الثقافي

الثقافة... معلقة في قسنطينة

مع بداية العدّ العكسي لاحتضان التظاهرة

 

  • وزيرة الثقافة نادية لعبيدي لـ"الرائد": جاهزون لهذا الحدث !

 

11 يوما تحديدا تفصلنا على انطلاق الحدث الثقافي العربي "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية" وسط جدل كبير حول لحاق المسؤولين والقائمين على هذه التظاهرة من خلال الورشات التي فتحت في إطار التظاهرة، وبين متشائم ومتفائل يبقى السؤال مطروحا حول جاهزية مدينة الجسور المعلقة لاستقبال الضيوف العرب. 

 

بدأ العد التنازلي لانطلاق التظاهرة الثقافية قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، وبدأ قبلها نقاش حاد وخلافات بين المنظمين للأسف طفت إلى السطح وتداولتها وسائل الاعلام بداية بمحافظ التظاهرة الذي كان يطل بين الفينة والأخرى ويطلق تصريحات ويعطي وعودا بجلب أكبر النجوم العرب في مقدمتهم الفنانة اللبنانية الكبيرة فيروز، لكن مديرة أعمالها نفت الخبر ما جعل المحافظ يسقط سقطة كبيرة ويتبين ان خبر غناء فيروز في الجزائر هو مجرد تصريح لجلب الانتباه وهدفه الاشهار لهذه التظاهرة التي يبدو انها ولدت ميتة نظرا للعديد من الامور والعوامل التي اثرت وستبقى تؤثر على مسارها في مقدمتها تأخر المشاريع فلحد الساعة وحتى حفل الافتتاح لم يتم الانتهاء من وضع الروتوشات الأخيرة عليه، وحسب مصدر من داخل التظاهرة فان العربات المخصصة للافتتاح لم يتم الانتهاء منها قبيل الافتتاح بأيام، فتصريحات المسؤولين شيء والواقع شيء آخر تماما، فلا البرنامج ضبط ولا الدوائر المخصصة لهذا الحدث تم تحديدها ولا حتى معرفة من هم رؤساء الدوائر باستثناء دائرة المسرح التي يديرها مدير المسرح الوطني الجزائري محمد يحياوي، وربما هو الوحيد الذي أعطى البرنامج الكامل الذي يخص المسرح في التظاهرة، في حين تبقى مجالات أخرى لا حدث.

 

غياب سلطة القرار في دائرة الكتاب 

لا أحد يعلم إن كانت محافظة تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية قد أدرجت ضمن أجندتها شيئا يخص قطاع الكتاب، فالمعلوم لحد الساعة هو عزمها على تنظيم إقامات للشعر ينظمها الشاعر بوزيد حرز، ولكن في مجال الرواية او الطبع لا شيء ظاهر لحد الآن وسط غياب سلطة قرار تضبط هذه الدائرة سواء في الوزارة الوصية او محافظة. 

وفي هذا الشأن يقول الروائي سمير قسيمي " لم أطلع بعد على برنامج قسنطينة عاصفة الثقافة العربية، وككل كاتب أو مثقف جزائري أتمنى للتظاهرة كل النجاح، ولكن مداخلتي هذه هي مجرد مرافعة للرواية والسرد الجزائري، سيما ونحن نعيش عصرا كما وصفه الناقد الدكتور جابر عصفور بـ"زمن الرواية"، وهو زمن كما يفرضه الواقع يجعل الرواية في مقدمة الأدب وضروبه المختلفة. واضاف قسيمي أنه لا يمكن أن نتخلف –ونحن متخلفون في الحقيقة-عن ركب السرد والرواية العربية، على الأقل في جانب إبداء الرغبة والعمل على تكريس الرواية كفن قائم يفرض نفسه عالميا، ولا يكون هذا التكريم والمحاولة الضرورية-بائسة كانت أم مفعمة بالطموح- لفرض الرواية الجزائرية محليا أولا وخارج الحدود إقليميا أو عالميا، إلا عبر إبداء ما يجب من اهتمام. وواصل قسيمي حديثه عن تغييب الرواية في هذا الحدث قائلا " الصراحة مؤلمة والحقيقة أكثر إيلاما، فباستثناء ملتقى وهران الدولي للسينما والرواية المرتقب تنظيمه في إطار مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي، لا أذكر أنني قرأت شيئا يخص الرواية في فعاليات تظاهرة ذات بعد عالمي كتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، مضيفا " أتمنى أن أكون مخطئا، ولكنها ستكون مصيبة لو أغفل موضوع الرواية وأقصى من فعاليات هذه التظاهرة. هنا لا أتحدث عن الاصدارات المرتقبة بالموازاة مع التظاهرة ولكن عن فعالية حقيقية تعنى بالرواية. وتساءل قسيمي كيف لتظاهرة ثقافية كبرى وفي الجزائر وبوجود الإمكانات الكبيرة التي قدمتها الدولة، لا وجود للرواية فيها " تعد تظاهرة قسنطينة فرصة مواتية لإقامة مؤتمر والتأسيس لملتقى دولي للرواية في حجم ملتقى القاهرة، وهي فرصة أتمنى على مؤطري التظاهرة أن يكونوا قد فكروا فيها، وإلا فالتظاهرة "ناقصة" بلا أدنى شك." وفي الأخير ختم قسيمي كلامه بالقول أصر على جهلي التام ببرنامج هذه التظاهرة، ولكني أعتقد أن مؤطري هذه التظاهرة مهما بلغوا من جهل للواقع لن يكونوا قد أغفلوا حقيقة أن الرواية هي الآن ديوان العرب، والحمق كل الحمق في تجاهلها".

 

السينما... " هي فوضى"

" هي فوضى" هو عنوان فليم للمخرج المصري خالد يوسف ويحكي فيه قصة فوضى قطاع جاهز الأمن في مصر، نفس الأمر ينطبق على دائرة السينما في تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة الاسلامية حيث لا شيء في مكانه لحد الان مع قرب انطلاق التظاهرة فلا المواعيد السينمائية ضبطت ولا المهرجانات التي سيتم برمجتها داخل التظاهرة كل شيء يبقي عليه السؤال مفتوحا، فالأعمال التي تقدم بها السينمائيون إلى وزارة الثقافة من أجل اعتمادها في التظاهرة والتي تم الموافقة عليها، تأخرت الوزارة في تخصيص ميزانية السينما وبعد الإفراج عليها ذهل السينمائيون لقيمة المبالغ التي خصصت لهم، حيث علق أحدهم قائلا " مبلغ لا يسمح حتى بكراء كاميرا لتصوير العمل فما بالك بأعباء العمل الاخرى التي يتطلبها العمل السينمائي." وبعد تقديم الطعون من طرف السينمائيين ومطالبتهم بضرورة مراجعة الميزانية الممنوحة لهم لم يتلقوا الردود لحد الساعة والحدث الثقافي على وشط الانطلاق.

والدليل على وجود هذه الدائرة خارج دائرة الاهتمام هو عدم معرفة جل السينمائيين الكبار بهذا الحدث، تعليق المخرجة يمينة بشير شويخ التي قالت بأنها لم تسمع بأي شيء يخص التظاهرة، وهو دليل على الفوضى التي تطبع هذا القطاع، وأضافت شويخ أنها لن تشارك في هذا الحدث الثقافي الذي ستعيشه الجزائر ولا علم لها به. ولم تخف شويخ أن هذه التظاهرة ستضيف أشياء إيجابية للثقافة العربية خصوصا وأن العديد من الوفود العربية ستحل ضيفة على مدينة قسنطينة ما سيثري القطاع الثقافي في البلاد. 

 

المسرح استثناء... ولكن؟؟

عكس القطاعات الأخرى يشكل المسرح الاستثناء الوحيد في هذه التظاهرة، فدائرة المسرح كانت قد انطلقت في التحضير للتظاهرة مبكرا عبر إعداد لجنة لقراءة النصوص المسرحية للموافقة عليها، وهو ما تم فعلا، حيث ضبطت الأعمال المشاركة وفق البرنامج الذي سطرته دائرة المسرح وعلى رأسها مدير المسرح الوطني الجزائري محمد يحياوي والذي صرح مؤخرا لجريدة الرائد أن التظاهرة ستشهد إنتاج أكثر من 40 مسرحية جديدة إضافة لـ 1000 عرض مسرحي طيلة السنة وهو عدد كبير يليق بحجم التظاهرة. هذا العدد والبرنامج الثري لا يعكس بالضرورة بأن أهل المسرح راضون عن سياسية دائرة المسرح بل العديد منهم عبر وا عن سخطهم من سياسة الإقصاء التي اعتمدها القائمون في انتقاء الأعمال، ومن بينهم المخرج المسرحي هارون الكيلاني الذي قال بأنه كمثقف جزائري سيسعى لمد الإضافة لقسنطينة إذا طلب منه ذلك، لأن هذا الحدث، حسبه، يخص كل الجزائريين عامة وليس أهل قسنطينة فقط ويجب تشريف الجزائر وسط الضيوف العرب. واعتبر الكيلاني أنه لن يستفيد من هذه التظاهرة بحكم احتكار اسماء للمشهد المسرحي على حساب اسماء اخرى كان ينظر لها في الوقت القريب بأنها مستقبل المسرح الجزائري، ولكن إرادة تغييبها طغى على كل شيء بما فيها تظاهرة قسنطينة، مضيفا ان هناك اشخاص يصرون على بقائه في الظل رفقة شباب آخرين مبدعين، وهو ما صعب عليهم إيجاد مكان وإعطاء الإضافة في التظاهرة الثقافية العربية. وتمنى الكيلاني أتلقى التظاهرة صدى ونجاحا كبيرا على المستويات ما يدفع بعجلة الثقافة في الجزائر، لافتا لضرورة جعل قسنطينة منفتحة على الولايات الأخرى وليس كحاوية فقط بل ناقلة للثقافة. 

 

الافتتاح، الملحمة... إلى أين؟

من المنتظر أن تعطى اشارة انطلاق التظاهرة في الـ 16 أفريل الجاري يعني لم يتبقى سوى 11 يوما، وكشفت مصادر من داخل اللجنة المكلفة بحفل الافتتاح ان عملية تهيئة العربات الخاصة الممثلة للوفود العربية قد تم إنجازها وانتهت لكن بقيت عربتان الأولى مخصصة للجزائر والثانية لقسنطينة لم يتم بدء الاشغال عليهما رغم العمل الكبير الذي ينتظر التقنيين وحتى الاضاءة لم يتم الانتهاء منها تماما وهو أمر يدل على الورطة التي يتواجد فيها الديوان الوطني للثقافة والإعلام والذي سيكون أمام عائق آخر وهو الملحمة الخاصة بالافتتاح والتي أوكل مهمة إخراجها للمخرج المسرحي علي عيساوي والشاب فوزي بن براهم، فلحد كتابة هذه الأسطر لم يصل طاقم العمل إلى المراحل النهائية للملحمة وهو سيزيد الطين بلة ويورط القائمين اكثر ويضعهم امام حتمية الإسراع للوصول بالتاريخ المحدد، ولو على حساب قيمة العمل. وسط كل هذا أكد مسؤول الاتصال بالديوان الوطني للثقافة والإعلام سمير مفتاح في تصريح للـ "الرائد" أن الديوان يقوم بمهامه عل أكمل وجه وأنه جاهز ليوم الافتتاح من كل الجوانب ولم يتبقى إلا بعض الـأمور التقنية والمتعلقة أساسا بالإضاءة وغيرها من الروتوشات الصغيرة التي يتم ضبطها خلال الساعات القليلة القادمة، وأضاف مفتاح أن الملمحة كذلك دخلت مراحلها النهائية عكس ما يروج له هنا وهناك عن تأخر العمل. 

 

خلية الاتصال "الأطرش في الزفة"

لغاية كتابة هذه الأسطر لا يعرف الاعلاميون من هو مسؤول الاتصال بتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية فحتى خلية الاتصال في وزارة الثقافة لا تعلم من هو المسؤول، هذا التسيب الكبير في قطاع حساس يجدر أن يكون همزة الوصل بين الاعلام ومسؤولي المحافظة، لم يعره القائمون اهتماما الذين ينشغلون بأمور أخرى كتبادل التهم بالفساد وغير ذلك، ففي الآونة الأخيرة طفا إلى السطح الصراع بين من قيل أنها المكلفة بالاتصال والتي لم تظهر لحد الساعة وبين المحافظ سامي بن شيخ الذي لا يعرف بماذا يصرح فتارة يقول أن الاشغال انتهت في حين الورشات تبقى مفتوحة وتارة أخرى يقول فيروز في الجزائر لتكذبه وكيلة أعمالها، ليبقى كالأطرش في الزفة.

 

 

وزيرة الثقافة نادية لعبيدي لـ "الرائد":

أكدت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي في تصريح مقتضب مع جريدة الرائد أن الوزارة ومحافظة تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة الاسلامية جاهزتان لهذا الحدث، حيث جندتا كل الوسائل من أجل إنجاح هذه التظاهرة واستقبال الضيوف العرب يوم 16 أفريل وطيلة سنة كاملة، موضحة ان الامور كلها مضبوطة من اجل إنجاح هذا العرس الثقافي العربي الكبير. يأتي هذا التصريح من الوزيرة في ظل النقائص الكبيرة التي تشوب التحضير لهذه التظاهرة والخوف من ان يعرف الافتتاح مشاكل ستهز أكيد قطاع الثقافة في الجزائر. 

 

مدير الثقافة لقسنطينة جمال فوغالي:

"المشاريع قاربت على النهاية وسنكون على موعد مع الحدث"

عكس الوقع تماما راح مدير الثقافة لولاية قسنطينة جمال فوغالي يطمئن بان قسنطينة مستعدة لاستقبال الحدث الثقافي الكبير مؤكدا على جاهزية كل المشاريع والمسؤولين في نجاح هذا العرس الثقافي. وفي تصريح لجريدة الرائد استغرب فوغالي وجود بعض وسائل الإعلام التي تريد الاصطياد في المياه العكرة وتشويه صورة بعض القائمين على التظاهرة وعرقلتها، موضحا أن كل المشاريع قاربت على الانتهاء وستسلم في الوقت المحدد كالقاعة الشرفية لمطار محمد بوضياف، فندق الماريوت ما يؤكد يضيف فوغالي، على إرادة المسؤولين في الوقوف على كل صغيرة وكبيرة حتى تكون قسنطينة عند الموعد. وبخصوص المنشآت الفنية قال فوغالي أن دار الثقافة مالك حداد، قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة، الساحة العمومية، المسرح الجهوي، كلها قد انتهت بها الأشغال أو قاربت على الانتهاء. وفي الأخير اعتبر فوغالي أن الدولة الجزائرية ستنتصر بهذا الحدث.

 

فيصل شيباني 

 

 

من نفس القسم الثقافي