الثقافي
الأمر كله يتعلق بدرجة النضج والقدرة على الرد على الاستفزاز بحكمة وتعقل
الروائي عمارة لخوص معلقا على حادثة "شارلي ابدو":
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 31 جانفي 2015
قال الروائي الجزائري عمارة لخوص، في تعليقه على حادثة "شارلي ابدو" التي تشبه وقائع روايته الجديدة "نزاع حول خنزير ايطالي في سان سالفاريو" إلى حد كبير، ان الامر كله يتعلق بدرجة النضج سواء تعلق الأمر بفرد أو جماعة، حيث يكمن في القدرة على الرد على الاستفزاز بحكمة وتعقل، مشيرا إلى ان القاسم المشترك بين روايته وحادثة شارلي إيبدو هو الاستفزاز، فيكفي عمل بسيط كرسم كاريكاتوري مهين للمسلمين أو وضع خنزير صغير في مسجد كما هو في الرواية حتى تقوم القيامة.
ليلى عمران
وأضاف عمارة في حوار له ل"الجزيرة نت" انه على صاحب الحق ان يكون ذكيا في رده وتصرفاته حتى لا يتحول من مظلوم إلى ظالم، معلقا في سياق حديثه عن روايته الجديدة التي ترمي في نفس الاطار، انه لحسن الحظ أن أبطالها كانوا أكثر تحكما في الأعصاب، والمسألة انتهت من دون إراقة للدماء، واضاف لخوص وهو الباحث في موضوع ثقافة المهاجرين ومشكلات اندماجهم في اروربا، ضمن دراسته الاكاديمية في الانتروبولبوجيا، ان اروربا اليوم احتقانا شديدا إذ تحولت قضية المهاجرين عموما والمسلمين خصوصا إلى ورقة انتخابية، مضيفا ان الإرهاب، بوصفه أكثر الصدامات دموية، نتاج تراكم طويل من الإخفاق والفشل، ضاربا مثالا حيا بفرنسا التي لم تنجح –حسبه- لحد الآن رغم مرور نصف قرن في بلورة موقف نقدي شجاع من تجربتها الاستعمارية الكارثية، علما بأن أكثر المهاجرين الوافدين هم من سكان المستعمرات السابقة، إضافة إلى فشل نموذج إدماج أبناء وأحفاد المهاجرين المولودين في فرنسا تحت مظلة الجمهورية وقيمها، خصوصا في الشق المتعلق بالمساواة، اما من الجهة المقابلة، فقدت الجاليات المسلمة في فرنسا وأوروبا عامة بوصلتها وركزت على أمور ثانوية هامشية، وبدلا من الاستفادة من مناخات الحرية والديمقراطية المتاحة في الغرب عموما والعمل على إيجاد إسلام أوروبي، حيث يسعى بعض المسلمين المهاجرين إلى استيراد وتقليد إسلام دولهم الأصلية الذي يحتاج إلى إصلاح عاجل، مشيرا لخوص إلى انه قد تناول هذه المواضيع بعمق في روايته "القاهرة الصغيرة"، قائلا باننا نعيش مرحلة مخاض عسيرة وحساسة، تستوجب إعادة النظر في منظومة الأجوبة التي تشكل مرجعيتنا الفكرية كمسلمين، مضيفا لخوص ان الكثير من الأجوبة لم تعد مقنعة ونحتاج إلى طرح أسئلة جديدة جريئة في ظل التغيّرات المستجدة، بالاضافة إلى تكريس مبادئ جديدة مثل المساواة بين الجنسين وأولوية الفرد على الجماعة، مشيرا إلى انه كثيرا ما قال للأوروبيين والغربيين إن الإسلام يمثل تحديا إيجابيا وليس خطرا على ديمقراطيتكم، بحيث لا توجد ديمقراطية حقيقية بلا تحديات وامتحانات صعبة.
اما في سياق اخر فقال عمارة لخوص انه لم يتوقف عن الكتابة بالعربية يوما، وان كل ما في الأمر أنه أصدر الروايتين الأخيرتين بالإيطالية، مضيفا انه لا يشعر بالإجحاف في العالم العربي، حيث هناك اهتمام برواياته سواء من طرف النقاد أو الإعلاميين أو القائمين على معارض الكتب أو الروائيين، مشيرا في سؤال حول مرور روايته السابقة باللغة العربية مرور الكرام في حين رفعت للنجومية باللغة الايطالية، إلى ان لم يرهن الكتابة بالنجومية في حياته، وانه عثر على السعادة في القراءة والكتابة في بداية سن المراهقة، ثم بدأ يحلم بأن يكون كاتبا متميزا، وبدأت مغامرتي الكبيرة مع اللغة الإيطالية التي تعلمها وأتقنها وأبدع فيها، وبعد سنوات من العمل الشاق بدأ يجني بعض الثمار، مضيفا لخوص في نفس الاطار انه لا يعتقد أن رواياته تقتصر على "تيمة" المهاجرين وإيطاليا فقط، والدليل هي ترجمتها إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والهولندية والألمانية واليابانية، حيث سأل ناشره الياباني مرة عن سبب ترجمة روايته "كيف ترضع من الذئبة" و"القاهرة الصغيرة" من الإيطالية إلى اليابانية، فأجابه: "إننا نعيش نفس الإشكالات التي طرحتها ولكن مع المهاجرين الكوريين"، مشيرا إلى السبب في ذلك راجع إلى انه يشتغل على أفكار إنسانية عالمية كعلاقة الأقلية بالأغلبية وعلاقة الفرد بالآخرين، "فربما السؤال المحوري في رواياتي هو كيف نعيش معا رغم اختلافاتنا الدينية واللغوية والثقافية؟ لقد سكنني هذا السؤال منذ ولادتي في كنف أسرة أمازيغية في الجزائر العاصمة، وأنا أومن بالهوية المفتوحة وأسعى إلى الاستفادة من جميع الثقافات".
ويذكر ان الروائي عمارة لخوص من مواليد الجزائر العاصمة عام 1970، وهو روائي جزائري وإيطالي يكتب باللغتين العربية والإيطالية. درس الفلسفة في جامعة الجزائر والأنثروبولوجيا في جامعة روما إلى غاية حصوله على الدكتوراه. وهو يقيم حاليا في نيويورك، صدر له بالعربية "البق والقرصان" و"كيف ترضع من الذئبة دون أن تعضك" و"القاهرة الصغيرة". أما بالإيطالية فقد نشر "قرصان صغير جدا" (ترجمة فرانشيسكو لجّو) و"طلاق على الطريقة الإسلامية في حي ماركوني" و"فتنة الخنزير الإيطالي الصغير في حي سان سالفاريو" و"مزحة العذراء الصغيرة في شارع أورميا". وترجمت رواياته إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والهولندية واليابانية