الثقافي

مطالب بترقية ومرافقة الناشرين "الصغار" من أجل دعم الإبداع والثقافة الجزائرية

المهنيون طالبوا بضرورة الرقيّ بالصالون نحو الاحترافية





شكلت الطبعة العشرين من صالون الجزائر الدولي للكتاب، فرصة أخرى للوقوف على النقائص التي تكتنف عالم النشر في الجزائر، وفي وقت دافع فيه الناشرون المرموقون وأصحاب الباع الطويل في المجال، بضرورة الذهاب نحو احترافية في المعرض خلال طبعاته القادمة، ناشد ناشرون آخرون خاصة الوافدين الجدد على عالم الطباعة والنشر والتوزيع الوصاية وبالدرجة الأولى وزارة الثقافة بضرورة دعم نشاط هؤلاء وفتح المجال أمامهم من أجل دعم الابداع والثقافة الجزائرية، وتتزامن هذه الدعوات بعد أن واجه العديد من الناشرين مصاعب جمّة في السنتين الماضيتين وخاصة في إطار برنامج الدعم الموجه لهم ضمن صندوق دعم الابداع الذي أوقفته وزيرة القطاع السابقة نادية لعبيدي وإقصاءها لعدد هام من المشاريع التي تعنى بالإبداع والثقافة والبحث والدراسات من برنامج قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، التي تم تحويل أغلبها إلى الصندوق ذاته بعد مجيء وزير القطاع الجديد عز الدين ميهوبي، إلا أن ذك لا يعد كافيا أمام ارتفاع كبير في تكاليف إنتاج الأعمال في المطابع، وحرص الناشرون خلال هذا المعرض على طرح انشغالاتهم حول الموضوع على الوزير الذي وعد بتسوية وضعية القطاع مباشرة بعد صدور قانون الكتاب الذي سينظم القطاع على حدّ تعبيره.
إلى ذلك رأى عدد من الناشرين أن المعرض وفي طبعته الـ 20 يكون قد حقق بنسبة توافد هامة وبرنامج متنوع لم يلق استحسان الجميع تكون الطبعة الـ 20 لصالون الجزائر الدولي للكتاب (سيلا) قد استجابت نوعا ما لتطلعات الجمهور الواسع والمهنيين الذين ما فتئوا يطالبون بتحسين التنظيم والرقي بالصالون إلى مرتبة المهنية.
وقد استقبل الصالون -منذ افتتاحه في ال29 أكتوبر الماضي- ضيوفا من آفاق متنوعة بين جامعيين يبحثون عن مؤلفات علمية متخصصة وطلبة ثانويات جذبتهم أجنحة ممثليات أجنبية ذات طابع ثقافي وتعليمي وأولياء يبحثون عن كتب شبه مدرسية وآخرين وجهوا أبصارهم نحو كتب الأدب والدين، ومع أكثر من 900 ناشر حاضر بالصالون -حسب المنظمين- حققت الكتب الأكاديمية أعلى المبيعات رغم ارتفاع أسعارها كما حضي الأدب باهتمام معتبر هذه السنة بحضور العديد من الأدباء الشباب الذين برزوا بإبداعاتهم.
وانخفضت من جهتها مبيعات كتب الدين والأطفال حيث قررت محافظة الصالون تطبيق قانون منع بين الكتب بالجملة بحذافيره عكس الطبعات الماضية.
ويلحظ الزائر للصالون ضعف محتوى كتب الأطفال والشباب رغم التواجد الكبير للناشرين المختصين وقد تأسف الكثير من الأولياء للحضور "البارز" لبعض الكتب الدينية الموجهة للأطفال في الفضاءات التي لا تتناسب وأعمارهم.
وعرفت الممثليات الديبلوماسية الأجنبية على غرار المعهد الفرنسي بالجزائر والمعهد الثقافي البريطاني وجناح سفارة الولايات المتحدة توافدا كبيرا للجامعيين وطلبة الثانويات من أجل تعلم اللغات والتعرف على البرامج الدراسية التي توفرها جامعاتها، ولم يستقطب البرنامج الخاص باللقاءات الفكرية والمحاضرات المنظم على هامش الصالون اهتمام الجمهور باستثناء اليوم الدراسي التاريخي حول مجازر8 ماي 1945 حيث اعتبر بعض الزوار أن سبب هذا العزوف يكمن في نقص المعلومات حول الأنشطة المبرمجة وغياب الملصقات واللافتات الإشهارية.
كما عانى أيضا برنامج هذه الدورة -الذي عرف حضورا مميزا للمؤرخين والباحثين الفرنسيين في محاضرات حول رقمنة الأرشيف والعالم العربي والرهانات الجيواستراتيجية وغيرها- من التأخير أو إلغاء بعض الأنشطة علاوة على نقص في السندات السمعية البصرية واضطراب في توزيع نشرية الصالون.

 مهنية الصالون مطلوبة بإلحاح

عرفت هذه الطبعة ولأول مرة منح جائزة أسيا جبار للرواية لثلاثة روائيين هم عبد الوهاب عيساوي في اللغة العربية عن عمله "سييرا دي لا مويرتي" (جبل الأموات) ورشيد بوخروب في اللغة الأمازيغية عن "تيسليت نو غنيم" وأمين آيت الهادي في اللغة الفرنسية عن عمله "ما بعد الفجر" وهوما اعتبره مهنيو الكتاب والمؤلفين خطوة مهمة في إقرار "الهوية" المهنية للصالون.
وبالرغم من أن اختيار المنظمين ركز هذه السنة على برمجة موجهة أساسا لمهنيي الكتاب بالتعاون مع الناشرين الفرنسيين -الذين اختيرت بلادهم ضيف شرف الدورة- إلا أن هذه المبادرة لم تجد الصدى المرجو لدى الناشرين والكتاب الجزائريين، وقد أثار مهنيون جزائريون وفرنسيون خلال يوم مهني جزائري- فرنسي خصص للناشرين "أزمة" المترجمين إلى اللغة العربية و"ضعف" الشبكة الجزائرية والمغاربية لتوزيع الكتاب معتبرين إياها "عائقا" أمام التعاون الجزائري الفرنسي في مجال النشر، كما أوضح هؤلاء المهنيون أن نقص المترجمين المؤهلين يشكل "عقبة كبيرة" أمام التنازل عن حقوق الكتاب الجزائري أو الأجنبي المكتوب باللغة الفرنسية، وإضافة إلى مطالبتهم ب"ترقية أحسن للناشرين الصغار" دعا المهنيون أيضا إلى "ترويج أفضل للصالون وبرنامجه التنشيطي" في حين تأسف آخرون "لقلة اللقاءات" بين المهنيين الجزائريين والأجانب من كتاب وناشرين وموزعين وصحفيين والتي من شأنها تشجيع وتدعيم التبادل.
كما أبرز هؤلاء ضرورة تخصيص وقت أطول للتحضير للسيلا مشددين على أن الوقت قد حان للارتقاء بالصالون إلى مستوى اللقاءات الدولية المهنية الكبرى بعيدا عن لغة الأرقام التي لا تعكس حقيقة مستوى القراءة ولا واقع سوق الكتاب في الجزائر.
مريم. ع

من نفس القسم الثقافي