الثقافي

فيلم إيراني يجسد شخصية نبي الرحمة بتمويه ملامح الوجه

عرض رغم الانتقادات ومحاولات المنع من الأزهر وعلماء السنة

 

 

خرج المخرج الايراني مجيد مجدي الملقب بالمخرج المسالم، منذ بداية الشهر الجاري بفيلم اثار الضجة منذ الاعلان عنه في مهرجان فجر السينمائي في طهران، ليعرض في دور عربية وعالمية تباعًا مع بداية مارس القادم بحسب ما ذكر موقع "ساسة بوست"، وهو الفيلم الذي يجسد شخص الرسول عليه الصلاة والسلام كأول مرة في التاريخ، لكن بتمويه ملامح الوجه بمؤثرات بصرية. 

ومنذ بداية الإعلان حرص الأزهر والدول الإسلامية السنية لإيقاف الفيلم، حيث أرسل علماء الأزهر إلى فريق مجيدي رسائل تخبره بتحريم فعله، وأنه سيؤثر بالسلب على الصورة النقية لنبي الإسلام عند المسلمين، في حين اصر المخرج على رايه وفشل في إرضاء الأزهر ومعظم علماء أهل السنة على الرغم من كل محاولاته لتجنب كل المناطق الخلافية والتأكيد على عدم عرض وجه النبي، إلا أن الأزهر اعتبر مجرد عرض جسد النبي وصوته إهانة كبرى لمكانته، لكن مجيدي خرج بعد صمته بمؤتمر صحفي يعلن عن انتهاء العمل ويدعو العالم الإسلامي لإنتاج أعمال فنية عن نبيهم قائلاً: «لقد صنع اليهود والمسيحيون والبوذيون مئات الأفلام عن أنبيائهم، كما صنع اليهود مئات الأفلام التسجيلية والوثائقية عن الهولوكوست، حتى اليوم مازالت الأفلام عن الهولوكوست لا تتوقف. ربما ثمة سبيل آخر هذه الأيام لإيصال رسالتك للعالم، الأدوات التقليدية لم تعد تجدي نفعًا». 

واهتم فيلم الرسالة بعرض غزوات النبي والتوسعات الإسلامية كثيرًا، لكن ليس بقدر اهتمامه بتصوير حياة النبي، المخرج الذي يهتم بأدق التفاصيل الإنسانية في أفلامه أعلن أنه لا يريد للناس أن يتذكروا السيف حين يذكر الإسلام، بل يريد أن يري الناس كيف كان رسول الإسلام إنسانًا كاملاً، وقال المخرج في تعليق له حول الفيلم انه ياتي ضمن محاولات كثيرة لتعريف العالم بالإرث الحقيقي للنبي محمد، بعد الرسومات الدنماركية المسيئة للإسلام عام 2005، التي تفاعل معها العالم الاسلامي كل حسب طريقته وما يراه الانسب في حين كان رد الفعل الإيراني على الحدث باطلاقه للعديد من المشاريع الفنية والتعليمية منذ 2006 بهدف نقل عظمة النبي محمد وقصة حياته السامية إلى العالم، وكذا اقامة مؤسسة شبه حكومية إيرانية تمول أغلب المشاريع الثقافية الكبرى تحت اسم «بنيان المستضعفين» لدعم وتمويل سلسلة سينمائية ضخمة عن سيرة النبي محمد، مقسمة إلى ثلاثة أجزاء، يتناول الجزء الأول فيها أحداث عام الفيل وطفولة النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلوغه سن الثانية عشرة، اشرف على اخراج الجزء الأول منها مجيد مجيدي، بحكم عمله الدائم على أفلام تتناول الأطفال من زوايا روحانية كان قد أعلن كثيرًا عن رغبته في عرض طفولة النبي للعالم. وصورت أحداث الفيلم التي لتتجاوز تكلفته 35 مليون دولار، في مدينة «نور» السينمائية في إيران، حيث بنيت نماذج لمكة القديمة خصيصًا للفيلم، كما سافر الفريق لتصوير مشاهد «عام الفيل» في جنوب أفريقيا بعد أن رفضت الهند والمغرب إعطاء التصاريح لذلك، كما لم يغفل مجيدي الاحترافية حتى في اختيار شعار وخط لكتابة اسم الفيلم، حيث عقد مسابقة على مدار أسبوع يديرها سبعة حكام هم من أفضل رسامي وخطاطي إيران ليكتبوا كلمة «محمد رسول الله» بما يناسب نوع الفيلم وتاريخيته، أكثر من 2600 من أفضل خطاطي ومصممي إيران قدَّموا أعمالهم الفنية، لم يختر مجيدي أيًا منها، ليعيد الورشة مرة أخرى وعلى مدار أشهر، حتى يستقر أخيرًا على عمل مقدم من جليل رسولي أحد أكبر خطاطي إيران. المحتوى التاريخي للفيلم مثل تحديًا كبيرًا للمخرج الذي كتب سيناريو الفيلم مشاركة مع كامبوزيا برتوي وحميد أمجد، مستعينا بفريق كبير من المحققين والباحثين عمل على مدار ثلاث سنوات على تنقيح وتحقيق المصادر الشيعية والسنية لحياة الرسول. حاول جمع كل ما هو مشترك بين الروايتين. حيث يقول مجيدي عن رحلة كتابة السيناريو أن فترة طفولة النبي هي أكثر ما تتفق عليه الروايات السنية والشيعية، وأنه حاول تماما تجنب أي شيء يمكن أن يثير الخلاف بين الفريقين، واستعان مجيدي في تصوير فيلمه بمدير التصوير الإيطالي العالمي «فيتوريو أسطوارو»، وهو الحاصل على الأوسكار 3 مرات، يقول فيتوريو عن المشروع: «عملت عام 2010 مع المخرج الجزائري رشيد بن هادي، وتعرفت على الإسلام قليلا وقرأت عنه كتابا، وما إن انتهيت من الكتاب حتى جاءتني رسالة تسألني وكأنني في حلم أو سحر، هل تريد العمل على تصوير الجزء الأول من ثلاثية عن النبي محمد؟» إحدى مهام فيتوريو الأساسية في تصوير الفيلم هي استخدام الضوء والظلال بشكل احترافي بحيث لا تظهر ملامح وجه النبي محمد في الفيلم.

ليلى.ع

من نفس القسم الثقافي