الثقافي

أحمد الدلباني يكتب عن "رمل اليقين"

على الرفّ

 

صدر حديثا للباحث الجزائري‮ ‬أحمد الدلباني‮ ‬كتاب جديد بعنوان‮ ‬رمل اليقين‮.. ‬المجتمع العربي‮ ‬وأسئلة الثورة والديمقراطية‮ ‬عن دار‮ ‬التكوين‮ ‬بدمشق، ‬ويضم كتاب الباحث ‮ ‬مجموعة من المقالات والحوارات‮ ‬يتمحور أغلبها حول‮ ‬ضرورةِ‮ ‬إعادة التفكيرِ‮ ‬في‮ ‬قضايا الديمقراطية والثورة والتقدم والتغيير من منظور‮ ‬يتجاوز الطرحَ ‬السياسي‮ ‬التقليدي.

 ‬كما‮ ‬يتناول في‮ ‬بعض فصوله قضايا ومسائلَ‮ ‬فكريةً‮ ‬وفنيةً‮ ‬ترتبط أوثقَ‮ ‬الارتباط بالتنوير هاجسِ‮ ‬الحداثة الأول في‮ ‬ظل هيمنة ما‮ ‬يسميه الأصولية الدينية وسيادة ثقافة الأحادية والتمركزَ‮ ‬حول الذاتِ‮ ‬الموروثةِ‮ ‬في‮ ‬شكلِها الأكثرِ‮ ‬تشرنقا أمام عالمٍ‮ ‬عرف تصدعا أصابَ‮ ‬سرديات الخلاص الكبرى في‮ ‬العُمق‮.‬‭ ‬ويقول دلباني‮ ‬عن الكتاب،‮ ‬إنه‮ ‬يأتي‮ ‬بعد إصداره السابق‮ ‬قداسُ‮ ‬السقوط‮ ‬،‮ ‬ليُعيد النظر في‮ ‬إرث الحراك العربي‮ ‬منذ‮ ‬2011‮، ‬فقد أثبتت التجاربُ‮ ‬المآل المأساوي‮ ‬للانتفاضات العربية الأخيرة وشحوبَ‮ ‬ما تم تعميدُه باسم‮ ‬الربيع العربي‮ ‬،‮ ‬مؤكدا أنه مناسبةٌ‮ ‬لإعادةِ‮ ‬فتحِ‮ ‬النقاشِ‮ ‬المُوسَّع حول الدمقرطة وشروطِها الاجتماعيةِ‮ ‬والثقافيةِ‮ ‬بمعزل عن الطرحِ‮ ‬المُتسِرِّع الذي‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬يركز إلا على الجزء الظاهر من الجبل الجليدي‮ ‬من خلال الاعتقاد بأن بنياتِ‮ ‬الاستبداد العربي‮ ‬يُمكنُ‮ ‬اختزالُها في‮ ‬أيقونةِ‮ ‬الحاكم‮. ‬كما‮ ‬يتطرق الكتاب إلى الديمقراطية باعتبارها مشكلة سوسيوثقافية عامة في‮ ‬العالم العربي،‮ ‬الإسلامي‮ ‬تتجاوز آلياتِ‮ ‬زرعِ‮ ‬المؤسسات المُنتخبة في‮ ‬جسم‮ ‬يرفضها أصلا‮. ‬مدللا على ذلك بعودة الإسلاميين المظفرة من خلال الاقتراع العام في‮ ‬معظم بلدان‮ ‬الربيع العربي‮. ‬وفي‮ ‬حديثه عن الحراك العربي،‮ ‬يقول‮: ‬إنه لا‮ ‬يمكن أن تكون الانتفاضة ثورة ما لم‮ ‬يسبقها تحول ثقافي‮ ‬على مستوى القيم والفكر ونظام الحياة‮. ‬ترتبط فكرة الثورة بفكرة التقدم لا بنوستالجيا الأصل وكمال الماضي‮ ‬ومرجعيته‮. ‬ترتبط بالتاريخ وقد أصبحَ‮ ‬مجالا لتحقق التحرّر الشامل‮. ‬ترتبط بمركزية الإنسان وقد استعاد فضائل بروميثيوس مُعلنا تمرّدَهُ‮ ‬البهيّ‮ ‬على الآلهة،‮ ‬ولكن ما تكونُ‮ ‬ثورة تفتقرُ‮ ‬إلى رغبة الأنسنة وتجاوز الاستلاب في‮ ‬الواقع القمعيّ؟ ما تكونُ‮ ‬ثورة تدعو إلى التطهُر من أحلام الإنسان العميقة،‮ ‬واستعادة أزمنة بائدة كان فيها الإنسانُ‮ ‬مُنشدَ‮ ‬الظل في‮ ‬كورس المَعبد المُقدَّس؟ ما تكونُ‮ ‬ثورة‮ ‬يقودها هاجسُ‮ ‬إعلان البراءة من العالم لا هاجس تجاوزه وتغييره؟ ما تكونُ‮ ‬ثورة تحلمُ‮ ‬بفراديس الوصاية والأبوية وهيمنة الذكورة واستعادة مجد السّماء الآفلة؟ هذه الأسئلة وغيرها تجعلني‮ ‬أعتقدُ‮ ‬أنَّ‮ ‬حصادنا من الربيع العربيّ‮ ‬يجبُ‮ ‬أن‮ ‬يكونَ‮ ‬موضع نقاش ونحنُ‮ ‬نشهدُ‮ ‬عودة الإسلاميّين بقوة إلى المشهد السياسي‮.

موسى أمين تومي


من نفس القسم الثقافي