الثقافي

"سرايا عابدين" تجربة تاريخية منقوصة لكاتبته ومخرجه

نجاحه يرجع إلى شبهه الكبير بـ"حريم السلطان" التركي

 

 

يرى العديد من النقاد والموثقين وملايين من المشاهدين بان نص الكاتبة هبة مشاري حمادة لمسلسل "سرايا عابدين" نصاً تاريخياً منقوصاً غير دقيق، كتب لتغيير أحداث حقبة الخديوي اسماعيل دون وجه حق، وذلك –حسبهم- لتحويل العمل نسخة ثانية شعبية من المسلسل التركي "حريم السلطان"، بهدف استغلال نجاح هذا المسلسل الأسطوري عالمياً.

واجمع النقاد بان النجاح الذي حققه المسلسل ونسبة المشاهدة العالية لا يمكن ان ترجع إلى العمل بحد ذاته اووقائع القصة او النص، بل إلى الإنتقادات المثارة ضده مبكراً والتي اثارت فضول المشاهدين لمتابعته، بحكم ان كل ممنوع ومثير للجدل مرغوب، حيث يرى مجموع النقاد بان الكاتبة هبة مشاري حمادة كتبت النص بطريقة خالية من الحس البوليسي المتقن، ومن الحرفية العالية، فتحول حسب وصف بطلته الأولى يسرا بحكم أنه غير تاريخي ولا وثائقي إلى حدوتة وخيال جامح، منح ملايين المشاهدين المتعة والتسلية، ورغم نسبة مشاهدته العالية لم يثن ناقداً واحداً أو مؤرخاً واحداً على مستوى مخرجه عمرو عرفه فيه، قائلين بان إخراجه مرتبك غير متخصص بالدراما التاريخية، فبطلته يسرا أقرت في مقابلتها الأخيرة في برنامج "العاشرة مساء" بأنه تجاهل نجومية المرشحين لبطولته وأجرى لهم إمتحان صوت وصورة بمن فيهم بطله النجم السوري قصي خولي الذي يجسد دور الخديوي اسماعيل، كما أنه لم يكن المايسترو الأول، بدليل ما صرحت به أيضاً يسرا في البرنامج نفسه من أنها وضعت لمساتها الإنسانية الخاصة في شخصية الوالدة باشا فكانت ترتجل أحياناً، وهذا بالطبع مسموح لها بحكم خبرتها الفنية العريقة، خاصة في مشهد لعب أحفادها حولها في السرير حين اختبأ قربها الأمير فؤاد. فارتجلت حركة إرشاد الأمير توفيق إليه التي كشفت جانب الحنان والمرح في شخصية خوشيار التي تبدو للوهلة الأولى صارمة وقاسية، فمنحتها يسرا جانباً إنسانياً دافئاً، ويعرف المخرج عمرو عرفه بانه مخرج سينمائي اعتاد على المشاهد السريعة والإيقاع السريع، مما انعكس على مسلسل "سرايا عابدين" سلبا وحوله إلى مخدع جنسي لا مخدع حب ومودة ورحمة، حيث لم نسمع نقاشات سياسية أو إنسانية تجمع الخديوي اسماعيل مع زوجاته أو والدته، كما لم نره يحتك بالشعب، وحين فعل، احتك بفئة ترقص وتسكر في بار، ومشاهد الغرام المتبادل بين الخدم وبين الخديوي ونسائه تتم بلا مقدمات عاطفية راقية، بالاضافة إلى ان المؤامرات تتم بأسلوب الثلاثينيات السريعة والبسيطة والكوميدية، حيث تتم المؤامرة في حلقة، وتكشف في نفس الحلقة أو في حلقة تالية بدون حبكة قوية، ولا إدارة إخراجية عالية المستوى، كما اجمع النقاد السينمائيون على أن نجاح المسلسل الجماهيري لن يغطي فشل التجربة التاريخية لكاتبته ولمخرجه اللذين كانا هما أول المعترفين به حين كتبا من الحلقة الأولى: "دراما مستوحاة من قصة حقيقية". مضيفين بانه رغم كثرة المغالطات والمؤامرات السطحية الا أن المسلسل مسلي بمواقفه المنطقية وغير المنطقية والساذج منها الذي تنقصه الحبكة القصصية وتمكن الإخراج الغائب، هذا وأكدوا ايضا بان نجاح "سرايا عابدين" الجماهيري الكبير لا ينسب إلى كاتبته ومخرجه إطلاقاً بل ينسب بالدرجة الأولى لضخامة الإنتاج غير المسبوقة بأي عمل درامي من قبل شبكة mbc، ولحشدها له أكثر من 250 ممثل وممثلة فيه أتوا إليه من كافة الدول العربية، وللموسيقى الرائعة التي صاغها التركي فهير أتك أوغلو وهو نفس مؤلف موسيقى "حريم السلطان" بأسلوب موسيقي قريب جداً بإيقاعاته من أسلوب صياغته موسيقى "حريم السلطان" التي كانت أكثر تنويعاً وثراءً بمقطوعات وأغاني موسيقية تخللت الحلقات والمواسم،وربما تم اقتصارها في "سرايا عابدين" على الموسيقى الصامتة توفيراً للتكلفة أو لصعوبة تلحينه أغاني لفنانين عرب. 

ليلى. ع

من نفس القسم الثقافي