الثقافي

بقايا اللوغوس؛ دراسات معاصرة في تفكك المركزية العقلية الغربية

على الرفّ

 

 

يمكن فهم حكاية العقل الغربي بوصفه عقلاً تحولياً غير راسخ بنوع من وجهتي السلب والإيجاب؛ فهو في تحولاته هذه يكشف عيوبه المستمدة في التفاقم؛ ومن جانب آخر فهو يحاول أن يبين لذاته وللآخر أنه لا يعاني من التكلّس أو التحجّر، وبذلك فهو عقل مراجعاتي يحاول أن يتجاوز أزماته التي تتفجر بين الحين والآخر.

وهذه الحكاية هي صلب الدراسات المتناثرة في نص هذا الكتاب، ولعل أهم ما يمكن لمحه هو انبثاق مشاريع نقدية مختلفة ومتباينة في خصوصيتها، وشاملة في مجملها، لأن بعضها يكمّل البعض الآخر، فإشكاليات هذا العقل لم تقتصر على زاوية معرفية دون غيرها، فقد انتشرت في الفلسفة والدين والسياسة ومباحث الحقيقة وأدواتها.

وإلى هذا، فقد وقف الباحث في دراسته هذه عند أقوى مطارق النقد هذه المتمثلة بــ"نيتشه"، وما قدمه في نقدٍ لاذع لكل ما تفاخر به اللوغوس من سلطة وقسر على موضوعاته (الإنسان والطبيعة)، وذلك ما عرّج عليه الباحث لتبيان بدايات إهتزاز الثقة من الداخل في العقل الغربي، بما قدمه نيتشه من خطاب باشذراتي تحطيمي عالج قضايا الذات ومركزيتها والآخر وتفوقه، وما لخطة نيتشه هذه إلا منعطف كبير وتأسيسي؛ بطريقة غير مباشرة، بطريقة غير مباشرة، لخطاب غير تأسيسي، إذ فتح الباب على مشروع جديد هو الخطاب ما بعد الحداثي.

من هنا، كان لا بد للباحث من الوقوف عند دلالات المشروعين ومقولاتهما، ثم فحص أبرز النتاجات المتممة لهذا النقد مع مدرسة (فرانكفورت) وتشخيصها لداء العقل الأداتي، الذي حوّل كل شيء حوله إلى موضوع حسابي لا يحيل أية دلالة خارج مكننته ورقميته، ومع هذه المدرسة الألمانية بالإمكان تلمس مشروعات ضمنية في المشروع النقدي الأكبر وهي في الفعل التواصلي وفي إعادة الاعتبار للمنجز الفني والخطاب الرومانسي أو الإنساني عموماً.

ومن ثم تناول الباحث في دراسته هذه موضوع فحص التراث والتقليد الذي شكل معاني الحقيقة لديه عبر مشروعي (هابرماسوغاداميير)، وكيف تعاملا مع التقليد بوصفه إطاراً لازماً للفهم أو بوصفه حجاباً مانعاً له فيما قدماه من دورٍ (للهومينوطيقا) في ذلك؛ ليتناول، أيضاً، الموقف من التقليد الحداثي من وجهة نظر (حنّه آرنت)، في فحصها للتقليد السياسي وما أفرزه من ويلات في صناعة (التوتاليتارية) وخطابها الإقصائيوالعنفي وكيف للسلطة أن تستعيد هيبتها في معنى تقليد أسبق لتراكم هذه التقليدات مع اليونان، ومن ثم الموقف من الثورات التي تمثل صلب إعادة الفحص والنقد بشكله الأكثر (راديكالية).

الوكالات

من نفس القسم الثقافي