الثقافي

أدباء عرب وأجانب يكسرون عزلة فلسطين

ضمن الطبعة الثامنة لاحتفالية فلسطين للأدب

 

في أجواء مميزة أضفتها العمارة التاريخية بمقر المحكمة العثمانية القديمة في مدينة رام الله انطلقت فعاليات احتفالية فلسطين للأدب "بالفست" في دورتها الثامنة بحضور أدباء فلسطينيين وعرب وأجانب.

وتمتد فعاليات الاحتفالية لغاية الخميس المقبل تقام خلالها أمسيات وورش عمل أدبية مفتوحة في مدن القدس المحتلة ورام الله وبيت لحم وحيفا ونابلس والخليل، غير أن الفعاليات ستقام بشكل منفصل في غزة بسبب الحصار المستمر على القطاع ولن يتمكن الأدباء الضيوف من الوصول إليها.

ويشارك في الاحتفالية 37 من الأدباء والكتاب الفلسطينيين والعرب والغربيين، يزورون خلالها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، كما سيعبرون حواجز التفتيش الإسرائيلية لمعاينة جزء من المعاناة الفلسطينية تحت الاحتلال، وكان الاحتلال الإسرائيلي قد احتجز وفد الكتاب والأدباء العرب والأجانب، ومن بينهم منسقة الاحتفالية الكاتبة والروائية المصرية أهداف سويف على الحدود الأردنية الفلسطينية.

ورغم هذا الواقع يعتقد القائمون على احتفالية فلسطين للأدب أن مشاركة كتاب من خارج فلسطين في الاطلاع على نصوص فلسطينية جديدة وعلى معاناة الفلسطينيين عموما تمثل "مساهمة لكسر الحصار الثقافي المفروض على الحياة الثقافية الفلسطينية".

وتقول الروائية المصرية أهداف سويف إن "بالفست" توفر للكتاب والأدباء من غير الفلسطينيين تجربة حية للكتابة عن قرب بعد معايشة الحياة الفلسطينية كما يحياها الفلسطينيون، وكانت سويف الحائزة الأولى على جائزة محمود درويش للأدب، ولها مقالات في العديد من الصحف ووسائل الإعلام العالمية، وكتبت رواية "خارطة الحب" التي رشحت لجائزة البوكر الدولية عام 1999 وترجمت لقرابة ثلاثين لغة.

وقالت سويف للجزيرة نت إن لدى "بالفست" اهتماما دائما باستضافة وجوه جديدة سنويا للكتابة عن الحياة الفلسطينية.

ومن أبرز الأدباء الذين تستضيفهم الاحتفالية هذا العام الشاعر والروائي العراقي سنان أنطون والروائية الفنانة العراقية أيضا هيفاء زنكنة، إلى جانب الكاتب الأميركي ريتشارد فورد الذي تصدرت أعماله الكتابية قائمة الكتب الأكثر مبيعا ونشرت قصصه في أكثر من 28 لغة.

وإلى جانب هؤلاء يحضر الاحتفالية أيضا الناقد والمترجم السوري صبحي الحديدي المقيم في فرنسا، والذي اعتنى بالنقد التاريخي والتحليل السياسي، والشاعرة البريطانية من أصول غينيةماليكة بوكر، والمدونة المصرية سارة كار، وغيرهم.

ومن فلسطين تشارك في الاحتفالية الأديبة المقدسية وفاء درويش والكاتب رجا شحادة والروائي الشاعر الفلسطيني الشاب عرفات الديك والروائي عاطف أبو سيف الذي رشحت روايته "حياة معلقة" للقائمة القصيرة لجائزة البوكر هذا العام، ومن الداخل المحتل عام 1948 علاء حليحل وأسماء عزايزة، إلى جانب سلسلة طويلة من الأدباء والكتاب من فئة الشباب خاصة.

وقدمت في العرض الافتتاحي للمهرجان أربع تجارب أدبية، أولها للشاعر الفلسطيني الشاب عرفات الديك من رام الله الذي قرأ مقطوعات من ديوانه "ابن العتمة"، ثم الكاتبة الفلسطينية وفاء درويش التي قدمت قراءات من مذكراتها في رواية " لم تنتهِ الحياة بعد".

وتميز حفل الإطلاق أيضا باستضافة الفنانة والكاتبة الأميركية مولي كرابابل التي قرأت نصوصا من مذكراتها "رسم بالدم" التي ستنشر بعد شهور، وفيها تحدثت عن تجربة زيارتها لسجن غوانتانامو ومشاهداتها للمكان "الذي ينتظر فيه الناس بلا نهاية" وكيفية انتهاك حقوق السجناء الإنسانية.

ومؤخرا أصبحت كرابابل من أكثر الفنانين البصَريين شهرة على موقع تويتر بعد مشاركتها في الرسم لأطفال سوريين بمخيمات لجوئهم على الأراضي التركية.

وقرأ الشاعر والروائي العراقي سنان أنطون نصوصا من قصائد "لا أزور أمي كثيرا"، و"من إنجيل العراق الضائع"، و"ثلاث زنابق" عن سوريا.

وحازت ترجمة أنطون لنص الشاعر محمود درويش النثري "في حضرة الغياب" على جائزة المترجمين الأدبيين الأميركية عام 2012، ورشحت روايته الثالثة "يا مريم" لجائزة البوكر العربية.

وقال أنطون -المقيم في الولايات المتحدة- للجزيرة نت إن دخول فلسطين كان بالنسبة له حلما، خاصة أنه من متابعي أحداثها عبر الأخبار.

ويعتقد أنطون أن التواصل مع الناس ومعاينة حياتهم تحت الاحتلال، حيث نقاط السيطرة والجدار الإسرائيلي الفاصل، أمر أكثر حيوية للأدباء وغير المطلعين جيدا من أجل الكتابة بشكل مختلف، كما رأى أهمية خلق حالة من التواصل الثقافي مع فلسطين بعيدا عن تدخل المؤسسات الرسمية، مؤكدا أن الاحتفالية فرصة لتعزيز أصوات الكتاب الذين تتسع ظاهرة كتاباتهم النقدية في الولايات المتحدة ضد إسرائيل.

من جانبه، يرى الشاعر عرفات الديك أن احتفالية فلسطين للأدب تخلق تواصلا وتحاورا ثقافيا بين الفلسطينيين وغيرهم من العرب والأجانب، خاصة أن الكثير من الأدباء والشعراء الفلسطينيين لا يتمكنون من السفر لأسباب سياسية.

وقال الديك للجزيرة نت إن احتفالية الأدب هذا العام تتميز عن سابقاتها من ناحية تعزيز حضور الأصوات الشعرية والأدبية الفلسطينية.

وأضاف "نريد حالة تلاق متكافئة يكون الجمهور الفلسطيني فيها قادرا على الاستمتاع بنصوص أجنبية، وبالمقابل أن يلاقي الأدباء الأجانب حضورا فلسطينيا عربيا يقرؤون له".

الوكالات

من نفس القسم الثقافي