الثقافي

"فاطمة انبرابلي" شريط مرسوم خارج النمط من تأليف ثلاثي شاب

يروي حكاية امرأة غريبة الأطوار بالقصبة

 

 

وقع الثلاثي الشاب بن اعمر محمود وسامية وصفية وارزقي مؤلفا جديدا من نوع الشريط المرسوم بعنوان "فاطمة انبارابلي" أو "فاطمة صاحبة المظلة"، وهي عبارة عن قصة تروي جانبا من الحياة الاجتماعية اليومية لسكان حي عتيق من أحياء العاصمة.

وتدور أحداث القصة حول امرأة غريبة الأطوار تقوم بجمع المظلات ويثير هذا السلوك غير المعتاد فضول أهل الحي وتطلق بشأنها إشاعات كثيرة بين السكان بدافع الفضول بحثا عن سر هذه المرأة، وفي هذا المؤلف الجديد الصادر عن منشورات "داليمان "بالأسود والأبيض والذي يقع في 56 صفحة، دعوة للقارئ من قبل مؤلفيه للتفاعل مع حياة سكان هذا الحي الشعبي الذين يكابدون مصاعب العيش من فقر وصراع من أجل تدبير أمورهم في جو يميزه أيضا القيل والقال بين الجيران، وتدور وقائع "فاطمة انبرابلي" حول بيت عتيق يعلو وسط الحي أصبح مبعثا للخوف والفضول في آن واحد بسبب التواجد المكثف للمظلات المعلقة على نوافذه من جهة وغرابة وغموض ساكينتي المنزل "لالاهم" و"فاطمة انبارابلي" من جهة أخرى وحسب الاشاعة فان العجوز الأولى وهي شمطاء وفاقدة لأسنانها ليست سوى ساحرة تقرأ المستقبل وتقوم بأعمال الشعوذة، أما "فاطمة انبرابلي"فهي امرأة تقدمت في السن أيضا وترتدي دوما بدلة وتضع قبعة وتتحدث بالفرنسية وتعمل على الحصول على قوت يومها ببيع أحوالها، بيع المظلات التي تجمعها وتصلحها وأيضا بيع بعض النباتات المحلية مثل "القرنينة"، وقد نجح المبدعون الثلاثة في نقل القارئ إلى عوالم هذه القصة المليئة بالأحداث الغريبة والغامضة وذلك بفضل السيناريو المحبوك لصفية وأرزقي المبني على حضور الشخصيتين في مختلف الأوضاع والجهد المبذول من طرف محمود وصفية في تجسيد اللوحات والرسومات، وتتجلى الأجواء المميزة للمكان من خلال تركيز المؤلفين على إبراز الجانب المعماري للحي والديكور الداخلي لبيوته لتعيد إلى الذاكرة ما كانت عليه أجواء الدويرات قصبة العاصمة، وقد لجأ المؤلفون الثلاثة في إبراز ما يثيره ظهور الشخصيتان من رعب لدى الصغار واستهزاء من الكبار إلى الإفراط في إظهار ملامح المرأتين وباقي الشخصيات بطريقة قريبة من الكاريكاتير، كما اختار الثلاثي صاحب الشريط تقديم وتنظيم اللوحات بتقنية مستلهة من السينما مثل "الزوم" و"لفلاش باك" واستعمال زوايا رؤية مختلفة لإظهار نفس الوضعية، وساهم الحوار الذي جاء بالعربية العامية في تقريب طرح بعض الآفات الاجتماعية مثل العنف بين الأزواج والنميمة بين الجيران من القارئ وهي مواضيع تتكرر في أطوار القصة، وهذا المزج بين الجدية والفكاهة وبين البؤس والاستمتاع بالحياة يذكر بأجواء مسلسل "الحريق" الذي أخرجه في السبعينات مصطفى بديع والمقتبس من رواية محمد ديب ولاشك انه استلهم الثلاثي الشاب المؤلف للشريط المرسوم، ويعتبر حقا هذا العمل الأول لهؤلاء الشباب الذي يميل إلى نوع "المانغا" والشريط التاريخي مميزا في مشهد الفن الـ9 الجزائري لأنه يقدم بورتري "حميمي وجريأ عن أناس عاديين، ومكن هذا التميز أصحاب المؤلف من الفوز بجائزة أحسن ألبوم باللغة الوطنية خلال المهرجان الدولي للشريط المرسوم بالجزائر الذي نظم من 23 إلى 27 سبتمبر، وما على القراء سوى الصبر والانتظار حتى يصدر الجزء الثاني من "فاطمة أنبارابلي"الذي يحضر حاليا لمعرفة الشخصية الحقيقية لهذه المرأة.

ل. ع/وكالات


من نفس القسم الثقافي