الثقافي
ملتقى دولي حول البشير الإبراهيمي ببرج بوعريريج
السعي لإبراز الفكر التنويري للعلامة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 12 أفريل 2015
تحتضن مدينة رأس الوادي بولاية برج بوعريريج الملتقى الدولي المغاربي "الشيخ البشير الإبراهيمي وآفاق الحداثة"، حيث سيسعى المشاركون إلى إبراز معالم الفكر التنويري لهذه الشخصية المعروفة بتوجهها الديني والإصلاحي. الملتقى الذي اختتم أمس وشارك فيه العديد من الباحثين والأكاديميين من جامعات جزائرية عدة، بأوراق بحث تتناول الفكر التنويري والحداثي عند البشير الإبراهيمي، إلى جانب باحثين من خارج الجزائر على غرار فاطمة مومني وحمادي بن جاد الله ولطفي الحجلاوي من تونس، وسيدنا أحمد نوح من موريتانيا، وعبد الله أدالكو وعبد النبي الحري من المغرب، ومحمد بو عبد الله من لندن الذي قدّم ورقة بحثية بعنوان "النزعة النقدية عند الإبراهيمي". وعن أسباب احتفاء المنظمين بالإبراهيمي، أوضح بشير ربوح رئيس الجمعية المنظمة أن اختيار الإبراهيمي كمظلة فكرية يأتي لأسباب داخلية وخارجية ترتبط بشخصيته، وبارتباطها بالمكان، "فهو ابن المنطقة". وأشار إلى أن الإبراهيمي كان عالما مستنيرا بالنظر إلى الفترة الزمنية التي عاش فيها، والتي "كانت مسيجة بعصبيات ناتجة عن الرؤية الضيقة للدين، وعن السلطة السياسية لتلك المرحلة، وبالتقاليد الموروثة التي ترسبت في طبقات اللاشعور الجمعي. ويقول ربوح إن اختيار الإبراهيمي جاء لحكمه شخصية رمزية، "ونحن في ثقافتنا نطرد الرموز، وبيّن أن الملتقى هو "محاولة لتوطين هذا الرمز في مكانه وثقافته". والحديث عن علاقة الإبراهيمي بالتنوير يعني حسب ربوح "الحديث عن الإبراهيمي الإنسان، والإبراهيمي الهوية، والإبراهيمي والأدب"، وكمفكر أيضا حينما طرح الأسئلة لم يكن برأيه "سجين أفقه الفكري، ولكنه من حيث الشروط التاريخية يطرح أسئلة ستبقى بمفاهيمها المتعددة". من جانبه أوضح الباحث في الفكر الإسلامي اليامين بن تومي أن الملتقى يسلط الضوء على جانب آخر مغاير تماما لما عرف به الإبراهيمي كشخصية دينية. وبيّن ذلك بقوله، "مفهوم التنوير كما أوضحه الفيلسوف إيمانويل كونت في رسالته (ما الأنوار) هو أن تتجرأ على استخدام عقلك وفهمك الخاص، وهو ما تحقق في فكر الإبراهيمي الذي استطاع باستخدام عقله إيجاد الطرق المثلى لصياغة مشروع تنويري جزائري خالص، في مرحلة اتسمت بالاستعمارية والضغط وطمس الشخصية الوطنية". ولأن التنوير لا يرتبط باستخدام العقل فقط بل بإشاعة العقلانية داخل فضاء عام، ومحاولة تجديد الوعي الاجتماعي والتاريخي لأمة بعد أن طمست هويتها وثوابتها، فقد نجح الإبراهيمي برفقة أعضاء جمعية العلماء في إعادة تثبيت الهوية الوطنية للمجتمع الجزائري، وهي جهود أدت لاحقا إلى تحرير الفرد الجزائري، وجعلته يؤمن بأنه ذات مستقلة عن الآخر الذي هو الاستعمار. هذه الاستقلالية الداخلية باعتقاده حققت الاستقلالية الخارجية، وأنضجت بعد ذلك تجربة حرب التحرير، ثم تجربة الاستقلال.
ف.ش/ق.ث