الثقافي
كريم بلقاسم... هكذا انتهت المهمة
العرض الشرفي لفيلم "كريم بلقاسم" بقاعة الموقار
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 16 جانفي 2015
شاب جزائري عائد من خدمة التجنيد الاجباري في صفوف الجيش الفرنسي يرى الظلم والتعسف الفرنسي في حق ابناء منطقته يقرر الصعود إلى الجبل والانتفاضة على المستعمر الفرنسي بداية من سنة 1947 أي قبل انطلاق الثورة التحريرية بسبعة سنوات ليكون بذلك من الاوائل الذي آمنوا بالعمل المسلح وأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
تقديم...
كريم بلقاسم هو الفيلم الثوري للمخرج الجزائري احمد راشدي والذي عرض اول امس بقاعة الموقار بحضور العديد من الشخصيات السياسية والرسمية يتقدمهم الوزير الاول عبد المالك سلال، جاؤوا للوقوف على تاريخ هذا الرجل ومساره النضالي بداية بالحركة الوطنية وعلاقته مع مصالي الحاج رئيس حزب الشعب الجزائري وكيف اختلف معه نظرا لإيمانه بالعمل المسلح في الوقت الذي كان ينادي فيه مصالي للتريث حتى يتم التحضير للثورة جيدا.
كريم بلقاسم أول المنتفضين
اتخذ المخرج احمد راشدي سنة 1947 انطلاقة لفيلمه وبالضبط بمنطقة ذراع الميزان المتواجدة في بلاد القبائل وهي مسقط راس الشهيد كريم بلقاسم هذا الشاب الذي عاد بعد تأديته الخدمة الوطنية في صفوف الجيش الفرنسي وهناك رأى ما يعانيه الشباب الجزائري، وبعد قضائه فترة الخدمة رجع إلى مسقط رأسه ليفاجأ باستغفال سلطات الاستعمار لسكان المنطقة واستغلال سذاجتهم للتلاعب بلهم ودفعهم للانتخابات التي تكون محسومة مسبقا، وهنا بالذات ينتفض كريم بلقاسم رفقة مجموعة من الشباب الذين يقررون مجابهة الاستعمار بالقوة بعد ان حكم عليهم بالسجن لتخذوا من الجبال مأوى لهم ويربطوا اتصالات مع حزب الشعب الجزائري من اجل التحضير للثورة.
تفاصيل مهمة
لم يبخل أحمد راشدي في فيلمه من التطرق لأهم تفاصيل حياة كريم بلقاسم وعلاقته برفاقه في الكفاح خاصة الشهيد عبان رمضان ورفيق دربه أوعمر اوعمران الذي شهد معه أكبر المعارك ضد المستعمر الفرنسي، حيث شقا الطريق معا وكانا جنبا إلى جنب في كل محطاتهم النضالية خصوصا بعد ربط اتصالاتهم مع عبان رمضان بعد خروجه من السجن، اضافة للقاءاته مع مصالي الحاج ومفاجأته بالمعاملة لتي حظي بها من طرف سكرتير هذا الاخير لما طلب منه تعيين محامي للدفاع عنه، ما جعله يثور في وجه السكرتير ويقرر الالتحاق بالجبل، ولكن كان له لقاء اخر مع مصالي الحاج سنة 1950 بمقر الحزب في أعالي بوزريعة.
حزب الشعب الجزائري مآلات أخرى
بعد تزايد رقعة الصراع داخل حزب الشعب الجزائري بين تيار يدعم الرئيس مصالي الحاج يدعو إلى ضرورة التحضير الجيد وعدم الاستعجال في تفجير الثورة وبين تيار اخر يلح على اندلاعها يدور نقاش اخر بين كريم بلقاسم ومصالي الحاج يتحدث عن انفصال منطقة القبائل عن باقي انحاء الوطن في طريقة التسيير، وهو الكلام الذي يرفضه كريم بلقاسم جملة وتفصيلا قائلا بان منطقة القبائل جزء لا يتجزأ من الوطن، بعدها يقرر رفقة اوعمر اوعمران الانشقاق عن حزب الشعب الجزائري والمشاركة في لجنة التحضير الخاصة بالثورة والمشاركة في صياغة بيان اول نوفمبر.
محطات تاريخية
ركز المخرج احمد راشدي على اعطاء المحطات التاريخية اهميتها من خلال الفيلم حيث كان يتطرق إلى تواريخ الاجتماعات وأماكنها، حيث لم يغفل التأريخ لأماكن اللقاءات والاجتماعات نظرا لاهميتها في تحديد مسار الثورة وبداية بتاريخ لقائه مع مصالي الحاد سنة 1950 ببوزريعة في مقر حزب الشعب الجزائري، الاجتماع بمنطقة ايغيل ايمولا في 30 اكتوبر 1930 تمهيدا لتفجير الثورة وقراءة بيان اول نوفمبر، بعدها لقاء عبان رمضان واوعمر اوعمران سنة 1955 وبداية حديث عبان رمضان عن الزعامة وضرورة تحديد المسؤوليات، مع كل هذا شكل مؤتمر الصومام وتداعياته والتغيير الذي طرأ على مقر الاجتماع بعد كمين القوات افرنسية ونقله إلى منطقة ايفري اوزلاقن في اعالي بجاية الحدث التاريخي الابرز والأطول في الفيلم نظرا لأهميته ولكونه وقع بمنطقة القبائل وكان لكريم بلقاسم والعقيد عميروش دورا كبيرا في تنظيمه والسهر على نجاحه.
مؤتمر الصومام واختلاف الرؤى
شكل مؤتمر الصومام حدثا محوريا في الفيلم نظرا لما يحمله من اهمية كبرى في تحديد مسار الثورة ولكونه وقع بمنطقة القبائل التي ينتمي اليها كريم بلقاسم وعبان رمضان وهما عنصران اساسيان في تحديد لعبة ما بعد مؤتمر الصومام وما تبعه من احداث غيرت من خارطة الثورة وفتحت المجال لباب جديد من التساؤلات حول صراع الزعامة وضرورة تحديد المسؤوليات الذي كان يدعو اليه عبان رمضان، هذا الاخير جعل من الاولويات هدفا يسعى لتحقيقه عن طريق اقناع اعضاء مجلس الثورة بوجوب تقديم الداخل على الخارج واولوية السياسي على العسكري وهو ما لم يهضمه عديد كبير من قيادات الثورة في مقدمتهم رفيقه كريم بلقاسم، ما ادى اغتيال عبان رمضان بمدينة تيطوان المغربية.
الأحداث تتوالى
عرف الفيلم بعد اغتيال عبان رمضان احداثا عديدة حيث توالت الاخبار من هنا وهناك عن رغبة الاستعمار الفرنسي في الجلوس على طاولة المفاوضات وبداية تدويل القضية الجزائرية، والتي لعب فيها كريم بلقاسم دورا كبيرا بحكم توليه منصب وزير الدفاع في الحكومة الجزائرية المؤقتة التي اسست سنة 1959 بمدينة القاهرة المصرية، بعدها جلس الجانبان الجزائري والمصري على طاولة المفاوضات بمدينة ايفيان، هذه المفاوضات والتي دامت 10 ايام تم التوصل فيها إلى وقف اطلاق النار ومنح الجزائر استقلالها اين وقع كريم بلقاسم على وثيقة الاستقلال قائلا " انتهت المهمة"، بهذه العبارة انتهى الفيلم ليبقى السؤال مطروحا كيف اغتيل كريم بلقاسم.
قوة الكاستينغ
ما يحسب للمخرج احمد راشدي في لمه " كريم بلقاسم هو قوة الكاستينغ اين نجح راشدي في اختيار احسن الممثلين الجزائريين في صورة البطل سامي علام الذي ادى دور كريم بلقاسم حيث وفق هذا الاخير إلى حد بعيد، كما لفت الممثل مصطفى لعريبي النظر بتأديته لدور عبان رمضان، حيث اظهر قوة كبيرة في التمكن واحترافية في الاداء ما جعله يبرز خلال الفيلم، ممثل اخر برز في الفيلم وهو احمد رزاق بأدائه دور الشهيد أوعمر اوعمران والذي كان معروفا عليه شدته في التعامل مع الجنود وروح النكتة في نفس الوقت وهو الدور الذي اداه احمد رزاق بتقنيه عالية.
الأرشيف حاضر
اعتمد احمد راشدي على بعض المقتطفات من الارشيف خاصة في المعارك نظرا لحاجته يتدعيم الفيلم وتوثيقه ببعض الاحداث الحقيقية التي حصلت فعلا، وبرر راشدي هذا الاختيار لكون بعض المناطق والبنايات قد تغيرت كليا وستعيق بذلك التسلسل التاريخي للأحداث داخل الفيلم ما دفعه للاستعانة بالأرشيف، وأعطى مثالا بمبنى اتفاقيات ايفيان عاد إلى مقتطفات لهذه المفاوضات خاصة عند دخول كريم بلقاسم إلى قاعة المفاوضات.
فيصل شيباني