الثقافي

باتريك موديانو.. روائي الذاكرة الشخصية

 

شكل حصول الفرنسي باتريك موديانو على جائزة نوبل للأدب مفاجأة، لتقدمه على الروائي الياباني هاروكي موراكامي الذي كان مرشحا لنيلها بحسب الكثير من النقاد، كما أن اسمه لم يبرز ضمن الأوائل إلا في الأيام الأخيرة مقارنة بموراكامي المعروف في الخارج مقارنة بموديانو الذي كان شبه مجهول في البلدان الأنغلوساكسونية قبل اليوم. وبهذا الفوز يكون موديانو -الذي ترجمت أعماله إلى 36 لغة في العالم- الروائي الفرنسي الخامس عشر الذي ظفر بإجماع أعضاء اللجنة السويدية بعد لوكليزيو الذي نال الجائزة العالمية عام 1988 ونشر أعماله الشهيرة في دار غاليمار مثله. وبهذا الإنجاز الأدبي يعود وهج الأدب الفرنسي إلى الواجهة العالمية بعد غياب طويل مما ترك الكثير من المثقفين الفرنسيين والأميركيين يتحدثون عن أفوله وتقوقعه وعن حدود تعبيره الإنساني. وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عقب الإعلان عن فوز الأديب الفرنسي إنه "يمثل دقة الذاكرة ومفهوم الهوية المعقد, في حين أشاد رئيس الوزراء الفرنسي مانوال فالز بالروائي قائلا "إنه يستحق الجائزة العالمية باعتباره روائيا كبيرا تميز أدبيا بأسلوب مكثف وقاطع, وبجمل قصيرة بديعة وبمعالجته الذاكرة الفرنسية بوجه عام وماضي الاحتلال في الحرب العالمية الثانية بوجه خاص في قالب استثنائي". "بهذا الإنجاز الأدبي يعود وهج الأدب الفرنسي إلى الواجهة العالمية بعد غياب طويل مما ترك الكثير من المثقفين الفرنسيين والأميركيين يتحدثون عن أفوله وتقوقعه وعن حدود تعبيره الإنساني"

وكالعادة وجد موديانو صعوبة في التعبير عن سعادته بحكم تواضعه وخجله وانطوائه، وعبر عن دهشته لحصوله على الجائزة التي قال عنها إنها تمثل شيئا غريبا في نظره، ويقلقه أن يقارن اليوم بكتاب كانوا قدوته الإبداعية كألبار كامو وجون بول سارتر اللذين نشرا أعمالهما في دار غاليمار، خاصة الأول الذي نال الجائزة العالمية مثله حينما كان معجبا به في عز المراهقة، وهي الجائزة التي أهداها إلى حفيده السويدي. 

 

روائي الذاكرة

وباتريك موديانو الذي وصفته اللجنة السويدية في تقريرها ببروست الأزمنة الحديثة "من مواليد عام 1945 بضاحية بولوني بيونكور الباريسية وصاحب 28 رواية دارت كلها حول الذاكرة التاريخية والسياسية والشخصية والعائلية. وتمحورت كتاباته أساسا منذ بدئه الكتابة في نهاية الستينيات حول طفولته الصعبة التي نتجت عن تربيته في كنف والدين لم يعتنيا به, وترعرعه في ظل تداعيات الحرب العالمية الثانية، مما جعل كل النقاد يجمعون على أنه خير من كتب عن هذه الفترة الحالكة في تاريخ فرنسا وعن الأبوة المفقودة بلغة دقيقة وبسيطة ومختزلة وبمنوال فني وإيقاعي واحد ميز إبداعه اللاحق حتى قيل إنه كتب رواية واحدة، وهذا ما أدى إلى وصفه بفنان الذاكرة. وكتب موديانو -الذي حاز على جوائز فرنسية وأوروبية وعالمية هامة كرست خصوصيته الإبداعية- روايته الأولى "ساحة النجمة" عام 1968، ومن أهم رواياته البديعة اللاحقة "أنهج الحزام" في 1972, و"شارع الدكاكين المظلمة" في 1978 التي نال بها جائزة الغونكور, و"دورا برودير" في 1997, و"نسب" في 2005. 

 

شهادات

وعن أسلوب لوديانو قال الصحفي والناقد الأدبي الجزائري محمد عيساوي "للجزيرة نت" إن الكاتب الفرنسي يشكل أحد أجمل الأصوات الأدبية والموسيقية استنادا لكلماته البسيطة ومناطق سكوته العديدة ولجوه الأدبي الذي يشكل خليطا من الغموض والكآبة. غير أن الروائي المغربي المعروف الطاهر بن جلون يصف أسلوب لوديانو القصير والقاطع باليابس أو الجاف. أما الروائي والصحفي التلفزيوني الأدبي الشهير باتريك بوافر دارفور الذي حاور موديانو في برنامجه "أكس ليبريس" فيرى أن جفاف أسلوب صاحب جائزة نوبل يفسر بدقة تصوير مصائر مأساوية غير مسبوقة عكستها روحه الانطوائية الناتجة عن حرمان عاطفي بين, وهو ما عززه الناقد فرنسوا بونوال الذي قال إن موديانو روائي الذاكرة الشخصية. 

عن الجزيرة نت 


بوعلام رمضاني


من نفس القسم الثقافي