الثقافي
بوفاتح سبقاق يعود للقصة بمجموعة "لقاء لم يكتمل"
عمود
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 18 ديسمبر 2015
يسعى الكاتب بوفاتح سبقاق لتقديم تفاصيل مؤلمة ومفرحة تواجه الإنسان في حياته اليومية من خلال مجموعته القصصية "لقاء لم يكتمل" التي استثمرت في عالم التواصل الاجتماعي، وتضم المجموعة الصادرة عن منشورات حبر مؤخرا أربعين قصة يسخر فيها بوفاتح من الوضع برمته، ومن رموز التسلط كهيمنة العالم الإفتراضي الذي تمارس فيه الحياة والسياسة والحب.
يقترح الكاتب ليستقطب القارئ، قصة "قبل انتهاء العمر" وهي قصة مختلفة عن مسار باقي النصوص تنتهي بسحرية بالغة عندما يعثر محمود على صديقه القديم سمير وينتشله -أو يعده بذلك- من بؤسه، وفي قصة "حب فايسبوكي" يذعن الكاتب لبطلته التي تعيش في عالم افتراضي وتنأى عن الواقع ويجد لها عاشقا صادقا وحقيقيا ينقذها من هذيان الفايس بوك ويدخلها جنة الحقيقة التي هي "أقرب إليها من شاشة الكمبويتر".
ويتضاعف حضور مجتمع التواصل الاجتماعي الموازي للحياة في قصص سبقاق التي تتناول ألوان هذا العالم وتحكي زيفه وكيف تحول إلى ضرورة ويكتب واحدة من أجمل قصصه من خلال "الزعيم يريد أن يغرد" عن مسؤول يريد أن يلج عالم هذا العالم لكن عبر أحد موظفيه.
في مجموعة "لقاء لم يكتمل" عالم يعرفه الجميع ويغفله أغلبهم، عن إنسان متداول مثل كافة البسطاء فبطل قصته "الشبكة" ذكي بما يكفي لكنه منسي ولا أحد ينتبه إليه ليكتفي بمنصبه بالبلدية الذي يعتبر هامشا في للعالم الإفتراضي.
يحضر الحب كظل لمجموعته كلها الحب الذي يعمرفي دواخلنا بعد سنوات وان كان "لقاء لم يكتمل" وهو ما يسكن قلب العاشق المهجور في قصتي "القرار الأخير" و"الوداع الأخير" حيث صدمة العاشقين.
لا يبدو سبقاق في هذه المجموعة قاصا وروائيا فحسب هو أيضا متأمل للوضع وعوض أن يكون كاتبا ومحللا ويحرق أعصابه بالتحاليل التي لا يقرأ عناوينها إلا المهتمين اختار أن يستلهم الواقع بكثافة ويقولبه ضمن قصصه، ويعرى الكاتب وجه الزعماء الذين تساقطوا تباعا خلال ما يعرف بـ"الربيع العربي" والذين "يقفون على رخام مزيف وهش" من خلال قصة "الساعات الأخيرة للرئيس" برسم اريكاتوري.
وفي قصة "رئيس من الأرشيف" يصف مفهوم خادم السلطة وليس "رجل الدول" هذا الأخير كان بطل قصة بالعنوان ذاته في المجموعة وهو نموذج كئيب للخادم الأعمى الذي لا تهمه شؤون الدولة بقدر وضعه الخاص.
ينتقل الكاتب في أشكال القصة من القصة الكلاسيكية إلى القصة القصيرة جدا بسهولة، وليس في بناء قصصه ما يصدم المتلقي، كما أن لغته مباشرة وبسيطة تلائم طبيعة الحوارات الشخصيات التي تناولها.
ويصور سبقاق أبطاله أقرب إلى شخوص الواقع رغم أنه يحكي عن مدمني العالم الإفتراضي وهي المفارقة التي نجح فيها، فهم يعيشون نوعا من الفصام بين عالمين دون أن ينتبهوا إلى أنفسهم، تشهد القصة القصيرة شحا كبيرا في الإصدارات في المشهد الأدبي الجزائري ما يحسب للروائي والقاص أنه محاولة لإنصاف هذا الجنس الذي لم يعد محل اهتمام من قبل الناشرين.
صدر لسبقاق روايتي "رجل الأفكار" و"الاعصار الهادئ" ومجموعة قصصية بعنوان "الرقص مع الكلاب"، وهو إطار في الإدارة الجزائرية وسبق له أن أسس منافسة لاختيار أهم رواية جزائرية لدى القراء من خلال التصويت على موقعه الخاص.
بقلم/ اسماعيل يبرير