزء معتبر من المخطوطات.

و تتطرق الكتابة إلى مختلف الممامليك من الدولة الرستمية إلى الفاطميين مرورا بالمرابطين والأغالبة، وصولا إلى العهد العثماني. حيث تدرس في كل محطة تاريخية المؤسسات التي كانت تنتج المادة الأرشيفية مثل الدواوين و المساجد و المدارس و الكتاتيب و مختلف المجموعات الدينية و غيرها. و تتطرق أيضا إلى أهم المراجع التاريخية لكل دولة و أهم الشخصيات التي دونت الأحداث.

مريم. ع

من نفس القسم الثقافي