الثقافي

الطاهر بن جلون يكتب عن"تلك العتمة الباهرة"

على الرفّ

 

صدرت منذ أيام الترجمة العربية لرواية الكاتب الشهير الطاهر بن جلون" تلك العتمة الباهرة"، عن المترجم بسام حجار وقدمها للقارئ العربي المركز الثقافي العربي، والتي كتبها بالفرنسية لتحتل مكانها بين أعماله الروائية العديدة، وعلى قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، فهي تتحدث أولاً وآخراً.. عن حياته المطمورة في حقل القمع والترهيب، ومأساته الطويلة في الموت البطيء.

بقدرته الفذة على الكتابة، استطاع الطاهر بن جلون أن يحول شهادة مواطنه السجين " عزيز بنبين"، إلى معزوفةٍ طويلةٍ على ناي الوجع، تصب في أذن القارئ قبل عينيه، لتوقظ في نفسه هواجس الخوف الإحباط والكآبة الكامنة، وتضفي عليه ثوب العتمة التي عاش فيها السجين ثمانية عشر عاماً، في زنزانةٍ لا يمكن أن يقف فيها لفرط انخفاض سقفها، وكأنها أعدت لتعتصره.. حتى الموت.. رواية الطاهر بن جلّون هذه، مقتبسة عن الحقيقة، يروي لنا سجيننا معاناته، في الزنزانة "ب" مع 23 سجين غيره، ويقصّ علينا بأسلوب "باهِر" موتَ المعظم الساحِق من أصدقائه، وظروف موتهم.

سُجِنوا لمحاولتهم الانقلاب على الملك المغربي الحسن الثاني، فيما يعرف بـ" انقلاب الصخيرات الشهير" في 1971، الكلمات لم تستعصِ على الطاهِر بن جلّون لوصف الحفرة -الحبس- الذي دفنوا فيهِ أحياء، على مدار 18 عاماً ويقول في مقتطفات الكتاب: "لطالما فتّشتُ عن الحجر الأسود الذي يُطهّر روح الموت. وعندما أقولُ "لطالما"، أتخيّلُ بئراً بلا قعر، نفقاً حفرتُه بأصابعي، بأسناني. يحدوني الأمل العنيدُ بأن أبصر، ولو لدقيقة، لدقيقة متمادية خالدة، شعاع نور، شرارةٌ من شأنها أن تنطبع في مأق عيني وتحفظها أحشائي مصونة كسرٍّ. فتكون هنا، ساكنة صدري، مُرضعة لياليّ البلا ختام، هنا، في هذا القبر، في باطن الأرض الرطبة، المفعمة برائحة الإنسان المفرغ من إنسانيته بضربات معزقة تسلخ جلده، وتنتزع منه البصر والصوت والعقل". كل أحداث هذه الرواية واقعية... إنها مستلهمة من شهادة أحد معتقلي سجن "تزمامارت".

إ. س


من نفس القسم الثقافي