الثقافي
شــــظــايا الهـــمـــــس
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 03 سبتمبر 2014
لم يسألوا عني أوردتي ..لم يسألوا أحشائي .. لست أنساه يوما تصدعت فيه جدراني .. لطمت فيه الخد مرآتي ، التي عودتني ملاقاة وجهي الصبوح على صفحتها ... كسرتها يوم ذاك مرآتي .. مزقتها يوم ذاك حقيبة أشيائي الصغيره .. بصقت يوم ذاك على آخر صورة التقطت لي قبل الأفول !! .. ألم يكفك وخزي ، و أنا رهينة إحدى سياراتهم التي شهرت بي في ثنايا الأزقه ؟ ...
و أنتما تلِـجان قاعة القول الفصل ..
ـ(عَـندك العَـتـْـبه قـُـدامك يا بَـنتي )!!!
فاهت بها والدتك بكيفية كأنها نذير بكاء ، محاولة الترويح عن الحال التي خاطتك مُلاءة حِداد لها .. شققت سبيلك وَسْط عيون ظمأى لكاسات معتقة من قضايا بلدتك الغامضة أبدا .. رميت ِ الجسد الذي سَرْبَلهُ الخـَـوَرُ على كرسي خشبي .. رحت تتأملين وجوها أضناها عشق الحقيقه ، كما أضحكها و أبكاها الزمن و الإنسان .. انتبهت إلى هدوم ارتديْـتِـها في لحظة وجل و تسرع ..سوّيت ما اعوج منها وأنت مُسدلة (لحافك ) على نصفك العلوي ، كيما لا يتفطن أحد ة
للصنيع الذي تأتين .. تحسست عقدك ، و قرطين تشبثا بأذنيك .. دمعت مقلتاك المتعبتان لمّا وقعتا على أم تربت على فخذ ابنتها المثـقلة بصبي بهي الطلعه .. أطلقت تنهيدة من ظلمات الأعماق ، تخطفتها أذنا الرءوم فالتفتت شطرك لافظة في خلسة :
(هذا اللـّي كتبه ربّي .. أتشجعي بَـنتي)
شرد ذهنك ..شرعت تقذفين سهام النظر عبر ثقب (اللحاف ) تتفرسين الملامح .. تختلقين قصصا لها .. تستفهمين في غياهب النفس النازفه :
ــ أينك مني اليوم يا أبت ، إلى متى تزدري بشرا مثلك ؟ .. هل تذكر كم خطيبا غيرَه طرق بابك ؟ .. هل نسيت ؟ أم تراك تذكر كل ذلك يا أبت ؟..كفاك ما جنيت يا أبت .. كفاك .. لست أدري عاقبة أمري .. لست أدريها كيف تكون يا أبت ؟ كيف تكون يا ظالمي في عمر الزهور؟ .. كيف تكون ...
كادت نبضات المضغة العالقة بجذع صدرك ، تسكن عن حركتها إلى الأبد ، حين جذبتك التي حملتك كرها ووضعتك كرها .. كانت يداها لا تتوقفان عن جذب (لحافك ) . و شفتاها قد تراكمت عليهما كل ضروب التوسل :
ــ ( نوظي .. نوظي يا بنتي ، هذا " تورك " ، يا ربي عاون بَـنتي !!يا سيدي...)
انتصبتِ واقفه .. شعرت بيد رحيمة تمتد خلفك لتسوي سُترتك .. إعترى القاعة زفير شبح السكون الخانق .. إشرأبت الأعناق ملتفتة إلى وراء ... شخصت الأبصار ، لتراك و أنت كأنما جنازة عزيز على متنك ، تسيرين الهوينى ، محاذية الجدار الذي رق لومضة عَـبْرة حاولت الإفلات منك .. لحسن الحظ ، رجلاك لم تألفا أحذية ذات كعوب مسمارية ..تعودتا المطاط الذي لا يعلو صوت وَقـْعِـهِ على أرضية بلاط كهذا ..لحظة الإحراج كافية لحدوث الإغماءه ، لولا عقلك المُبتــل بوابل الوصايا والتأكيدات ..
عيون المنصة في عجلة من أمرها .. شفاه طاقمها تناديك .. تأمرك :
ــ قفي هنا .. قف أنت من هذه الناحية !!
محياك غمامة حزن كثيفة على وشك الهطول .. حاولتِ تضميد الموقف بالتشبث بحبال الغدد اللعابية ، التي كان سائلها يتسلق حلقك ، عله يفك قيد اللسان المكبل بأغلال التلعثم ، و الخوف من المجهول ... و أنت تختلسين قسماته ، داهمك تأنيب جارف ، لم تعد سريرتك ذات حول على ادّخاره إلى فرصة أخرى .. جعلت تناجين النفس ... تستجدينها :
ــ صدقيني يا لوّامه !! .. لم يسألوا عني أوردتي ..لم يسألوا أحشائي .. لست أنساه يوما تصدعت فيه جدراني .. لطمت فيه الخد مرآتي ، التي عودتني ملاقاة وجهي الصبوح على صفحتها ... كسرتها يوم ذاك مرآتي .. مزقتها يوم ذاك حقيبة أشيائي الصغيره .. بصقت يوم ذاك على آخر صورة التقطت لي قبل الأفول !! .. ألم يكفك وخزي ، و أنا رهينة إحدى سياراتهم التي شهرت بي في ثنايا الأزقه ؟ ... كمية جراحات كنت يا لوامه ، حين طافوا بالضريح سبع مرات متعاقبة ، تطاير إثرها غبار تبركت به كل عجوز أبت إلا أن تشيّعـني إلى مثواي ؟؟ .. إغتصبوني يا لوامه ، طافوا بتمثال .. بقلب طار النبض من أوكاره .. أفرغوا عطرهم .. كل عطورهم لأجل قدّي ، هذا الذي عبثت العواصف بأوراقه ، التي أذهل مَرآها ذوي هذي القسمات .. هذا الأسى الماثل قبالتي .. صدقيني يا لوامه .. هي ذي بقية أوراقي تسقط أمام الملأ !!
واقفة كالمسمار ظللت تحملقين في كل شفاه المنصه ، و هي تحاول إعادة دفن رُفات حُزن كان دفين مقبرتك الوحيد .. تتناوبك ، كملعقة لدى ضيوف مُعـْـوز .. تقيّأت كل عمرك ، و تقيأه جلادُك بدوره .. واصلت مطاردة قارب عقلك الذي نأى من بر اليقظة الواعيه ..
ــ محكمة !! .. قالت المنصه ، كأنها تصرخ في وجه كل حامل لِـوَرَم خطيئه .. صحت سماؤك جرّاء دوي الصرخه .. كفكفتِ دموعا دعاها نبش أيام بلياليها .. استأنفت المنصه :
ــ هل لديكما أقوال أخرى ، أخيره ؟؟
هو : ــ إنها لا تلائم طبعي .. لن أتراجع عن أقوالي .. حرمتها سيدي القاضي .. حرمتها .. حرمتها عن نفسي إلى الأبد !!
هي : ــ كفاني ما عانيت سيدي القاضي .. اقض ما أنت قاض!!
ثم التداول ... أردفت المنصه :
ــ أمركما لا يستدعي اجتهادا قضائيا منا .. القانون واضح .. صريح .. توقفت المنصة عن لفظ ما تحتم لفظه .. التفتت الأعناق إلى الأعناق ... سكتت الكراسي .. قضت المحكمة :
ــ يتحتم تبعا للأسباب المذكورة علناً ، الحُـكم بانفكاك العصمة بينكما !!
بعضُ شظايا الهمسِ المُصوّبُ من أركان القاعه ، أجبر لـُعاب فيك على التراجع :
ــ هذا الوجه ، ليس غريبا عني .. تذكرت .. كانت تلميذة عندي !! قال الأول .
ــ رفض خطيبها الرابع أيضا لأنه (عاطل) ، كما يقـُـلن ، ويقولون !! قال الثاني .
ــ تعني جامعيا بلا عَـمَـل ؟؟.. بلا سِجل ؟؟ ،، بلا رصيد ؟؟ .. تساءل الأول .
ــ يبدو أنك غافل .. الأمر بات عقيدة لديهم يا صاحبي ؟؟
أجاب الثالث.
ــ ألا يكفيهم إسلامُه ؟ .. إستفسر الثاني .
ــ يا أخي ، إذا جاءك من ترضى دينه و خـُلقه... زوجه !! .. نطق الأول مستشهدا .
ــ مسكنها غير بعيد عنا .. كانت جميلة حدّ الفـتـنه !! .. قال الثاني .
ــ مسكينه .. توقعت لها هذه العاقبه !! .. قالها الرابع في حسره ..
جَــف حلقــُــك .. كأن الحياة فارقت أعضاءك ، عدا غدد دمعية كانت تترجم الحالة إلى قطرات ساخنة تتساقط تباعا ، فوق بطن طفق ينتفخ مع الأيام .
عن اصوات الشمال