الثقافي

السلطة تستعين بمثقفها لإدارة قطاع الثقافة "الملغم"

الإطاحة بلعبيدي ومنح الفرصة لميهوبي لمعالجة اختلالات "تركة" خليدة تومي

  • المثقفين يثمنون الخطوة ويتساؤلون على قدرته في إدارة ملف الثقافة

جاء قرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة القاضي بتعيين عز الدين ميهوبي، الذي كان يشغل منصب رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، في منصب وزير للثقافة، خلفا للوزيرة نادية لعبيدي التي تسلمت قبل سنة حقيبة القطاع خلفا لخليدة تومي، بالتزامن مع حالة "جمود" ميزت هضبة العناصر طوال الأشهر الماضية، أين عرفت غالبية المشاريع والهيئات التابعة لوزارة الثقافة ركودا حادا أثر على المشهد الثقافي بصورة كبيرة وبالرغم من احتضان الجزائر لتظاهرة كبيرة بحجم تظاهرة الثقافة العربية التي عادت إلى الجزائر وبالتحديد بولاية قسنطينة إلا أن غالبية المشاريع التي تم برمجتها في هذه التظاهرة ظلت حبرا على ورق، خاصة فيماي يتعلق بمشاريع قطاع الكتاب، والسينما وذلك بعد أن أجلت الوزيرة السابقة نادية لعبيدي الفصل في هذه الملفات التي وجدت فيها لوبيات تتحكم في تسييرها بعيدا عن وصاية الوزارة أو هيئاتها، وربما هي اللوبيات التي أطاحت بها من على هضبة العناصر، في وقت حافظت فيه الحكومة من خلال قرار رئيس الجمهورية على منح تسيير الحقيبة إلى شخصية محسوبة على القطاع ممثلة في شخص الوزير الجديد الوافد على حقيبة الثقافة عز الدين ميهوبي الذي شغل مناصب ذات علاقة بالقطاع قبل هذه المرّة أهمها إشرافه على تسيير اتحاد الكتاب الجزائريين، وكذا المكتبة الوطنية فهل سيكون ميهوبي قادرا على تسيير قطاع ملغم!

هذا التساؤل سارع غالبية المثقفين والكتاب إلى تثمين الخطوة وتعزيز دور ميهوبي في قدرته على إدارة ملف الثقافة، على اعتباره ابن القطاع، ولكن آخرين رأوا بأنه من المستبعد في مثل هذه الظروف أن ينجح في إدارة حقيبة الثقافة طالما أن القطاع لم يتخلص بعد من تركة خليدة تومي التي تربعت على القطاع لفترة طويلة وتوقع هؤلاء من خلال تعليقاتهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي بأن ميهوبي المعروف بأنه" مثقف السلطة " سوف يكون عليه من الصعب الدفع بعجلة التنمية داخل قطاع الثقافة وإعادته إلى ما كان عليه قبل فترة لعبيدي خاصة وأن مشاريع عديدة تأجلت وأخرى ألغيت – كصندوق دعم الكتاب الذي أقره الرئيس شخصيا كل سنة -، بالإضافة إلى وجود تعطيل في مشاريع تتعلق بتظاهرة عاصمة الثقافة العربية كالكتاب والسينما الذين لم يرو النور لحدّ الساعة.

ورأى آخرون بأن الأهم بالنسبة للوافد الجديد على هضبة العناصر هو قدرته على إخراج القطاع من المأزق الذي هو فيه خاصة وأن الأصداء القادمة من هناك تشير إلى وجود تعطيل تام لمشاريع القطاع وغالبية الهيئات التابعة له تسير بالنيابة، وهل هو قادر على مواكبة التحديات التي واجهتها الوزيرة السابقة خاصة وأنها راحت ضحية لوبي النهب الذي تحركت ضده فأطاح بها بصورة أو بأخرى، فهل سيكون مصيره هو مصير نادية لعبيدي أم أنه سيخضع بشكل أو بآخر إلى سياسة هؤلاء ويتركهم يمارسون سياسة النهب التي ميزت القطاع على مدار عقود، خاصة وأن الرجل معروف عنه بأنه لم يحقق أي انجاز على أي قطاع أشرف عليه لا على الاتصال ولا اتحاد الكتاب ولا المكتبة الوطنية ولا الإذاعة ولا المجلس الأعلى للغة العربية ما يمكن أن يجعل المتابع للشأن الثقافي يتوقع أن يقبل عز الدين ميهوبي على تغييرات هامة من ناحية الإجراءات والقوانين داخل الوزارة والمؤسسات التابعة لها ما يؤهله ليضرب بيد من حديد كل مساعي فرض منطق الجماعة على منطق المسير للقطاع، خاصة وأن غالبية المشاريع والهيئات والتعيينات أجل الفصل فيها وسيقبل عليها لا محالة لإعادة القطاع إلى سابق عهده بعد تعطيل دام أشهر، ما يجب أن يعلمه الوزير عز الدين ميهوبي هو أن العديد من المشاريع التي ترافق قسنطينة عاصمة الثقافة العربية كأكبر حدث لهذه السنة متعلق بالثقافة لا تزال معطلة إلى أجل مسمى، فلا برنامج النشر بدأ رغم انتهاء اللجنة المكلفة بقراءة الكتب من عملها منذ فترة، قبل أن تقرر الوزيرة السابقة تعطيله وتقليص عدد الكتب المبرمجة في القطاع من 1200 عنوان إلى 500 عنوان فقط، ولا مشاريع الأفلام السينمائية عرفت الانطلاق فهي بدورها تراوح مكانها، ولا مدراء الثقافة والفروع التابعة للوزارة يحوز المشرفون عليها حاليا سلطة القرار.

إن الاستعانة بوزير لقطاع الثقافة محسوب على السياسة من شأنه أن يقدم الإضافة الحقيقية للقطاع وللحكومة على حدّ سواء فعز الدين ميهوبي القيادي البارز في التجمع الوطني الديمقراطي، من شأنه أن يحافظ على الانسجام المفقود في الحكومات السابقة والحالية للوزير الأول عبد المالك سلال ولكن السؤال الذي يشغل بال الأسرة الثقافية هل يمكن لمثقف السلطة أن يخدم القطاع؟

إكرام. س

من نفس القسم الثقافي