الثقافي
دار القصبة تصدر مذكرات " جي بيدوس " في طبعتها الجزائرية
خصص ما يناهز 100 صفحة من أصل 190 لطفولته في الجزائر
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 28 مارس 2016
أصدرت دار النشر القصبة مؤخرا، مذكرات الممثل الفرنسي الشهير جي بيدوس، تحت عنوان " مذكرات ما وراء الأم"، ويعد جي بيدوس، ممثل فكاهي فرنسي شهير، و له مواقف شجاعة، إذ يعتبر نفسه أنه فنانا مناضلا، لا يقف أبدا محايدا تجاه القضايا التي تمس مجتمعه، يضع نفسه في اليسار الفرنسي، وهو مشهور جدا فيما يخص فضحه لمخططات اليمين الفرنسي المتطرف، في تمثيلياته الفكاهية، شخصياته المحبوبة التي يُعجِّب بها و يسخر منها، تكاد تكون دائما الشخصيات السياسية الفرنسية، كما يدافع جي بيدوس عن الإنسان كإنسان و يكفر بكل ما يفرقه سواء كان أصله أو عرقه أو دينه.
وجي بيدوس، هو من الأقدام السوداء التي عاشت في الجزائر حيث ولد في سنة 1934، في الجزائر العاصمة و عاش في القبة كما عاش في سوق أهرس و قسنطينة و عنابة، قبل أن يرحل إلى فرنسا في سنة 1950.
وفي مذكراته، التي خصص ما يناهز 100 صفحة من أصل 190 لطفولته في الجزائر، يقول بيدوس أن طفولته الصعبة كانت حاسمة في أن يتحول إلى فنان فكاهي، حيث والداه تطلقا و سنه لا يتجاوز الرابعة مما اضطره إلى العيش مع أمه و زوجها. كان لا يحب زوج أمه الذي كان لا يتردد أبدا في ضربه، كما أن أمه لم تكن ممن يعطف عليه و يهتم لشأنه كثيرا.
عموما طفولته الصعبة كانت حاسمة في أن يصبح فنانا من بعد. فمشواره الفني بدأ في السن السابعة عشرة بعدما رحلت عائلته إلى باريس في سنة 1950 ليصبح بعد ذلك من أشهر الفكاهيين الفرنسيين.
و في علاقته بالجزائر، يعتبر بيدوس نفسه من الأقدام الحمراء، و هو الوصف الذي يطلقه الأقدام السوداء على كل من يدافع عن الجزائريين. ويقول في مذكراته أنه اضطر ليمتنع عن الأكل كي لا يجند في صفوف الجيش الفرنسي، و بالتالي فيداه ليست ملطختان بالدم. كان معجبا كثيرا بألبير كامو.
و في هذا السياق، ما يمكن القول عن مذكرات جي بوديس، أنها مثل " الغريب" لألبير كامو، فهي لا تذكر و لا اسما واحدا جزائريا في الطفولة، و لا صديقا واحد. تحكي عن أسرة من الأقدام السوداء مثلها مثل أغلب العائلات العادية التي كانت تعيش في الجزائر خلال الاستعمار الفرنسي، فذلك الجزائري من الأهالي بعيد عن حياتهم لا يرقى لأن يصادقهم و أو يكون قريب منهم.
صحيح أن بوديس كان ساخطا على الظلم الذي كان يتعرض له " الأهالي"، ساخطا على الفقر و التعاسة التي كانت تخيم على حياتهم، صحيح ساخط على الجهل الذي يسودهم و الأمية و الشقاء. لكن ما غفل عنه بوديس أو تجاهله، مثلما ما غفل عنه ألبير كامو و تجاهله، أن الجزائريين كافحوا من أجل استقلال وطنهم ليس بسبب الفقر و الجهل و التعاسة و غيرها و لكن أولا و قبل كل شيء من أجل الحرية و التحرر و من أجل استرجاع كرامتهم كإنسان حر و استرجاع هويتهم الحقيقية.
عموما مذكرات جي بوديس، قوية جدا في تعبيرها و أسلوبها. بوديس يروي حياته الثرية في عدة صفحات و طفولته في الجزائر تطبع أغلب ذكرياته.
مريم. ع