الثقافي

لخضر حمينة يسلط الضوء على الإنسانية الخفية للثورة الجزائرية

في فيلمه "غروب الظلال"

 

بعد غياب دام لقرابة 30 سنة عاد المخرج السينمائي الجزائري محمد لخضر حمينة، بفيلم تاريخي ثوري اكد انه انساني بالدرجة الأولى، سطره تحت عنوان "غروب الظلال"، وتم عرضه صبيحة امس على الصحافة كأول عرض شرفي له بقاعة الموقار بالعاصمة.

 

ويروي الفيلم الذي دام لقاربة ساعتين من الزمن، الصراع الانساني الذي تخبط فيه ثلاث اشخاص تمثلا في الجنديين الفرنسيين والمجاهد الجزائري، عاكسين بذلك وجهات نظر متعددة سادت ابان فترة الثورة التحريرية المجيدة، حيث يتحصن الرائد الفرنسي سانتوناك بقلعته المنيعة في قلب الصحراء الجزائرية الشاسعة، ليشن معركته الشرسة ضد المجاهدين الذين وجدوا انفسهم محاصرين من كل حدب وصوب، تحصنا بقناعة تامة بان الجزائر وفرنسا بلد واحد، حينها يصل الجندي لامبير المستنكف الضميري، الذي يحظى بحماية خاصة من طرف الحكومة الفرنسية، ليقف شوكة في حلق الرائد سانتوناك، في الوقت الذي يلقى فيه هذا الاخير القبض على مجموعة من المجاهدين واعتقال قائدهم خالد -الذي مثل دوره الفنان الجزائري المقيم بفرنسا سمير بواتار-، للتواصل رحلة الثلاثة بعدما قرر الرائد سانتوناك القيام بعملية "اعدام باجراءات موجزة" في حق خالد، في شعاب الصحراء البعيدة، اخذا الجندي لامبير لتنفيذ المهمة، لكن شاءت الاقدار ان تتغير الخطة وينقلب السحر على الساحر، بعدما رفض هذا الاخير تنفيذ الحكم، بيد ان قرارت هذا الرائد كلها عدوانية وظالمة، اين وصل به الامر إلى تجريده من سلاحه واحتجازه كرهينة، إلى جانب المجاهد خالد واخذهما إلى وجهة مجهولة، لتبدا رحلة البحث عن الحقيقة في نفوس الثلاثة، حيث صور المخرج وكاتب النص لخضر حمينة الجوانب النيرة والمظلمة في شخصيات الجنديين الفرنسيين والمجاهد الجزائري، فبين المعتقدات الدينية، مد يد العون، الكرم والمكابرة ضاع الثلاثة في الصحراء الجزائرية مواجهين بذلك مصيرهم المترنح بين قناعاتهم وشكوكهم في فوضى حرب الجزائر، لتكون نهايتهم على طريق رغان بانفجار اول قنبلة نووية، وقال المخرج لخضر حمينة على هامش النقاش الذي دار بعد عرض الفيلم بان قصة هذا الاخير تحمل الكثير من الواقعية وأنها ليست من وحي خياله، مشيرا إلى ان الحوار الذي دار بين الشخصيات الثلاثة طوال الرحلة والذي تركز اساسا في تراشق التهم، هو مجرد مقاربة نوعية للحوارات التي عرفتها جبهة التحرير الوطني والحكومة الفرنسية والأطراف الاجنبية ابان الثورة التحريرية المجيدة، مضيفا انه ركز خلال فيلمه على الجانب الانساني اكثر، مبتعدا عن الطرح المألوف للأفلام الثورية الجزائرية التي تركز اكثر على الجانب العسكري والتاريخي، هذا من جهة، ومن جهة اخرى اشار لخضر حمينة إلى ان الفيلم واجه عدة عراقيل وصعوبات حالت دون ان يصور في الوقت المطلوب حيث حصل على الموافقة من طرف رئيس الجمهورية شخصيا سنة 2008، مستلما بعدها الميزانية المقررة له، لكنه لم يصور الا هذه السنة وفي ظرف 10 اسابيع فقط وبميزانية قدرت بـ5 ملايين دولار، في حين أضاف الفنان سمير بواتار -الذي مثل اول دور سينمائي له- من جهته بأنه حاول جاهدا اعطاء دور المجاهد الجزائري حقه باعتباره يمثل الحرية وتاريخ ثوري عظيم، مشيرا إلى ان ما اثار انتباهه في السيناريو ودفعه إلى قبول الدور هو ذلك الجانب الانساني الذي تميز به الفيلم، خاصة عند الابتعاد عن شعلة الثورة، حيث ينسى الجندي والمجاهد جل الفروقات الاجتماعية والدينية والشخصية ليكتشفا انسانيتهما حتى ولو تطلب الامر ابرازها امام العدو.

ليلى عمران

من نفس القسم الثقافي