الثقافي

“غابريال”: كسر الطابوهات

 

 

اقتحمت المخرجة الكندية لويز أرشامبول عالم ذوي الاحتياجات الخاصة وغاصت في قصة أحلام الشباب البالغين “المعاقين”، مُكسرّة لأولّ مرّة “طابو الحب” لدى هذه الفئة التي تحلم كما غيرها من شرائح المجتمع بأن تعيش حياة عادية تحب وتنجب رغم العوائق ونظرة الناس في الفيلم الروائي الطويل “غابريال” ترصد المخرجة أرشامول قصة مثيرة للفتاة “غابريال” 22 سنة، رفقة ثلة من أصدقائها المعاقين، الذين يتعلمون دروس الموسيقى والغناء في مركز ترفيهي خاص بذوي الإعاقة الذهنية، لتحضير العرض الغنائي الكبير في أحد المهرجانات الموسيقية بمنطقة الكيبك الكندية تحت قيادة الفنان شارل لوروا، وبعد مرور وقت تقع في حب زميل لها اسمه “مارتان” (ألكسندر لاندري)، الذي احترف كذلك مهنة النجارة، حيث تواجه علاقتهم الغرامية الرفض من قبل أسرهم والمساعدين الاجتماعيين، لكن الإصرار يدفعهما لمواصلة المغامرة ضاربين عرض الحائط الحواجز التي تقف في طريقهما.

وتطرح أرشامبو في هذا الفيلم أسئلة كثيرة على شاكلة هل يمكن لذوي الإعاقة الذهنية أن يحبوا ؟ أو كيف ينظر إليهم المجتمع وغيرها من التساؤلات، التي تعكس جانبا من معاناة هذه الشريحة رغم تميزها وتفوقها في عدّة مجالات. غير أنّ الفيلم أبرز دفاع غابريال ومارتن عن حبهما مثل بقية الناس العاديين، حتى يثبتا للرافضين بأنّه من حقهم الحب ولا يوجد عائق يحول دون ذلك.

من جهة أخرى، تنقل المخرجة صورة أخرى لا تقلّ أهمية عمّا يحدث لذوي الاحتياجات الخاصة في كندا، حيث تصور طريقة تعليمهم في إحدى القرى الهندية، من طرف زوج “صوفي” أخت غابريال التي وقعت بين نارين نار الانضمام لحبيبها بالهند ونار التخلي عن غابريال. وذلك بهدف الانفتاح على الأخر على حدّ تعبير لويز أرشامبو التي قالت عقب عرض العمل، اليوم الثلاثاء بقاعة الموقار بالعاصمة في إطار منافسة الأفلام الوثائقية لمهرجان الجزائر الدولي للسينما، بأنّ العمل يهدف إلى الانفتاح والتسامح.

وفي نقاش بعد الفيلم قالت المخرجة الكندية أرشابو أنها تعاملت مع ممثلين ليسوا محترفين، لكن أغلبهم مثقفون رغم إعاقتهم الذهنية، وبالتالي كان من الواجب أن ينظروا إلى الكاميرا لتوجيه حركاتهم وكيفية أداء للدور، وأضافت المخرجة أن هناك ممثلين يقومون بشكل عفوي بحركات وإماءات، حيث طوال فترة التصوير التي دامت 28 يوم، طلبت من مدير التصوير أن يحرص على توجيه الممثلين لينظروا إلى الكاميرا يسارا ويمينا، وأحيانا أخرى يتم بطريقة مرتجلة.

وعن معالجتها لهذا الموضوع كشفت أرشابو أن الممثلين يتمتعون بذكاء خارق، فغابريال لم تحب في حياتها، إلا في السينما، وبالتالي كان من الصعب تأدية ذلك وتصويره، بسبب نظرة الناس إلى هذا الموضوع الحساس، لكن استطاعا الممثلان غابريال ومارتن تجاوز هذا الموقف وأكملا تصوير المشاهد وكأنّها حقيقية.

 

“مرسيدس سوزا، صوت أمريكا اللاتينية” : الخامة الملتزمة

تمثل المغنية الأرجنتينية مرسيدس سوزا رمزا كبيرا لأهمية الفن في مقاومة الظلم والديكتاتورية، إذ شكلت أغانيها الوطنية تهديدا قويا لحكــم الديكتاتــور خورخــي فيديــا في منتصف سبعينيات القرن الماضي، ولم تكسب حبّ الشعب الأرجنتيني فحسب، بل أسرت كل شعوب دول أمريكا اللاتينية بعذب صوتها وقوة أشعار أغانيها، حسب ما نقلته كاميرا المخرج رودريغو فيا في فيلمه الوثائقي “مرسيدس سوزا، صوت أمريكا اللاتينية”.

عرض الفيلم، اليوم بقاعة الموقار، ضمن تواصل الطبعة الخامسة لمهرجان الجزائر الدولي للسينما، أيام الفيلم الملتزم، والعمل (90 دقيقة، إنتاج 2013) يروي قصة المغنية الأيقونة في الأرجنتين وأمريكا اللاتينية، مرسيدس سوزا التي عاشت حياة صعبة محفوفة بالخطر والحزن، تعرضت خلالها لتهديد بالقتل في أكثر من مناسبة، بسبب مواقفها وحبها لأرضها ومناهضتها للنظام الديكتاتوري في الأرجنتين، ووصل بها الأمر أن نفيت عنوة إلى ملجأها الاختياري بفرنسا.

استهل الفيلم بمشاهد لجنازة مرسيدس التي عرفت حضور حشد كبير من محبيها وعشاق صوتها المقاوم للنظام الأرجنتيني المتعنت وقتئذ، ثم إطلاق مجموعة من الشهادات المقتضبة لمجموعة من الفنانين والموسيقيين وأهل المغنية وصديقاتها، وجمّل عمله الوثائقي بأشهر أغاني مرسيدس التي تناشد العدل والحرية والحياة الكريمة.

ويتضمن الفيلم رسالة إلى الفنانين من الجيل الجديد مفادها أن الفن والغناء الملتزم بالتحديد يعد سلاحا له القدرة على مواجهة أشكال ظلم أنظمة الحكم الطاغية والجاثمة على قلوب شعوبها فحرمتهم من أبسط حقوق العيش الكريم المتمثل في الحرية، ويوضح المخرج ذلك من خلال إعادة من مقاطع أغنية تؤكد أنها ستبقى تغني رغم كل شيء، فحسبها إن توقفت عن الغناء فهو كذلك توقف عن ممارسة الحياة، هي ميتة دون أن تغني لوطنها وشعبها.

واعتمد المخرج على مادة توثيقية هامة رصدت فيها حياة المغنية الرمز، وعززها بشهادات من أقرب الناس إليها على غرار أولادها وأصدقائها وكذا أصدقاءها في عالم الفن والغناء، كما اعتمد على كم هائل من تصريحاتها للصحافة سواء الإذاعة أو التلفزيون تبث لأول مرة.

 

من نفس القسم الثقافي