الثقافي
تونس آيت علي تسلط الضوء على الآلام الصامتة للنساء
من خلال مونولوغ" الراحلة "
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 26 فيفري 2016
أثبت مونولوغ "الراحلة" الذي أدته نهاية الأسبوع الماضي الفنانة تونس آيت علي و الذي سلط الضوء على الآلام الصامتة للنساء أنه بإمكان المونولوج ذلك اللفظ الذي لطالما ارتبط بالضحك أن يكون مؤثرا و باعثا للتفكير، فمن خلال هذا العرض المنظم في إطار شهر المونولوغ غاصت آيت علي على مدار ساعة في المتاهات التي تعيش فيها عديد المجتمعات عندما يتعلق الأمر بظروف النساء و نقلت الألم النفسي و العزلة الداخلية التي تعاني منها العديد منهن.
و يرفع ستار هذا المونولوغ على الراحلة تلك المرأة التي يدل اسمها على فكرة المغادرة و السفر و هي تسير بخطوات متثاقلة على الخشبة و هي تصرخ "ابنتي"، و تطلق الممثلة التي رافقها حسين بن شميسة على القيثارة الكئيبة ثم القرقابو صرخة حادة تستعيد من خلالها قصة جرح غائر لامرأة غير محبوبة و مشوشة تعرضت للعنف و سوء المعاملة.
و من خلال تسخير كامل جهدها و موهبتها لإبراز المشاهد "السوداء" في هذا العمل تروي الراحلة حياة المعاناة التي بدأت في منزل عائلي بارد و خالي من العاطفة لطالما كان فيه التمييز بين الذكور و الإناث يثير المشاكل، و دون كسر لحبكة القصة تتقمص تونس أيضا دور أمها و الحماة و الزوجة و من خلال ذلك تصنع الدراما الداخلية للزواج بالإكراه من خلال تصوير انغلاق أم مطلقة تعيش مع ابنتها على نفسها ضمن سياق اجتماعي غير متوازن مليء بالتناقضات و دون أي شفقة.
و من خلال توظيفها للتعابير الجسدية ترى الراحلة التي أدت دورها تونس آيت علي بكل إقناع الأمل في ابنتها التي رمزت لها بفستان صغير معلق و تتمسك بزوج جديد كان يبدو محبا و حنونا، لكن الأمور سرعان ما اسودت عندما تدرك بأن تلك التي قامت من أجلها بجميع الحروب أضحت هي الأخرى معنفة من طرف زوج أم خسيس و عديم الضمير.
و يسدل الستار على الموسيقي شقيق الراحلة و هو الشخصية التي لا تعبر عن نفسها سوى عن طريق ألحان حزينة و الذي يواصل "الغناء" على قدر شقيقته.
و في نهاية العرض أعربت تونس آيت علي في تصريحات للصحافة على هامش العرض بأنها حاولت من خلال عرضها الميلودرامي "جعل المتفرج يفكر في الجوانب السيئة و الظواهر السلبية في بعض المجتمعات"، و بعد أن أكدت بأنها لا تخوض "نضالا نسائيا" إنما "إنسانيا" أعلنت الممثلة التي تعد عضوا في الجمعية الثقافية "البهجة" بأن "الراحلة" التي توجت في الأيام المسرحية المغاربية الرابعة ستعرض قريبا بكل من العراق و رام الله "فلسطين" و كراكاس "فنزويلا".
مريم. ع