الثقافي
رواية "زعفران" دعوة للتأمل في واقع الحياة
على الرفّ
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 21 أكتوبر 2015
يتوهم البشر أنهم يعيشون في "مدن فاضلة"، غافلين عن طمعهم الذي لا ينتهي وظلمهم لمن حولهم، هذا بعض ما تثبته رواية زعفران للأديبة الإماراتية شيماء المرزوقي، مسلطة الضوء على جانب من حياة المعذبين في الأرض. تعد رواية زعفران للأديبة الإماراتية شيماء المرزوقي والصادرة عن دار كتّاب 2015م، في 170 صفحة، دعوة للتأمل في واقعنا المعاصر.
وقد حاولت المرزوقي في روايتها إيصال عدة رسائل منها: أن أنه مهما تزايدت التقنيات ووسائل الاتصال الحديثة، فإن معاناة الإنسان مستمرة، وظلمه لن يتوقف، وإذا لم نملك الإرادة الحقيقية لمساعدة الضعفاء والبؤساء، فإن المنظمات والمؤسسات الحقوقية ستظهر وكأنها هيكل بلا روح لا أكثر، ولن تستطيع القيام بعملها، فالتعاطف شيء، والعمل على مساعدة البؤساء والضعفاء في المجتمع شيء آخر مختلف، والتعاطف لا يعني أنك قمت بدورك، لأنه لن يفيد الجائع ولا المحتاج.
وجاءت الرواية بضمير المتكلم، حيث عدلت المرزوقي عن استخدام ضمير الأنا في الرواية، لتجعل من نفسها جهاز عرض؛ ليستطيع القارئ من خلالها مشاهدة الأحداث.
رواية إنسانية، عن فتاة صغيرة، تم التخلي عنها وقذفتها جدتها في حقول الزعفران وقد كان الموت مصيرها، خاصة أنه تم التخلي عنها في ليلة شتوية ممطرة شديدة الرياح، لكنها غريزة الحياة انتصرت، التقطها المزارع عامر الذي أحسن معاملتها وأسماها زعفران، تيمناً بالمكان الذي وجدها فيه، وكانت تساعده في حقول الزعفران، وساهمت في إنقاذ محصوله الثمين، الذي كان في طريق الدمار، وبسببها أصبح المزارع عامر أكثر غنى وثراء، وفارق عامر الحياة وهو في الغربة، لتبدأ فصول جديدة من المعاناة، حيث استعبدت زعفران، وأدركت أن كل ما في الحياة أثمن منها، فهي يجب أن تتحمل القسوة والجوع وتتجرع العنف والموت مادامت على قيد الحياة، وكانت مهارتها في التعامل مع نباتات الزعفران الثمينة محل استغلال دائم، فقط الخالة هناء كانت الوحيدة التي عطفت على زعفران ومنحتها قليلاً من الدفء، الذي لم تجده بين أولئك الوحوش.
التحقت زعفران بالمدرسة وعلمت معلمتها معاناتها حتى إنها أرسلت خطاباً لهيئة حقوق الطفل، ونسخت منه إلى بعض الصحف، فكتبت لهم عن أصابع زعفران المحترقة وعن ظهرها الممتلئ بآثار السوط وعن آثار الجروح الموزعة في جسدها وعن أسنانها المتكسرة، وبعد مدة انتشر الخبر الذي أحدث ضجة فتحركت هيئة حقوق الطفل بحثاً عن زعفران التي حبست رغماً عنها، حتى لا ينكشف أمر المجرمين والفاعلين، ومع كل آلات التصوير والقنوات الإخبارية التي كانت بانتظار لحظة ظهور زعفران، كانت هي قد تشبعت من تحمل المزيد من الألم والقسوة، فبصقت في وجه العالم وبصقت على نضالهم وإعلامهم المزيف في سبيل حماية الأطفال، وكما هزمت الموت عندما رمتها جدتها في حقول الزعفران، وكما طردته كالكلب الذليل وانتصرت عليه، فإنها بإرادتها أعادته ذليلاً خائفاً مرتعداً واستدعته ليطير بروحها مع باقي البؤساء، المطحونين والمظلومين والمنبوذين من الحياة.
شيماء محمد المرزوقي كاتبة ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية، وكاتبة مقال في عدة صحف ومجلات محلية وعربية، قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 20 قصة منها: رحلة ورقة، حفلة لأبي، الصناديق العجيبة، يومي الأول في الروضة، صدر لها كتاب التحديات التي تواجه اللغة العربية في عصرنا الحديث 2014، رواية ريانة "من الخيال العلمي موجهة لليافعين" 2014، ورواية زعفران 2015. كما أنها عضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، رابطة أديبات الإمارات، نادي دبي للصحفيين، المجلس الإماراتي لكتب اليافعين، مجموعة أخوات هن المختصة بالكتابة والتأليف، مدربة معتمدة، قدمت عدة محاضرات وورشات تدريبية في أدب الطفل والكتابة بصفة عامة. آخرها في المركز الدولي للكتٌاب في دبي عن الكتابة للطفل.
ق. ث