الثقافي

شجرة الزيتون توثق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

 

 

بتاريخها وظلالها وثمارها ومن خلال تجريفها واقتلاعها، تختزل الشجرة المقدسة أبعاد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ تعكس ما يتعرض له السكان الأصليون من إبادة وتشريد، وترمز في الوقت ذاته لصمودهم وقوتهم وتشبثهم بالأرض وارتباطهم بالمكان.

عكست اللوحات الفنية لمعرض "شجرة الزيتون" الذي افتتح السبت في أم الفحم بأراضي الـ48؛ جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأبرزت مكانة هذه الشجرة المقدسة وما ترمز إليه من صمود وتشبث بالأرض.

المعرض الذي افتتح بحضور وفد من السفارة الإيطالية والاتحاد الأوروبي يأتي ضمن فعاليات صالة العرض بأم الفحم، التي أصبحت بمثابة متحف لتاريخ فلسطين وتراثها وفنها المعاصر.

ويقول مدير صالة العرض سعيد أبو شقرة إن فعاليات المعرض تتواصل لثلاثة أشهر، وإن لوحاته تتمحور حول رمزية الشجرة المقلوعة من جذورها الطبيعية.

لكن اللوحات تبرز أن هذا الاقتلاع يلعب دورا كبيرا في صقل هوية أصحاب الشجرة الأصليين، "ويعكس تفسير الفن التشكيلي للذاكرة والذكريات التي تعبر عن الضياع والمآسي والأزمات الكبيرة للصراع".

صراع البقاء

ويشكل المعرض حيزا للحوار بين عشرات الفنانين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين يجتمعون للمرة الأولى تحت سقف واحد، ليجسد كل من وجهة نظره معاني ودلالات الشجرة المباركة، وما تحمله من قصص إنسانية حول صراع البقاء.

وبحسب القائم على المعرض الفنان دانيئيل كهانا، فإن اللوحات تعكس الصراع على الشجرة المقدسة "الذي يشابه حرب المليشيات"، وتعبر عن مشاعر الخوف من المآسي والدمار وحوار الفنان مع ذاته.

لكن هذه اللوحات تدمج أيضا بداخلها فحوى لقصص جماعية، وأخرى شخصية من خلال التعبير عن المشاعر والضائقة والذاكرة الجماعية، بحسب كهانا.

وتحدث كهانا عن الفن كلغة للحوار بين الشعوب وملتقى للحضارات والثقافات، لكنه لفت إلى أن البعد السياسي سيبقى حاضرا في هذا المجال، وأشار إلى أن قسما كبيرا من المعرض فنٌّ مجند.

وفي خضم الصراع الفني، تسلح المصور الفوتغرافي المحترف عمار يونس بكاميراته وجاب فلسطين ووثق المساحات المفتوحة التي كانت مزروعة بأشجار الزيتون.

وعكست صور يونس سيرورة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يتمحور على الأرض، وما ترمز له الشجرة المقدسة من صمود وبقاء ووجود.

ومن خلال صور بساتين الزيتون ومسطحات التجمعات السكنية الفلسطينية والمخططات الاستيطانية ومشاريع البنى التحتية الإسرائيلية، يعود يونس إلى جوهر الصراع وإظهار إبادة الشجر المقدس بما يرمز له من تهجير وتشريد للسكان الأصليين.

ذاكرة الشعب

ويتحددث عمّار عن اشتياقه لموسم الزيتون، حين تتوافد الناشئة للحقول مع عائلاتهم لجني الثمار والحفاظ على أرض الآباء والأجداد.

وبيّن أن مشهد الفلسطيني المتشبث بالأرض ويجر الأغصان تحت أشعة الشمس الحارقة ويحمل أكياس الثمار على ظهره؛ سيبقى راسخا ومنحوتا في عمق الذاكرة الجماعية للشعب.

وعبر اللوحات الزيتية لحقول الزيتون والقرى الفلسطينية، يعود الفنان أسد عزي بدواليب الذكريات والأيام إلى الوراء، ليرسم شجرة تعبر عن لمِّ شمل الشعب الفلسطيني.

وتنعكس في أعمال الفنان مخاوف التشرذم والخصام ومشاعر الفرقة والفراق التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وذلك لاقتلاع شجرة الزيتون وما تحمله من معاني البقاء.

وفي حديث للجزيرة، نت وصف أسد حقل الزيتون بأنه ظل حاضنة للسكان في الحياة الريفية والقروية بفلسطين، حيث الشجرة المقدسة جامعة للقلوب تحت مظلة وهدف واحد.

ووضح أن مشهد الحنين لشجرة الزيتون الذي "يبدو غريبا في عصر التكنولوجيا"، يتجسد في أعماله الفنية من خلال استدعاء الذاكرة وتأطير جني العائلة للثمار بمزيج من التراث والحداثة، بألوان زاهية تبعث على الأمل والتفاؤل.

المصدر: الجزيرة

من نفس القسم الثقافي