الثقافي

الكوريغرافيا الساحرة تواصل إبداعاتها على ركح بشطارزي

في ثالث أيام المهرجان الدولي للرقص المعاصر

 

 

عنوان واحد وفقط هو سحر الرقص والكوريغرافيا الذي الهم الجمهور المتوافد بقوة لمتابعة المهرجان الدولي للرقص المعاصر في طبعته السادسة، جمهور استمتع ويستمتع طيلة ايام المهرجان بما جادت به تعابير وحركات الفرق القادمة من شتى أنحاء العالم.

 

في ثالث سهرات المهرجان الثقافي الدولي للرقص المعاصر قدمت سهرة أمس فرقة تعاونية " زاما زاما أكاديمي " من كينيا عرض قمة في الوعي الجمالي والاحترافية بعنوان " الماء هو الحياة "رحل من خلاله جمهور قاعة مصطفى كاتب إلى تجربة مختلفة في البنية الرؤية الكوريغرافية.

حيث حلق الجميع من خلال العرض الكوريغرافي الكيني بعنوان " تومياهي " وهو العرض الجديد الذي أبتكره الكوريغرافي جون ماينا عاليا، جمع بين قوة الإيقاع وثورة الجسد الإفريقي اليافع النابض بالتاريخ والذاكرة الذي تماوج على إيقاع أصوات الطبل الإفريقي الغائر في الذاكرة ليصنع لوحة كوريغرافية أصيلة رغم رؤيتها المعاصرة غير أنها أعادت إلى الذاكرة زمن الموروث الإفريقي بكل روحه وعنفوانه. 

استمتع جمهور المسرح الوطني محي الدين باشطارزي بلوحات غاية في الأناقة والدقة تتدفق بالإحساس والنبض وصوت الأقدام المتناسقة الإيقاع الموسيقى وبعض الأدوات التي أثثت بها الفضاء الركحي كدعائم واستطاعت فرقة " زاما زاما أكاديمي " من كينيا أن تأخذ الحضور في حالة جذب مثيرة مفعمة بلغة الجسد التي تروي تفاصيل من حالات نفسية يحكمها الفرح والحزن وغيرها من الانفعالات واستطاع المصمم والراقص الشهير جون ماينا مؤسس فرقة تعاونية " زاما زاما أكاديمي " أن يجمع بين الرقص التقليدي وعناصره من خلال تركيب الرقصات وتقنيات الرقص المعاصر التي مازجت بين رقص الهيب هوب والبريك دانس.

 

فلسطين الروح والقلب النابض للهوية الاسلامية والعربية

من جهتها وشحت الفرقة الفلسطينية مسرح الشرق والرقص من فلسطين بعرض " سفر" للكوريغرافي ماهر الشوامري والدي عرضته لأول مرة برؤية جمالية غاية في الحساسية والوعي حيث نقل أوجاع الشعب الفلسطيني ورحلته اليومية من محطة إلى أخرى وحقق العرض على مدار ساعة الفرجة وطرح الكثير من الأسئلة حول افنسان الفلسطيني المهاجر نحو كل صوب من ليلة الاحتلال. 

العرض جاء محملا بشحنات التشتت وضياع الشمل الفلسطيني من جيل لآخر ويتقاطر بأسفار الشعب الفلسطيني في الشتات ورحلته المتجددة للعودة لحضن الوطن الأم فلسطين أرض الحليب والعسل وكانت انسيابية أجساد الراقصين تغرد في حلقة مفرغة إلا من الحزن والمقاومة والإصرار على البقاء والحفاظ على الهوية، هي رحلة سفر روح الإنسان الفلسطيني المعذبة في ضل الاحتلال لكنه يواصل المقاومة بكل الأشكال بعناد وندية كبيرة، الذي يعيش تحت الاحتلال، لكن بالرغم من ذلك ما زال قادراً على المقاومة وحمل العرض الذي صممه وأخرجه ماهر الشوامري أبعادا فلسفية بلغة الجسد مرتبطة بالإنسان وعلاقته بالحرية والأرض.

وساهم بنية الرؤية الكوريغرافية وخيار الموسيقى الشجية المبحوحة بالألم من تفاعل الجمهور الذي شده العرض بما يتيحه من لحظات حزن طفت على السطح لتروي لحظات الألم. 

في عرضه الشرفي ولأول مرة في الجزائر نجح العرض في نقل لحظات مهربة من ذاكرة فلسطين المجروحة والمخدوعة. 

"واش" و"ويناروز" فرق جزائرية بأبعاد عالمية

 

قدمت فرقتي "المجموعة الفنية واش" وتعاونية "ويناروز" من الجزائر أمس في السهرة الرابعة من عمر المهرجان الثقافي الدولي للرقص المعاصر تجربتين جديدتين في أفق الرقص المعاصر تعكسان مستوى هذا اللون الفني الحداثي. 

التعاونية الفنية "واش" وعبر العرض المميز للكوريغرافي فارس فتان بعنوان " في ظل الأشجار" فجر طاقاته في حركات وصلت حد الجدب وتفاعل بصورة مثيرة مع إيقاع أغنية من أداء ملك الجاز جايمس براون حيث أرتفع وحلق من خلال النوتات الأصيلة وارتسمت الضلال على جسده من خلال توزيع بقع الضوء الخمسة مع جسده حيث تساقطت ضلال الأشجار على الركح لترتسم طاقاته وفق ثنائية الإنسان والطبيعة في تناغم وتنافر وتكاد لا يختلف هيكل جسد الراقص ضلال الشجرة ومثلها بقي صامدا، من جهتها نجحت فرقة " ويناروز" في عرضها الجديد الموسوم "أرق" من تصميم الكوريغرافي المتألق أنير ويناروز وعبر تناسق حركات الثنائي الراقص رحل الجمهور إلى نتؤات الانفعال والتضاد تعكس طلاسم الحياة وتناقضاتها وازدواجيتها. 

 

المغرب تبصم حضورها على إيقاعات ألم الإنسان

دخلت فرقة " تعاونية 2 كافار" للكوريغرافي ومصمم الرقص الفنان المغربي الشهير خالد بنغريب أمس غمار المنافسة في رابع أيام المهرجان الثقافي الدولي للرقص الدولي للرقص المعاصر في دورته السادسة، بعمل مميز جديد بعنوان "صول أوس" التي تحمل دلالات كثيرة يمكن إستقرائها مثلا " أرض العظام " وعبر عن بلغة الجسد وأدوات تم توزيعها بصورة عبثية على فضاء العرض عن إكراهات العيش والضغوطات اليومية للمواطن العربي والتضييق على أحلامه وبطريقة رمزية فائقة الذكاء واعتمادا على حس عالي في رصد الواقع رحل الجمهور إلى عرض عالي الاحتراف بتقنيات تعكس عمق تجربته في مجال الرقص المعاصر. 

العرض وعبر لحظاته المتواترة بالنبض وإيقاع الجسد الباكي في حضن الواقع بكل متغيراته وسقطاته حيث تاه الراقصين في فضاء معتم وعلى خلفية موسيقية غائرة تعج بالنحيب والشجن يرتفع صوت الجسد ألما كما أضفت خلفية ممثلة في دعامة فيدو تمثل حركة لنقطة من دم يتكاثف وتنقسم بفعل ضغط مجموع المسامير التي تحاصرها لتخنق صوتها نقطة دم واحدة تتحول إلى بركة من الألم، العرض الذي استوحاه الفنان الكوريغرافي الشهير خالد بنغريب من عمق المجتمع رغم بساطته كان معقدا في ذات الوقت وبلمسة ديناميكية فنية معاصرة. 

فيصل.ش

من نفس القسم الثقافي