الثقافي

وداعا "صبوحة"

 

انطفأت شمعتها إلى الأبد، رحلت الصبوحة بدون رجعة، قررت صاحبة الروائع السينمائية والمسرحية والغنائية الذهاب إلى العالم الأخر عن عمر ناهز 87 سنة. 

يانا يانا، زي العسل، تغندري يا مغندرة، نعم كانت مغندرة من ذلك الزمن الجميل، ملامحها، هيئتها، طلتها توحي بأنها أميرة عصر لا يمكن لأحد أن يمحيها مهما طال الزمن أو قصر.

في الساعات الأولى من فجر يوم أمس نزلت العديد من الأخبار تنبئ برحيل الفنانة صباح، ليأتي موقع الجرس اللبناني ويؤكد الخبر قائلا:" منذ ساعة نامت صباح للأبد، رحلت وهي غافية مثل الملاك نامت، الكل مرتبك وصباح في غرفتها هادئة دون نفس، والعائلة الصغيرة تفكر باستدعاء ولديها، وقرار موعد الدفن يقرره ابن عمها، وبعد أن تقوم الهيئات المعنية بالنعي الواجب والمراسم اللازمة لقامة فنية بمستوى صباح". فعلا ليست إشاعة هذه المرّة. رحلت "الشحرورة" بعد عمر طويل وعريض أصبغته بالروائع الفنية، وأيضًا بالجدل. صباح رحلت صباحًا عن العالم الذي أصرّ على نسيان أفلامها الـ83 ومسرحياتها الـ27 وأغانيها التي تجاوزت الـ3000 أغنية، ولم يعد يذكر غير زيجاتها التسع وتشبّثها بالحب والحياة إلى آخر رمق.. نسي صورها الطافحة بالحياة وركّز على صورها في فراش المرض، حتّى أنه جعل منها مصدرًا للسخرية والتندّر. لم يمت المرض كما زعمت النكتة.. وماتت صباح. لم تزر "الصبّوحة" الجزائر كثيرًا لكن صوتها كأصوات كلّ عمالقة الفن في العالم زارها ولن يرحل. في السبعينيات، زارت الجزائر، وتحديدًا مدينة سطيف، وهناك تعرّضت لسقطة في الثلج.. ومن حينها، باتت الجزائر بالنسبة لها "بلد الثلج".

 

وبعد 24 ساعة من الشائعات المتواصلة حول وفاتها ونفي ابنة شقيقتها للخبر، أعلنت السلطات اللبنانية رحيل الشحرورة صباح اليوم بعد صراع طويل مع أمراض الشيخوخة، وتعد النجمة الكبيرة صباح واحدة من رائدات التمثيل والغناء والاستعراض، وأهم ايقونات الموضة فى تاريخ الفن العربى، وقدر لها أن تتوفى فى نفس شهر مولدها، فهى من مواليد 10 نوفمبر عام 1927 حسب التسجيل الرسمى وإن كانت بعض التقديرات تؤكد انها ولدت قبل هذا التاريخ بسنوات طويلة.

"أسطورة" لا تتكرر، هي صباح التي صنعت إمبراطوريتها.. ولدت جانيت فغالي في حي الفغالية في وادي شحرور في العام 1927. ورسمت مسيرتها بصوتها وحضورها على المسارح وعبر الشاشة الصغيرة وفي أدوارها السينمائية. من لبنان إلى مصر والعالم العربي، وصولاً إلى العالم، أطلت ودخلت قلوب الجماهير من دون اذن.

واشتهرت الصبوحة كمطربة قبل أن تحترف التمثيل بموازاة الغناء.. وشاركت في عدد كبير من الأفلام المصرية، لاسيما بعد أن اتخذت القاهرة مقرًّا لها حيث حصلت على الجنسية المصرية، حيث بدأت حياتها الفنية في لبنان باسم جانيت الشحرورة، وتميزت بجمالها وصوتها الجبلي حتى لفتت انتباه المنتجة السينمائية اللبنانية الأصل آسيا داغر، التي كانت تعمل في القاهرة، والتي أوعزت إلى وكيلها في لبنان قيصر يونس بعقد اتفاق معها لثلاثة أفلام دفعة واحدة، وكان الاتفاق بأن تتقاضى 150 جنيها مصريا عن الفيلم الأول، ويرتفع السعر تدريجياً. ذهبت إلى أسيوط في مصر برفقة والدها ووالدتها، ونزلوا ضيوفا على آسيا داغر في منزلها بالقاهرة، وكلف الملحن رياض السنباطي بتدريبها فنيا، ووضع الألحان التي ستغنيها في الفيلم، وفي تلك الفترة اختفى اسم "جانيت الشحرورة"، التي تعاقدت معها على بطولة ثلاثة أفلام دفعة واحدة.

وتحمل حقيبة الراحلة الفنية ازيد من 83 فيلم بين مصري ولبناني، و27 مسرحية لبنانية، ومايزيد عن 3000 أغنية بين مصري ولبناني، وتعتبر ثاني فنانة عربية بعد أم كلثوم في أواخر الستينات تغني على مسرح الأولمبيا في باريس مع فرقة روميو لحود الاستعراضية وذلك في منتصف سبعينيات القرن العشرين، كما وقفت على مسارح عالمية أخرى كأرناغري في نيويورك ودار الأوبرا في سيدني، وقصر الفنون في بلجيكا وقاعة ألبرت هول بلندن، وكذلك على مسارح لاس فيغاس وغيرها.

كما شاركت في الكثير من المهرجانات أمثال: بعلبك، جبيل، بيت الدين. ومن المسرحيات التي قدمتها.."موسم العز"، "دواليب الهوا"، "القلعة"، "الشلال"، "ست الكل"، "حلوة كثير"، "عصفور سطح"، "فينيقيا"، "شهر العسل"، "ست الكل"، "الأسطورة "1، "كنز الأسطورة" وهي آخر مسرحياتها، وكان إلى جانبها بالمسرحية الفنان جوزف عازار وزوجها السابق فادي لبنان والفكاهي كريم أبو شقرا وورد الخال والأمير الصغير. وكان آخر أعمالها أغنية "يانا يانا"، التي سبق لها تقديمها بالسابق، إلا أنها عادت وقدمتها بتوزيع موسيقي جديد وشاركت معها الغناء رولا سعد.

وتزوجت "الصبوحة"، كما كانوا يسمونها، 9 رجال، بدءا من نجيب شماس، وهو والد ابنها الدكتور البكر صباح، وقضت معه 5 أعوام، ثم تزوجت بعد الطلاق شخصية خليجية وهو خالد بن سعود بن عبد العزيز آل سعود لأشهر فقط حيث حصل الطلاق بسبب ضغط من عائلته لتطليقه منها.، وبعده تزوجت مدة 4 سنوات من عازف الكمان المصري أنور منسى، وأنجبت منه ابنتها هويدا، ثم من المذيع المصري أحمد فراج، وبعد 3 أعوام تزوجت الممثل الصري رشدي أباظة 5 أشهر فقط، وبعده مواطنه الفنان يوسف شعبان شهر واحد، والنائب اللبناني يوسف حمود، لعامين، وبعده الفنان اللبناني وسيم طبارة 4 سنوات، والأخير كان الفنان اللبناني فادي لبنان، وقضت معه 17 سنة... حيث كانت ترى أن أغلبية أزواجها كانوا يستغلون شهرتها وثروتها لمصالحهم، وقالت انهم يسمونها "مدام بنك" لأنها تنفق المال من غير تفكير على من تحب. ومعروف عنها حبها للجمال وللأزياء، كما قالت انذلك انها تتمنى اذا خسرت ثروتها لا تخسر جمالها وأناقتها. وتم عمل مسلسل يحكي قصة حياتها اسمه الشحرورة عرض في رمضان عام 2011 وجسدت كارول سماحة دورها.

 فيصل.ش 

من نفس القسم الثقافي