الثقافي

فيلم "لطفي"... اللمسة الفنية الغائبة

في عرضه الشرفي بقاعة ابن خلدون

 

كعادته لم يوفق المخرج أحمد راشدي في تقديم فيلم ثوري متميز يتناول شخصية الشهيد " العقيد لطفي"، حيث لم يلامس العديد من الأمور الشخصية والفنية في الفيلم إضافة لمدة الفيلم الطويلة والغير مبررة نظرا للمشاهد الزائدة التي لم تضفي إلا رتابة على العمل.

تفاجأ الصحفيون صباح أمس في العرض الشرفي لفيلم " لطفي" بقاعة ابن خلدون، للمستوى الفني قبل كل شيء للفيلم، نظرا لعدم وجود تشويق، رغم طبيعية الفيلم،  حيث خلا الفيلم من أي لمسة فنية واقتصر على السرد الفوضوي والمشاهد المحشوة خاصة من خلال المعارك الكثيرة، وهنا يطرح السؤال حول الفائدة من تخصيص ما يقارب الثلاث ساعات في حين كان يمكن تقديم الفيلم في ساعة ونصف على الاكثر ، بما أن الحقائق والوقائع تدل على ذلك.

عاد المخرج أحمد راشدي الى بداية الخمسينات ونضال الشاب بن علي دغين ( العقيد لطفي )  في اللجنـة الثوريـــة للوحـــدة و العمل تحت إشراف و توجيه نخبة من القيادات الوطنية، قبل التحاقه بالثورة عقب معرفة سلطات الاستعمار عن عزمه في الالتحاق بالثورة.

ركز راشدي على الدور القيادي الذي كان يلعبه العقيد لطفي الذي ادى دوره الممثل الشاب " يوسف سحيري " ، في الثورة وطريقة تعامله مع الجنود وحنكته في التخطيط وقوة شخصيته وحبه للاندفاع دائما لتحقيق انتصارات انتصــــارات ميدانيـــــــة ( سياسية و عسكرية ) الأمر الذي جعلــه يحوز على ثقــة قيادة الثورة بالناحية فأسندت إليه مسؤوليات كبرى، حيث أوكلت له قيادة الثورة بالمنطقـــة الخامســة ومهمــة تنظيم و تسيير النشاط العسكري لجيش التحرير الوطني بجنوب غرب البلاد وتمكن من توسيع رقعـــة الثورة لتسند إليه مهمـــة قيادة المنطقة الثامنة من الولاية الخامسة. وصور راشدي المعارك التي خاضها العقيد لطفي ولكن بتقنية ضعيفة حيث تظهر  قلة الاحترافية في التصوير، وهو ما يظهر عدم التمكن في التخطيط للمعارك من الناحية الفنية فلا الصوت ولا الصورة كانا كفيلين بتوصيل الأهم، حيث أن المخرج فشل   في التركيز  على النشاطات الكبيرة في الميادين السياسية و العسكرية واقتصر الأمر على نقل مقتطفات من هنا وهناك، في صورة ترقيته سنة 1957  إلى عضوية قيادة مجلس الولاية الخامسة، ثم قائدا لها عام 1959 خلفا  للعقيد هواري بومدين، ومشاركته رفقة نائبه فراج " لواج محمد "  الذي أدى دوره الفنان أحمد رزاق، في أشغال دورة المجلس الوطني للثورة الجزائريـــة الذي جرت أشغاله بالقاهرة، وهنا صور  المخرج عقلية العقيد لطفي التي تقبل بالمجالس السياسية وعقليه الثورية حيث طلب من فرحات عباس رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة السماح له بالعودة الى الجبل والنضال رفقة رفاقه. 

لقطة استشهاد العقيد دغين بن علي ( لطفي ) رفقة نائبــــه الصاغ الأول فراج يوم 27 مارس 1960 بجبل بشار الواقع جنوب مدينـة بشار و على بعد حوالـــي 20 كلم إثر معركة كبيرة غير متكافئة مع قوات العدو الجويـــــــة و البرية و ذلك عندما كان عائـــدا في طريقه إلى ميدان عملياته بالولاية الخامسة، هي أجمل صورة في فيلم " لطفي" .

"لطفي"  هو  الفيلم الثوري  الثالث للمخرج أحمد راشدي بعد كل من " بن بولعيد" و "كريم بلقاسم" وإن كان قد وفق في هذا الأخير ، ها هو يفشل في تقديم فيلم يليق بشخصية ثورية كبيرة  كالعقيد لطفي. 

وما يسجل كذلك على المخرج راشدي هو عملية تصويره لالتحاق العقيد لطفي بالثورة، حيث يلاحظ المتابع للفيلم السذاجة التي ظهر  بها العقيد لطفي من خلال طلبه للسلاح واللباس وطريقة تعامل قائد الفرقة معه، إضافة لاستعمال لغة الخشب وسقطات بعض الممثلين الذين تم اختيارهم واللذين وجدوا صعوبة في استعمال لغة سكان تلمسان. 

الاعتماد على نفس الممثلين في ثلاث أعمال ثورية واحدة للمخرج راشدي تدفع لطرح أكثر من سؤال حول ماهية هذا الخيار  وكـأن في الجزائر  لا وجود لممثلين آخرين والأدهى من كل هذا ان بعض شخصيات الفيلم هي نفسها التي شاركت في فيلم بن بولعيد وهذا الامر الذي اشتكى منه حتى بعض الممثلين من سياسة الاقصاء التي يعتمدها بن بولعيد عبر تكريسه أسماء معينة على حساب أسماء أخرى. 

فيصل شيباني 

من نفس القسم الثقافي