الثقافي
واسيني الأعرج يخصص ريع أحدث رواياته للمعتقلين الفلسطينيين
أبدى دعمه لأدب الأسرى
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 06 ماي 2015
خصص الروائي الجزائري واسيني الأعرج ريع بيع الطبعة الفلسطينية من روايته الأخيرة "سيرة المنتهى: عشتها كما أشتهي" لصالح المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وقال الأعرج خلال حفل إطلاق الرواية في متحف محمود درويش في رام الله مؤخرا: "ما قمت به في الحقيقة من رصد الريع المالي لهذه الطبعة الفلسطينية من الرواية السابقة "مملكة الفراشة" والرواية الأخيرة، في الحقيقة هو جانب رمزي فقط لأبين لهؤلاء الناس والمناضلين والأسرى أنهم ليسوا وحيدين"، وأضاف: "لا أدري ماذا أقول في قضية الأسرى. أنا أنحني أمام هؤلاء ولا أجد الكلام المناسب للتعبير عنهم".
وتحدث الأعرج عن تجربته الروائية والمراحل التي مرت بها وقسمها إلى ثلاث، وهي مرحلة الالتصاق بالثورة الوطنية في الجزائر التي ارتبط بها من خلال "الجرح الذاتي حيث كان والدي الذي استشهد في سنة 1959 هو نموذجي الأسمى في الكتابة عن الثورة الوطنية".
وقال إنه انتقل في المرحلة الثانية لكتابة روايات تتماهى مع نصوص عربية قديمة مثل "ألف ليلة وليلة"، وأضاف أن المرحلة الثالثة هي مرحلة وجودية ربما مرتبطة بالسن "وبالتالي لم يعد الوطن أو الجزائر أو هذه الدائرة الضيقة هي مدار الفشل، وإنما جزء من هذه الأمة الواسعة في إخفاقاتها وصعودها وهبوطها"، وعن رواية "سيرة المنتهى" قال: "هي رواية السيرة الذاتية التي كتبتها بأفق يختلف عما هو متداول، فهي إقرار لكاتب هو يعرف ماذا يريد. أنا لم أرد أن أكون داخل الحالة النرجسية لأن السيرة الذاتية بالضرورة مربوطة بالهاجس النرجسي".
واستعرض الأعرج خلال الأمسية موقفه من الثورات العربية المعاصرة التي شهدتها وتشهدها عدد من الدول العربية. وقال: "أنا فرحت بقيام الثورات العربية ولا أكذب على نفسي، وقلت الشعب العربي بدأ يفكر ويريد أن يغير من الأوضاع التي سحبت منه ليس فقط إمكانية التطور ولكن سحبت منه إنسانيته".
وأضاف أن هذه الثورات "خلقت مجتمعات هجينة لا هي مجتمعات دينية ولا هي مجتمعات متطورة ولا هي متخلفة. هي مجتمعات هجينة"، ومضى قائلا: "أن يقبل إنسان أن تختزل حياته بين أربعة جدران، يحتاج أن يكون مقتنعا بشكل عميق بما يقوم به في ظل التطورات والانهيارات وفقدان الأمل وفي ظل الصعوبات"، وقال: "إننا نفعل كل ما نستطيع من خلال وسيلتنا الوحيدة وهي الكتابة لأنه ليس لدينا لا دبابات ولا طائرات ولا أي شيء، وإنما نملك القلم وعلى هذا القلم أن يقول الحقيقة ليس فقط لأن هؤلاء فلسطينيون وأسرى".
وسجّل الروائي إهداء خاصا للأسير نائل البرغوثي الذي أمضى أكثر من 34 عاما في سجون الاحتلال، وكتب "أنحني أمام صمتك وآلامك.. إن النور الذي في عينيك لن ينطفئ أبدا"، وينظر الأعرج إلى الأسرى كجزء من القضية الفلسطينية ذات البعد الإنساني التي "تحتاج إلى أن يصغي لها الضمير العالمي كقضية حية رغم أن الوضع العربي المتمزق وضعها في مرتبة ثانية بسبب الأحداث التي تعصف به".
ويزور الروائي الجزائري الضفة الغربية للمرة الثانية، وقد استقبل بحفاوة في أمسيات وجولات بمدن القدس والخليل وطولكرم وبيت لحم والخليل قبل أن ينهيها في رام الله، وقال الأعرج إنه يأتي إلى فلسطين بخياره الذاتي رغم اتهامه بالتطبيع، وأنه يلاقي احتفاء كبيرا من جمهور فلسطيني واسع.
وقدمت أستاذة النقد الروائي الحديث في جامعة البتراء الأردنية رزان إبراهيم الروائي الأعرج في إطلاق روايته برام الله، وقالت إن الهمّ الفلسطيني لطالما احتل حيزا واسعا بين هموم الجزائريين الذي عاشوا القهر والعذاب عامة، وقالت رزان إن أبطال روايات واسيني الأعرج لا يمثل الواحد منهم شأنا فرديا خاصا، ولكنه يمثل حالة عربية ممتدة من المحيط إلى الخليج، وهم نماذج إنسانية تقف بالمرصاد لنظم دكتاتورية لها مصالحها غير العابئة بمصالح الأفراد.
أهمية الذاكرة
وترى رزان إبراهيم أن لواسيني موقفا واضحا أمام كل من يسعى لهدم الذاكرة الإنسانية، مستذكرة روايته "البيت الأندلسي" التي ترتكز على قصة أساسها التشبث بالمكان والهوية، وكذلك رواية "حارسة الظلال" في دعوتها للحفاظ على مغارة تاريخية، وقالت إبراهيم إن على المثقف العربي دورا خاصا نحو القضية الفلسطينية، موجهة دعوة للكتاب العرب لتأدية واجبهم في ذلك.
وسبق لواسيني الأعرج كتابة رواية "سوناتا لأشباح القدس" الصادرة عام 2009، وتحكي قصة فنانة تشكيلية فلسطينية اسمها "مي" غادرت فلسطين في طفولتها إلى الولايات المتحدة، وأصيبت في نهاية حياتها بالسرطان، فأوصت بأن تحرَق وأن ينثر رمادها فوق نهر الأردن وفي حارات المدينة المقدسة، لكن روايته "البيت الأندلسي" تُعتبر الأكثر انتشارا بين قرائه الفلسطينيين، رغم أنها لم تكتب عن فلسطين، لكنها تحكي قصة التشبث بالبيت والهوية.
ووقّع الأعرج روايته الأخيرة "سيرة المنتهى" قائلا إنها سيرته الذاتية التي كتبها بأفق يختلف قليلا عما هو متداول، حيث يبتعد عن استخدام الأنا كحالة نرجسية، ويكتب نصا عن الذاكرة في زمن عقلاني أحيانا وأسطوري أحيانا أخرى.
وذهب ريع الطبعة الأولى للسيرة الصادرة في نوفمبر الماضي بالجزائر لصالح الأطفال من مرضى السرطان، ويعكف الأعرج حاليا على كتابة روايته الجديدة التي تحمل عنوان "حكاية العربي الأخير"، على وقع الثورات العربية في السنوات الأخيرة وتحولاتها ومآلاتها.
إكرام. س/ الوكالات