الثقافي

الجمهور يواصل استمتاعه بالمهرجان الدولي للرقص المعاصر

الطبعة السادسة على ركح محي الدين بشطارزي

  • "كاميكاز كراو" و"ستوب غاب دانس" تحلقان عاليا

 

 

تتواصل فعاليات المهرجان الدولي للرقص المعاصر في طبعته السادسة، أين استمتع جمهور المسرح الوطني الجزائر بمجموعة من العروض الرائعة للعديد من الفرق القادمة من شتى أنحاء العالم.

وبين الرقص التفاعلي والكوريغرافيا الساحرة تطل فرق كثيرة على الجمهور العاصمي الذي لا يفوت مجموعة من العروض الراقية والتي تفنن الراقصون والكورغرافيون تأديتها على خشبة المسرح الوطني الجزائري. وأبدعت فرقة "كاميكاز كراو" التي احتفلت بعمرها السابع في تقديم عرض راقص ممتع جمع بين الفرجة والرقص في البريك دانس ، ورشة العرض تجلت في المسرح الوطني الجزائري مع 11 راقص شاب، قدم عصارة تجارب الشباب القادم من تيزي وزو. 

لباس أسود وعرض اختار الظلام ليخرج به للضوء متوقفا عند حالات من الصراع الأبدي بين الخير والشر في الحياة، العرض الذي اختصر المشاهد الفنية اختزل العرض في أربعة راقصين ثلاثتهم جسدوا الأخلاق النبيلة وتقاسموا العرض للرابع المعاق والذي أبدع في رسم لوحات التعاون والاشتراك والتقاسم لتكون ليلة التحدي بامتياز عبر إيقاع سريع وإضاءة متفاوتة عبر عنها "الدوش" الموجود فوق الراقصين.

يتطور العرض ليقول للشاب المعاق نحن معك أينما كنت لان رسالة الفن والحياة تقتضي التعاون منذ بداياتها فكم من إنسان لعب دورا في الهام أخر وكم من فنان كان مسارا لبداية غيره من المقتدين المولعين.

الفرقة القادمة من تيزي وزو عبرت صراحة عن التعاون والإخاء والالتزام الفني وهي التي جمعت فرقا وجمعيات في المنطقة لتقدم جمعية واحدة رافعت للفن الصادق وهو جواز سفرها للتتويج في عديد التظاهرات والمهرجانات ومنها جائزة "باتل أوف يير" و"الجائزة المغاربية" ومشاركتها في افتتاح تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية وتقديمها " القنبلة" و"زجاجة إينرجي" و"الأموات الأحياء وهو ما جعلها تستحق المشاركة ونيل درع المهرجان في انتظار جوائز المهرجان. وتعد هذه أول مشاركة للفرقة التي اختارت التقاسم وفاءا وتجسيدا لشعار الطبعة التي أرادتها محافظة المهرجان الدولي للرقص المعاصر من 15 إلى 22 من شهر نوفمبر الجاري. 

 

"ستوب غاب دانس" تقلب مفاهيم الرقص وتتحدى الواقع

قدمت الفرقة رقصا مغايرا معاصرا وقادما من بريطانيا فتلك اللعبة الفنية الصعبة سيما إن تعلق العمل بالتعايش والتقاسم والقفز فوق مفاهيم الوحدة، فما الإعاقة إلا تجريد في ملامح وشخوص جربت أمس عبر السهرة الثانية للمهرجان الدولي للرقص المعاصر ببيت المسرح الوطني محي الدين بشطارزي.

أربعة ممثلين وممثلات، رجل معاق بين قوسين يقابل امرأة معاقة وإمراة عادية تقابل رجل، لون أزرق وأصفر أحيانا يتقاطعان على ضوء خافت وبإيقاع موسيقى متقطعة تشبه حركة الساعة وعبر ديكور بسيط كرسي وطاولة وخطوط صفراء، بدأت مغامرة فرقة "ستوب دانس" لتبرز المشروع الذي تجلى عبر راقصين معوقين بين قوسين وأصحاء عاديين، هو التزام فردي في سياق مشترك لكل الراقصين عبر رقصات متناسقة ومتجانسة تؤكد الاتحاد والوحدة في إطار فلسفة تكامل تنطلق من قلب نابض لا يعترف بالحدود والعوائق ولا بالمطبات، بل الكل يتحرك على كراسي متحركة تحرك وسيرورة الحياة، وذلك هو مجتمع الإنسانية منذ البداية ومنذ بداية الفرقة مع كيس بافي ولورا جونس ودان واتسن ولوسي بينت عبر حركية جديدة. ببساطة الفرقة الحاضرة شكلت الاستثناء والفرجة معا تحت إشراف لوسي بينت المديرة الفنية التي أبدت فرحتها رفقة الفريق المشارك معبرة عن امتنانها للسفارة البريطانية وبريتش كونصل والمحافظة المشرفة على المهرجان على تقديم كل التسهيل للمشاركة والإبداع في تقديم لوحات إنسانية، في لوحات عصرية مع إضاءة خافتة معبرة عن التحدي في صمت وهدوء في عنوان "الأشياء المصطنعة" وهو العرض المستوحى من اللوحات الفنية للفنان "جوران جور وفيتش" في لوحته أنا جونس.عرض سهل ممتنع قال ببساطة هكذا يكون الإنسان بسيطا وسعيدا عبر كليشيهات متقاطعة. للإشارة، تأتي مشاركة الفرقة البريطانية التي تسلمت درع المشاركة من محافظة المهرجان لأول مرة في الجزائر تحت شعار تقاسم الذي رفعته محافظة المهرجان الدولي للرقص المعاصر في طبعته السادسة.

 

" البوستودانس" الايطالية عنوانها الرقص العمودي 

وكانت الليلة الاولى والتي شهدت يوم الافتتاح عرضا جميلا من تقديم فرقة "البوستودانس" من إيطاليا وفرقة "الرابط 07" من اليابان وقد استمتع جمهور المسرح الوطني بعرضين كوريغرافيين ولوحات فنية راقصة قمة في الاحترافية والتقنية ، اعتمدت تقنية الفيدو التي تضيف المشاهد للعرض، لتعكس مستوى الجهد والممارسة في اتجاه مدرسة الرقص المعاصر.

بطريقة مفاجأة كسرت راقصتي فرقة "البوستودانس" وهو فريق رقص الوضعية العمودية فضاء العرض وخرجت بجسديهما من فضاء الشرفة في حركة مفعمة بالحياة لتكسير المألوف وقد تفاعل الجمهور مع هذا التكسير واستطاعت الراقصتين وعلى رؤية كوريغرافية ثاقبة للفنانة واندا موريتي والأداء الموسيقي من أداء الموسيقار ماركو كاستيلي من خلق أجواء وقدمت عرضا متكاملا لفن الرقص العمودي كتقنية جديدة وحداثية في توجهات ممارسة الرقص المعاصر حيث نجحت الفرقة الإيطالية من خلق الإستناء بتصميم كوريغرافي مغاير يطوع الفاء ويحوله إلى مادة يمكن تشكيلها كما يشاء الراقص ويتجاوز البعد الحقيقي للمكان وساهم الابتكار في معنى المكان أن يخلق أجواء ساحرة في حركة الأجساد الملتوية على معنى المكان والمتجاوزة لمعنى الفضاء ذاته وساهمت رشاقة الراقصتين من خلق أجواء تعج بالحركية والبراعة من خلال حركة شد حبال والسقوط في أحضانه... وجاء التصميم الكوريغرافي ونبض الرقصات والأداء المذهل الرشيق المفعم بالموهبة التعطش مبتكرا ونزوع نحو التجديد اللامحدود دفع الراقصين إلى تحدي قانون الجاذبية بعروضهم المذهلة في فضاء بخلفيات ممتعين الجمهور في رحلة نحو آفاق وزوايا بصرية مبتكرة، "نيمو الصغير" اسم العرض وهو خلق فضاء من العلاقات والروابط مع فضاء وهمي افتراضي والنتيجة الدخول في عالم يحاكي الحلم يحدث المفاجأة والتحول المذهل. كما حققت فرقة "الرابط 07" من اليابان بعرضها الثنائي القوي "دوامة أزهار الكرز" وعلى مدار نصف ساعة الفرجة والمتعة البصرية وقدمت درسا فنيا في التقنية وتقاليد ممارسة الفن الرقص المعاصر من خلال حوارية جسدية سقطت فيها اللغة أمام تعابير الجسد ومعنى الريح ونجحت البنية الكوريغرافية من تصميم الفنانة هيساو تاكاجي والتي شاركت في تحريك الزمن الركحي أيضا وعبر تصميم لوحات كوريغرافية تحمل شحنات ثقافية تعكس الندية والصراع ما بين التقاليد والحداثة من خلال حركات نابضة للراقصة الشابة شيزوكا يامات في تولفية من اللوحات الراقصة.

 وفي أول مشاركة لها بالجزائر، استطاع الثنائي الراقص من نقل جزء من ذاكرة اليابان في دوامة أزهار الكرز وهي رمز اليابان مشبعة بدلالات ورمزية ورسمت لحظات من عبث الواقع ويوميات الإنسان في انسيابية والأقدار هي الصورة الساحرة والقاسية في ذات الوقت للرغبات والآمال الضائع عرض مذهل يفوح بالعبق الياباني. 

فيصل.ش

من نفس القسم الثقافي