الثقافي

تهميش ثقافي واعلامي... واقع الشعر الجزائري في يومه العالمي

"الرائد" تستطلع آراء بعض الشعراء الذين وردت أسماؤهم بمعجم "البابطين"

 

احتفل شعراء الجزائر امس على غرار شعراء العالم باليوم العالمي للشعر المصادف ليوم 21 مارس من كل سنة، لكن باحتفالية جد متواضعة اشرف على تنظيمها قصر رياس البحر بالتعاون مع اتحاد الكتاب الجزائريين، وحضرها قلة قليلة من الشعراء الذين وردت اسماؤهم بمعجم الشعراء العرب "البابطين، والذين كرموا بالمناسبة على ثمرة مجهودهم التي اهلتهم لذلك، مستلمين النسخ التسعة من المعجم، تزامنا مع احتفاليتين اقيمتا بنفس الغرض الاولى خصصت لشعراء الجنوب وأقيمت ببسكرة والثانية لشعراء الشرق وأقيمت، حيث سلمت المعاجم لقرابة 30 شاعرا جزائريا، نذكر منهم من حضروا احتفالية العاصمة بقصر رياس البحر نصر الدين حديد، بشير ضيف الله، نذير بوصبع، كاي خضاري وفاتح علاق، في حين عرت الاحتفالية واقع هذا النوع الادبي في بلادنا، حيث حضرها مجموعة قليلة من الشعراء والأقل من الصحفيين.

 

الشاعر ورئيس اتحاد الكتاب الجزائريين سابقا جمال سعداوي: "الاستمرارية واجب للنهوض بالشعر في الجزائر"

قال جمال سعداوي في حديثه "للرائد" بان ورود اسم 30 شاعرا في المعجم فخر للجزائر، فهي لحظة انتصار لها لانها سجلت اسها من ذهب في هذا المحفل الكريم المتمثل في المجلد الذي سيبقى للباحثين والأجيال العرب من الشعراء والمهتمين بالشأن الادبي، فبهذه الاحتفالية اردنا القول بان الشاعر لم ينتصر لوحده وانما انتصرت الجزائر كلها، برؤاها وبطموحاتها وباحلامها، سيعرف العرب كيف نفكر وكيف نحتفي بالجمال، بالشعر ومن خلاله، ومنه سمينا احتفال اليوم بـ "احتفائية جزائر الابداع والتألق"، حيث كرمنا على مستوى قصر "رياس البحر" مجموعة من الشعراء الجزائريين الذين بلغو 10 لكننا لم نوفق في حضورهم كلهم حيث تعذر للبعض ألمجيء وهناك شعراء يكرمون بالتزامن في بسكرة وسكيكدة.

وفي حديثه عن واقع الشعر في الجزائر قال ان يوم امس تمثل في تأسيس لحمة جديدة، التي كانت غائبة ومغيبة وهي بفروعها الثلاثة المتمثلة في المبدع والمجتمع المدني والمؤسسات الرسمية، واليوم تتضافر الجهود بين الفئات السابق ذكرها لتشكيل لحمة جديدة يجب عليها ان تستمر وان نكون كلنا يدا واحدة من اجل الفعل الحقيقي في المشهد الثقافي والادبي بعيدا عن المشهد الفلكلوري، والذي يجب ان يتأسس على الابداع والنهوض بالادب والثقافة في بلادنا، وللمحافظة عليها يجب تنظيم فضاءات للنقاش حول الاصدارات الشعرية والتجارب الإبداعية، وان ننوع في استضافاتنا للشعراء والمبدعين مابين الجيل القديم والجديد، حتى يكون للجميع حقه في الاعلام والنقاش حول تجربته الابداعية.

الشاعر فاتح علاق: "على الإعلام الاهتمام بهذا النوع الأدبي"

قال الشاعر فاتح علاق بان الاحتفالية كانت فرصة طيبة للالتقاء مع زملائه من الشعراء، ولإعلاء راية الشعر في بلادنا، التي كانت خامدة منذ زمن طويل، لان الشعر لا يتألق كثيرا في بلادنا الا قليلا –حسبه-، لظروف سياسية واجتماعية وثقافية مختلفة، فلقاء اليوم بالشعراء واستماع قصائدهم فرصة طيبة للتعرف والاستماع للإبداع وقياسه لأي مدى يمكن ان يسهم في ارتقاء هذا البلد العظيم، نظرا لكون الشعر في هذا البلد مهمش وظهوره يكون في فترات متباعدة جدا وفي مناسبات شحيحة جدا ومن ثم فان لقاء الشعراء ببعضم قليلا جدا، الا في بعض الامسيات التي يسهم فيها بعض الاساتذة من بعض الجامعات والتي لا تسمن ولا تغني من جوع، مضيفا بأنه لابد للشعر ان تكون له منابره الخاصة وفضاءاته الخاصة، لكي يسهم في بناء الذوق والعقل لذا من الضروري ان نفتح مجالاتنا المختلفة السمعية والبصرية والمكتوبة للشعر والشعراء حتى يهموا في تكوين القلوب والنفوس ومن ثم فان مجتمع بدون شعر يبقى ارضا قاحلة، وكل ما يروي النفوس العطشة التي هي في حاجة ماسة لذلك.

الشاعر بكاي خضاري: "الإعلام سبب في تهميش الشعر في الجزائر"

قال الشاعر والاكاديمي بكاي خضاري في تصريح لـ"الرائد": بصفتي قارئا قبل ان اكون شاعرا، اجد ان الساحة الشعرية موجودة لكن ينقصها الساحة الاعلامية التي تغطي، وليس فقط الوسائل السمعية البصرية والمكتوبة ولكن الدراسات النقدية والاكاديمية والجامعية التي يجب ان تعلم، الساحة الشعرية موجودة لكنها مختبئة ونحن اليوم في حاجة ماسة لاخراج هذا الكنز، ونحن نرى ان بين الفينة والاخرى نسمع عن فوز الشعراء الجزائريين في البلدان العربية بالجوائز الشعرية فالجزائر كالشمس اذا خرجت منها انارت لك الطريق، وانا واحد منهم، الساحة موجودة ينبغي لنا ان نخرج هذا المخبوء عن طريق النقد والقراءات والامسيات الشعرية على قلتها، عن طريق الدراسات والاعلام وغير ذلك.

الشاعر نصر الدين جديد: "الشعر أكبر من أن يحشر في ديوان أو في منصة"

أعرب الشاعر الجزائري الشاب نصر الدين جديد عن رغبته الكبيرة لإنشاء معجم جزائري يعنى بأسمائه الإبداعية، يلملم شتات كتابه وشعرائه ومبدعيه على حد سواء وأشار إلى غياب المؤسسات الإعلامية عن الحركة الإبداعية، وقال أن هناك أسماء جزائرية تستحق فعلا ان يحتفى بها في اليوم العالمي للشعر أو في سائر الأيام، وأن تكرم أيضا وان ترافق إعلاميا وإبداعيا، وعما تضيفه هذه الشهادات أشار ذات المتحدث أن الشهادات الاعتراف بالمجان لا تضيف شيء للشعر بل ورود أسماء جزائرية وعدم ورودها هو أمر سيان فهو مجرد معجم رغم انه يتيح تواصل بين الشعراء ويساعد على مد جسور التواصل بين المبدعين وتلاقح الأفكار والتجارب الإبداعية والتعرف عن كثب على شعراء العرب.

وعن واقع الشعر في الجزائر أكد ذات المتحدث أن وراء كل منشد أو مطرب أو مغني شاعر ولا اقصد بذلك الشعر الذي يقرا في المنصات يقول نفس المصدر ويضيف كيف نستطيع أن نقول أن الشاعر مهمشا وهو يستطيع أن ينشر ويكتب في كل مكان فالعالم أوسع من أن يمارس أي كان الإقصاء في الجزائر، إلا إذا أبى الشاعر، فالشعراء في المداشر والقرى استطاعت أن ترصدهم الحركة الإبداعية العربية على غرار مسابقة أمير الشعراء وغيرها وتتحصل على أسمائهم وتدرجهم في المعجم، فالشاعر لم يعد يقدم شعره بنفسه فالفنان يقدمه، مثلا نقول كاظم الساهر نقول نزار قباني، وعن معاناة الشعراء في الجزائر قال "نصر الدين جديد" أن بلادنا تعاني من موت المؤسسات الثقافية فيسبق الآخرون إلى الاعتراف بمبدعينا في بلدان أخرى ليكرم بعدها في الجزائر كأنه غريب عنها ولكن على الشاعر أن يبادر لا أن يقف مكتوف اليدين وينتظر نزول المطر، فالشعر ليست له حدود ولا أختام ولا جمارك ولا مؤشرات الشعر اكبر من ان يبوثق او يحشر في ديوان أو في منصة.

بشير ضيف الله: "يجب تغيير المنظومة الفكرية.. لتأسيس حراك ثقافي شعري جديد"

اعتبر الشاعر والأكاديمي الجزائري بشير ضيف الله أن عملية استلام معجم لشعراء العرب مجرد شهادة اعتراف لا أكثر، وواصل حديثه "للرائد" قائلا: "نحن أبعد من تكريم للشعر وللشاعر في يومه العالمي نحن نحاول تمديد فترة صلاحية الشعر فقط، رغم أن الشعر يستطيع أن يتجاوز كل الأفاق،إلا أنه كواقع فهو في حالة ميؤوس منها لأنه يعيش حالة من التردي نظرا لاتجاه الوزارة الثقافية للكرنفاليات، ونحو النشاطات التي لا تسمن ولا تغني من جوع بعدما كان الشاعر ناطقا باسم المجتمع من قبل إلا أننا نسير الآن في اتجاه تجعل الشاعر يتنصل من مسؤولياته ومن معه إلى درجة الإحباط، ففي اليوم العالمي للشعر لا يعني شيء أن ياتي الشاعر ليقرا بعض الأبيات الشعرية ثم يعود إلى بيته نحتاج إلى تكريمات فعلية وليست بروتوكولية، وأنا ألوم السياسة الثقافية للجزائر التي جعلت الكرنفالية رأس مال حقيقي، باستدعاء مطرب في حفلة تافهة وهو الذي يأخذ عائدات كبيرة، في حين الشاعر يقطع مسافة طويلة لقراءة نص وفقط، يجب تغيير المنظومة الفكرية وإعادتها من جديد ليتم تأسيس لحراك ثقافي شعري جديد من شأنه أن يعطي للنص حقه"

ابن الزيبان: "أمة بلا شعر أمة بلا ذاكرة"

ذهب الشاعر الجزائري ابن الزيبان أو المدعو عمر عاشور إلى ما ذهب إليه الشعراء قبله وقال أن وضع النخب في الجزائر تتساوى وتعاني، والتكريم ما هو إلا تكريم لجهد ومسار إبداعي طويل يتجاوز التسعينات وأتمنى ان يكون الشعر أحد أساسيات في حياة الجزائريين مثله مثل الخبز والسكن لان امة بلا شعر امة لا ذاكرة لها عبر الأزمان والأجيال، وشار في سياق اخر أن الجزائر تتمتع بحضور قوي في المحافل الدولية بحضورها المتميز على مستوى الديوان الشعر العربي منذ محمد العيد ومفدي زكريا من حيث القصيدة مضمونا وشكلا، ولدينا قامات شعرية كبيرة. وأضاف: من وجهة نظري تخليد هذا اليوم سيبقى راسخا في الروح والذاكرة ليس باعتباره يوم احتفاء بالشعر، وإنما كعرس شعري يحتفي بالكلمة الشعرية الروحية حتى تبقى خالدة مدى الحياة ويبقى للشاعر مكانته الهامة بين قرائه وجمهوره،وبالتالي إفساح المجال لهم للإقبال على الدواوين الشعرية وترسيخ روح القراءة والمتابعة لكل ماجد في عالم الإبداع الشعري كما هي فرصة كبيرة تفتح الباب على مصراعيه لتلاقح التجارب وتبادل ركن التعارف بين المبدعين داخل الوطن وخارجه.

ليلى عمران

 

من نفس القسم الثقافي