الثقافي

أحفاد السلاطين يبحرون في عوالم الجسد

من أضنة التركية إلى الجزائر العاصمة

 

 

لم تبخل فرقة المعهد الموسيقي لمدينة أضنة من تركيا أول أمس على جمهور المسرح الوطني الجزائري ممن جاؤوا للاستمتاع بما جادت به حركات احفاد أتاتورك. وفي إطار السهرة التنافسية الأخيرة للمهرجان الثقافي الدولي للرقص المعاصر في طبعته السادسة بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين باشطارزي، عرضها المميز " حرية هي الحياة " من تصميم الكوريغرافية الشهيرة ليليا بيتروفا وكانت اللوحات الكوريغرافية التي تعطرت بأريج حضارة العثمانيين وقوتها بمثابة رحلة عبر أثير حركات الأجساد وإيقاع الموسيقى الشجي وبصياغة فنية راقية ومحترفة من خلال تصميمات ولوحات حركية مبتكرة، تحمل صبغة ودرامية في توليفة جمالية وقيمية نادرة تعكس تجربة نادرة في مسار الرقص التركي المعاصر المسبع بتراث العثمانيين وأوروبا وآسيا الوسطى. 

وعكست الرؤية الإخراجية العرض الفني التركي الذي جاء بعنوان " الحياة حرية " تنوع الزخم الثقافي والفني التركي وبعناصره التراثية والعصرية التي يتكأ عليها الراقصين الذين تحولوا إلى سلاطين الرقص المعاصر، وتلبس الراقصين النص الجسدي من خلال الإيماء كوسيلة الراقصين لمواجهة العالم وتحدي الممنوع وتجولوا بأجسادهم المثقلة بالأسئلة التواقة إلى الحرية في ضبط متواتر لحركات وإيقاع الجسد وكأنه آلة لحساب الزمن زمن الحرية المشتهى والمفقود. 

في عرض " الحرية هي الحياة " تأخذنا مصممة الرقص ليليا بيتروفا في رحلة بحث عن الحب الحقيقي وفي مكانة الجسد في التعبير عن الحرية والإنطلاق نحو الفضاء الشاسع عرض فريد من نوعه، إختارت له مصممته فضاءً خاصاً من التجريب، وجاءت اللوحات قصائد متناثرة على الفضاء الركحي وأداة، بمادة الجسد المنساب بحركات الراقصين المنسابة كأنّها تمارين اليوغا، وكان الجسد أو الحرية محور انشغال الكوريغرافية فهزمت هشاشة الجسد بروح مندفعة مفاجأة متأهبة للقتال من أجل الحرية كما إتركز العمل الفني التركي على التقنية والبساطة أجساد تراقص وتحاور خطوطاً وظلالاً وأصواتا هي تمثلات الحرية القادمة. 

ورغم بساطته حقق العرض الفرجة والمتعة وخرج الجميع منبهرا بهذه التجربة المميزة لشباب تركيا أحفاد أتاتورك الثوري المجدد ومنه استمدوا التوق إلى المعاصر في بنية الرقص ومعناه الجديد وليس فقط حركات الجسد بدون معنى أو دلالة. 

 

"تعاونية بروفيل" تغوص في تفاصيل الذاكرة 

قدمت الفرقة الجزائرية الشابة "تعاونية بروفيل" عرضا غاية في الأناقة والأداء عكست رؤية جديدة لفن الرقص المعاصر يروح محلية وطقسية جزائرية خالصة تستلهم من عناصر التراث الجزائري وبروح حداثية مازح العرض الراقص الموسوم " ديهيات" بين حركات الكوريوغرافيا التي تجمع بين مجموعة كبيرة من الحركات الإنسيابية والرقص التعبيري المملوء بالطاقة والمشاعر كما جمعت بين أنواع من الرقص الكلاسيكي، من حيث التقنية التي تستخدمها، وانعكست قوة العمل الجماعي في مستوى اللياقة العالية والتصميم على الإبداع ونجحت الفرقة في سرم وتصميم تقسيمات للجمل الحركية وأداؤها معتمدين على تقنية التحرر والتناغم بين مختلف حركات الجسد الذي يعتمد في شراكته على التواصل ما أضفى الكثير من الجمال والروعة على اللوحة ورغم أن لكل راقص أو راقصة مهارة تميزه عن الآخر، من خلال القدرة على أداء الحركة، غير أن وحدة الكون الجمالي وحالة الجذب الوجداني الذي دخل فيه الراقصون تجسد في تداخل مميز بفضل العملية التشاركية باعتبار روح الرقص لا يعتمد على القوة العضلية بقدر ما تعتمد على الفهم العميق للتشريح وآلية حركة الجسد ونقاط الثقل بين الجسدين المتضادين. 

فيصل.ش 


من نفس القسم الثقافي