الثقافي

ديوان أثر الفراشة لمحمود درويش مميز

 

 

يُثير كتاب «أثر الفراشة» لمحمود درويش عدداً من الالتباسات لدى القارئ. لعل درويش نفسه حاول تجنّب التعددية التي تحكم نصوص الكتاب، فوضعها في خانة «اليوميات». لكنّ وسم النصوص بهذه الصفة لا يجعلها تنضوي، كلها، تحت هذه اللافتة. ثمة نصوص كثيرة في الكتاب تتجاوز فكرة اليوميات. بل إن معظمها يفتقد المعنى الدارج لليوميات والذي يتمثل في تدوين الوقائع أو المشاهدات العادية اليومية. السبب في كل هذا أن محمود درويش لا ينسى أنه شاعر. وإذا نسي هو أو شرد عن كونه شاعراً، فإن لغته، أو بالأحرى معجمه اللغوي ونبرته التي ربّى قصيدته عليها طويلاً، تتكفل بإعادته إلى الحقل الذي يتقن حرثه. الشاعر الذي في داخل درويش يطل برأسه حتى لو كتب نثراً عادياً. الشاعر موجود وإن توارى خلف تسميات أو أجناس أدبية أخرى. الكتاب، بهذا المعنى، ليس يوميات بالمعنى الحرفي والتقني للكلمة. الطريقة التي ينظر بها الشاعر إلى العالم تتدخل في صوغ كل ما يُستدرج إلى النصوص وشعرنته. لنقل إن ما نقرأه هو استراحة الشاعر من الانكباب المضني على الشعر. النصوص فسحة لكي يتنفس الشعر خارج المتطلبات الصارمة للإيقاع. إنها فرصة كي يستريح الشاعر من مطاردة الصور والاستعارات. لكن هل يمنع هذا تسرّب الشعر أو ما يشبهه إلى جملة درويش حتى وهي مشغولة بغير الشعر. الجواب هو لا بالطبع. فالشاعر لن يقوى على إدارة ظهره للغة التي اعتاد الكتابة بها. ويعتبر محمود درويش الابن الثاني لعائلة تتكون من خمسة ابناء وثلاث بنات، ولد عام 1941 في قرية البروة، وفي عام 1948 لجأ إلى لبنان وهو في السابعة من عمره وبقي هناك عام واحد، عاد بعدها متسللا إلى فلسطين وبقي في قرية دير الاسد (شمال بلدة مجد كروم في الجليل) لفترة قصيرة استقر بعدها في قرية الجديدة، اكمل تعليمه الابتدائي بعد عودته من لبنان في مدرسة دير الاسد متخفيا، فقد كان تخشى ان يتعرض للنفي من جديد اذا كشف امر تسلله، وعاش تلك الفترة محروما من الجنسية، اما تعليمه الثانوي فتلقاه في قرية كفر ياسيف، انضم محمود درويش إلى الحزب الشيوعي في اسرائيل، وبعد انهائه تعليمه الثانوي، كانت حياته عبارة عن كتابة للشعر والمقالات في الجرائد مثل "الاتحاد" والمجلات مثل "الجديد" التي اصبح فيما بعد مشرفا على تحريرها، وكلاهما تابعتان للحزب الشيوعي، كما اشترك في تحرير جريدة الفجر، لم يسلم من مضايقات الاحتلال، حيث اعتقل اكثر من مرّة منذ العام 1961 بتهم تتعلق باقواله ونشاطاته السياسية، حتى عام 1972 حيث نزح إلى مصر وانتقل بعدها إلى لبنان حيث عمل في مؤسسات النشر والدراسات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقد استقال محمود درويش من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجا على اتفاق اوسلو.

عن مجلة انفاس نت

من نفس القسم الثقافي