الثقافي

وداعا فتيحة بربار

الفن الجزائري يفقد إحدى أيقوناته

 

  • رحلت دون سابق إنذار عن عمر يناهز 70 سنة

 

انطفأت شمعة فنية جزائرية اخرى مساء اول أمس، برحيل صاحبة الصوت الجميل، الممثلة المقنعة والأم الحنون فتيحة بربار، اثر سكتة قلبية مفاجئة بباريس، عن عمر ناهز 70 سنة، مخلفة وراءها مسار حافل بالأعمال الفنية، طبعت من خلاله بصمة خاصة بها في المسرح والسينما الجزائرية.

ولدت فتيحة سنة 1945 في حي القصبة بالعاصمة، وبدأت مشوارها الفني كمغنية إلى جانب الراحلة فضيلة دزيرية، قبل أن يكتشفها ركح "محيي الدين بشطارزي" أيضاً ويدخلها المسرح، وهي التي التحقت بالمعهد البلدي لتدرس الفن الرابع، بعد أن غادرت مقاعد الدراسة، وكانت في ذلك الوقت تدرس على غرار بقية الجزائريين في المدارس الفرنسية، غير أنها وتراجعت وحسمت الأمر بممارسة التمثيل رغم كل الصعاب التي اعترضت طريقها، خاصة أنها من أسرة محافظة عارضت بشدة فكرة دخولها إلى الوسط الفني من الأساس.

شاركت في أعمال مميزة كثيرة نالت بها شهرة واسعة، احبها الجمهور الجزائري في اعمال سينمائية عديدة لعل ابرزها الفيلم الكوميدي "عايلة كي الناس" الذي مثلت فيه دور الام إلى جانب عملاق السينما الجزائرية عثمان عريوات سنة 1990، وفيلم "عايش بـ 12" سنة 1976، اين شكلت مع الممثل "رويشد" ثنائياً مبدعا.

والى جانب الاعمال الكوميدية، ابدعت بربار ايضا في تقمصها للأدوار الجدية، من خلال مختلف الأعمال التلفزيونية والسينمائية التي أثرت بها الساحة الفنية الوطنيةّ، منذ بداية مشوارها الفني سنة 1959، حيث كان الجزائريون يعيشون تحت وطأة الاستعمار الفرنسي الغاشم، وبالرغم من ذلك، إلا أن الأمر لم يحد من عزيمتها في خوض المغامرة رغم المعارضة الشديدة التي لقيتها من عائلتها في ذلك الوقت، حيث كان المجتمع ينظر إلى التمثيل على أنه انحراف ليس أكثر.

شاركت في الثورة الجزائرية رغم صغر سنها انذاك، حيث حرصت على غرار بقية الوطنيين والوطنيات على محاربة الاستعمار، بتوفير الدواء للمجاهدين، بجمعه من بيوت المواطنين وتسليمه لاحد النسوة المتكفلات بنقله لهم إلى الجبال.

وقفت مع عمالقة التمثيل في بلادنا من الذين غادروا الحياة، والذين مازالوا على قيد الحياة من أمثال المرحوم رويشد، مصطفى كاتب، علي عبدون، يحيى بن مبروك، العربي زكال، الفنانة وهيبة وغيرهم من الذين تكن لهم كل الحب والاحترام والتقدير.

كما مثلت الجزائرية فتيحة بربار في عدة أعمال مسرحية وتلفزيونية وسينمائية، كما كونت ثنائيا ناجحا مع الممثل الراحل رويشد من خلال فيلمي "البوابون" و"حسان الطاكسي".

اشتهرت في التلفزيون الجزائري عبر مسلسلات رمضانية هي “الغزالة والمصير والبذرة 1 و2 وغيرها، وكان الدور الذي يراهن عليه كل المخرجون لها هو دور الزوجة الشريرة أو الأم الحنونة.

نعتها الاسرة الفنية بكثير من الأسى، اجمع كل من تحدثت معهم "الرائد" على خسارة الفن الجزائري لأحد عمالقته بفقدانها، حيث كان لنا حديث مع الكثير منهم على غرار:

الفنانة القديرة نادية طالبي: فتيحة بربار وردة من وردات الجزائر رحلت عنا ولم تذبل، سافرت إلى فرنسا في صحة جيدة جدا، لم تكن مريضة او تشكو من شيئ، لم اصدق الخبر حين سمعته لأنني تحدثت معها مرارا منذ سفرها إلى فرنسا لزيارة ابنها، هي الام الحنون كانت تحب اولادها وتوفيت في بيت ابنها هناك، عملنا معا في عدة مسرحيات ومسلسلات، كما كرمنا معا ايضا في تكريم مصطفى كاتب، وفي ولاية سطيف مؤخرا ايضا ضمن فعاليات مهرجان الاغنية السطايفية إلى جانب تخليد ذكرى الراحل سمير سطايفي، حيث كرمنا من طرف والي ولاية سطيف، لا يسعني القول الا ان الجزائر فقدت احد قاماتها الفنية الكبيرة وربي يرحمها ويصبر ذويها.

المخرج مسرحي ومدير المسرح الجهوي لبجايةعمر فطموش: 

فقد المسرح الجزائري للأسف احد قاماته، فتيحة فنانة قديرة، من القلائل الذين لا كانت لهم ثقة كبيرة في المسرح الجزائري وفي الممثلين الشباب خاصة، لم اتعامل معها في اعمال مسرحية من قبل لكنها دائما كانت تحل ضيفة عزيزة علينا من خلال اللقاءات والمهرجانات والفعاليات المسرحية، كما استضفناها مؤخرا في الدورة السادسة لمهرجان المسرح الدولي لبجاية.

الفنان فؤاد زاهد: الفن الجزائري فقد احد عمالقته مسرحيا وسينمائيا وتليفزيونيا، بفقدانه لقامة كفتيحة بربار رحمها الله، كانت اكثر من فنانة، كانت ناقدة ايضا، حيث لم تبخل علينا بالنقد البناء والنصائح القيمة وبصفتي فنان جزائري فانا اقول ان الساحة الفنية الجزائرية مرضت عند سماعها الخبر، فانا شخصيا لم اصدق ان الام الحنون والفنانة القديرة قد رحلت عنا دون أي سابق انذار.

عبد الباسط خليفة: فتيحة بربار فنانة قدمت الكثير للفن الجزائر وأخذنا نحن منها الكثير، تفاجات كثيرا بوفاتها، اذ نزل علي الخبر كالصاعقة، وانا الذي كنت قد اتصلت بها منذ ثلاثة ايام فقط بعدما كانت مرشحة لفيلم مع المخرج رشيد بلحاج، حيث كانت بصحة جيدة وتحدثت معي وهي كلها حيوية، مؤكدة لي انها ستنزل إلى الجزائر في نهاية الشهر الجاري، لكن القدر كان اسبق وكتب لها ان ترجع إلى بلدها في صندوق غدا.

ليلى عمران

من نفس القسم الثقافي