الثقافي
بين معارض ومؤيد... "الوهراني" يصنع الحدث سينمائيا وإعلاميا
مجاهدون ورجال دين يفتحون النار على إلياس سالم.. ولعبيدي ترفض حظر العرض
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 10 نوفمبر 2014
لاقى فيلم "الوهراني" لمخرجه الياس سالم منذ عرضه الاول يوم الجمعة الماضية بقاعة السينما "السعادة" بوهران، موجة انتقادات واسعة شنها حوله العديد من المجاهدين والمسؤولين في الدولة ورجال الدين وكذا ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اصبح "الوهراني" في ظرف اقل من اسبوع حديث الساحة الاعلامية والسياسية الجزائرية، مما ساهم في اثارة فضول العديد من الناس لمشاهدته ومعرفة ما يحمله من خبايا.
واتهم مخرج الفيلم الياس سالم من طرف هؤلاء بإهانة المجاهدين وخدش الحياء والمساس بالثورة، حيث قال الشيخ شمس الدين بوروبي من خلال برنامجه "انصحوني" على قناة النهار تيفي، ان فيلم "الوهراني" -المشترك الانتاج بين الجزائر وفرنسا- يحمل العديد من الاساءات سواء الاسلام او للجزائر ومجاهديها حيث لا يتردد أحد الممثلين في لعن وسب دين والد زميل له، إلى جانب أن الفليم، يصوّر حسبه، المجاهدين على أنهم يقاتلون فرنسا نهارا ويتوجهون إلى الكباريهات ليلا، كما دعى الشيخ شمس الدين إلى مقاضاة ومحاكمة منتجه والواقفين وراءه، مضيفا انه على سكان وهران رفع دعوى قضائية ضد الفيلم الذي يسيء إلى مدينتهم من خلال عنوانه "الوهراني"، وقبل ذلك يسيء للإسلام والجزائر، كما طالب وزيرة الثقافة بالتحرك لـوقف هذه المهزلة لاسيما أن الفيلم المذكور سيمثل الجزائر في بعض المهرجانات الدولية، ويعتقد أنه يعد بمثابة وصمة عار في تاريخ السينما الجزائرية، والغريب في الامر ان الفيلم الذي لاقى هذا الكم الهائل من الانتقادات لم يتسنى مشاهدته الا من طرف عدد قليل خلال العرض الشرفي الاول أي ان اغلبية من فتحوا عليه النار لم يتسنى لهم مشاهدته، وهو الامر الذي ساهم في رواج اسم الفيلم اكثر، خصوصا بعد تصريح وزيرة الثقافة نادية لعبيدي التي أكدت على هامش صالون الجزائر الدولي للكتاب أن مصالحها لن تمنع الفيلم وأنها ترحّب بالنقاش حول حرب التحرير بعد مرور 60 عاما على اندلاع الثورة التحريرية، ويشغل "الوهراني" حاليا حيزا مهما من النقاش على شبكات التواصل الإجتماعي، خصوصا من طرف الصحفيين حيث التقت غالبية تعاليقهم في فكرة أنه لا يجب بأي حال محاكمة الأعمال الإبداعية وأن الحرية والتعبير الحر عن الرأي يجب أن تبقى في منأى عن أي توظيف للإيديولوجية أو السياسة، وقال الصحفي فيصل مطاوي من جريدة الوطن على صفحته في الفايس بوك مدافعا عن الفيلم قائلا: "أندد بالتلفيق الذي يطال فيلم "الوهراني" لمخرجه إلياس سالم من خلال الحملة التي أطلقها المفتي شمس الدين عبر قناة النهار تي في، وتحريضه على العنف بحجة أن الفيلم يهين المجاهدين"، وشدد مطاوي على أنه يجب التنديد بالتحريض الذي قام به الشيخ شمس الدين، محذرا من مغبة السكوت عن هذه الانتهاكات التي قال "إننا سندفع ثمنها غاليا فيما بعد"، ورد من جهته، "لشموت عمر" قائلا : "البارحة وعلى قناة KBC انتقاد حاد وهجوم تافه على الفيلم، يقول المعلق ان الاسرة الثورية دعت إلى سحب الفيلم.. الرداءة"، وهو ما ذهب إليه "نوري بن زيان" حين كتب : "شمسو يفرض وصايا على الجزائريين، يفتي في كل شيء، يريد ارجاعنا إلى المربع الاول، الفن للفنانين والدين للعلماء الاجلاء والوطن للجميع"، بالمقابل، قال "فريد بوقرة" على صفحته : "لم أشاهد الفيلم بعد، وسأفعل إن سنحت لي الفرصة، وكونه انتقد بعض المجاهدين لا يعني أنه ينتقد ثورة التحرير، ثم الفيلم حسبما قرأت عنه قدم صورة عن حياة بعض المجاهدين كما هي في الواقع، سواء حكمنا عليها أنها سيئة أم مقبولة، من لا يحب أن يشاهد الفيلم فلا يشاهده ولكن لا يحق له أن يصدر فتوى في التحريض على أصحابه، جراحنا لم تندمل بعد ولا نحتاج إلى بث الحقد والكراهية بين الجزائريين، وأول من أساء للمجاهدين هي الدولة بعد الاستقلال مباشرة "، وفي خضم هذا الشد والرد يقول مخرج "الوهراني" الياس سالم، مدافعا عن فيلمه بان هذا الاخير مأخوذ عن رواية لكاتب أمريكي "جون فانتي" لكنه طوّر فكرة الكتاب واشتغل عليها من خلال سؤال الذاكرة وأنه من هذه الزاوية راح يبحث في التاريخ الثوري في الماضي ليجيب على أسئلة الحاضر، ويقترب من نماذج من رجال منحوا الحرية للجزائر، مضيفا: "لم أتحدث عن الجزائر، بل الفيلم مساءلة للتاريخ، رغبت أن أقترب من هؤلاء الذين منحوا الجزائر الحرية ووجدت أن بعضهم انزلق نحو خيارات ليست كلها جميلة، يتفطنون لها فيما بعد مع تقدم سنهم"، وابتهج مخرج "الوهراني" أن الفيلم لم يتعرض للرقابة رغم أنه في عرضه الأولي شاهده مسؤولون جزائريون ويعتبر ذلك مؤشرا على تطور في التفكير أي قبول رأي الآخر، والتعدد الفكري والثقافي، ورغم الضجة التي يثيرها الفيلم لا يتردد المخرج في القول إنه يتقبل إيجابيا ردود الفعل، وينفي أن يكون الفيلم مهين للتاريخ أو العائلات الجزائرية أو الأخلاق، ويضيف ان ما تضمنه الفيلم من عبارات "نابية" يقولها الناس جميعا في الجزائر وحتى داخل العائلات وخارجها.
ليلى عمران