الثقافي

"وحش الغربة" لعمر فطموش... ببساطة جمهور سعيد ويضحك

في عرضها الأول بالمسرح الوطني الجزائري

 

 

بين جدران إحدى البيوت في مجاري مائية بشوارع باريس الرئيسية اختار عمر فطموش ان يرسم ملامح عمله المسرحي الجديد الموسوم بـ " وحش الغربة "، هذا العمل عبارة عن تراجيديا كوميدية مليئة بالعبارات الساخرة بنوع من الجراة في الطرح يعود بنا إلى الجيل القديم من المسرحيين ومؤسسي المسرح الجزائري الشعبي الذي اراد فطموش بعثه هذه المرة من بوابة تعاونية "السنجاب" لمدينة برج منايل. 

ضحك جمهور مسرح محي الدين بشطارزي كثيرا وتفاعل مع الممثلين فوزي بايت واحسن عزازني اللذين استطاعا ان يجذبا عقول الجمهور من خلال تمكنهما من تقنيات العرض المسرحي وعفويتهما واسترجالهما في الكثير من المرات حيث لوحظ جليا ان الممثلين خرجا من النص بحكم خبرتهما على الركح. 

 

 

البداية...

"حسن" هو مهاجر جزائري يعيش في أحد الاقبية تحت مجرى مائي في شارع رئيسي بالعاصمة الفرنسية باريس، يقوم بتربية الحيوانات الضائعة وينال راتبا على ذلك، هذا الأخير يشتغل في كل شيء يتاجر في الهواتف النقالة واليانصيب إلى غير ذلك لا هم له إلا الربح. تمر حياته بشكل عادي إلى غاية احدى الايام اين يدخل عليه احد الاشخاص قادم من الجزائر يدعى فوزي، هذا الأخير يدخل في حديث مع احسن ويسأله من أين جاء ليرد فوزي بأنه قدم من الجزائر وخاله " القعقاع " هو من أرسله إليه.

 

المعادلة الصعبة ...

فوزي يحمل معه شهادة مهندس دولة يجد نفسه في قبو يربي القطط والكلاب، بعد أن جعله " حسن " يشاركه تربية الحيوانات، هذه الوضعية دفعته للانتفاض مرة، قائلا له " انا مهندس دولة تريدني تربية القطط والكلاب فرد عليه " حسن وماذا تريد ان تفعل هنا في فرنسا يجب أن تشتغل كل شيء فحتى تربية الكلاب والقطط تجني عليك أموالا وعن طريقها يمكنك العيش". وضعية فوزي جعلته يختنق ليطلب من حسن الخروج إلى الشوارع ورؤية الناس ليسمح له في الاخير بذلك، في الجهة الاخرى يعيش حسن قصة حب خيالية مع " دمية " يريدها ان تكون زوجته ويخاطبها بذلك دائما. يعود فوزي إلى البيت سكرانا ليجد حسن يطلب الزواج من دميته ليخاطبه فوزي بأنه سيزوجه بها وهو ما يقوم به بالفعل كأنه وكيل العروسة، ويجرون مراسيم الزواج وسط حكاية هزلية اضحكت كثيرا الجمهور الحاضر في قاعة بشطارزي. 

 

العقدة والحل...

تتوالى أحداث المسرحية ويتعرف فوزي على عجوز متسولة تدعى " جورجيت " ويتزوج بها ليأتي بها للعيش معه في القبو، وفي نفس الوقت كذلك يقوم أحسن بالزواج من صديقته " فلورا " ويريد ان يأتي بها للعيش معه كذلك في القبو الذي يتقاسمه مع فوزي، ويحدث ان ياتي فوزي ومعه العجوز " جورجيت " التي ينوي ان يأخذ كل مالها غير آبه بسنها الكبير، هذه الاخيرة تنام لتستيقظ فتجد أمامها فلورا وتدخل معها في جدال كبير حول من هو احق بالاقباء في المنزل فتصاب " جورجيت بأزمة قلبية وتفارق الحياة وتفر " فلورا" إلى وجهة مجهولة، ياتي " حسن " ليجد " جورجيت ميتة " فيتهم " فوزي " اثناء دخلوه بأنه هو من قتلها ليتبادل الاثنين التهم ليصلا إلى حقيقة ان فلورا هي من قلتلتها، فيقومان برمي الجثة في المجرى المائي المؤدي إلى البحر، لكن الشرطة تكتشف امرهما وتباغت منزلهما ينتهي بهما الأمر مقتولين. 

 

اللغة والجرأة ...

اتسم عمل فطموش " زحشة الغربة " بلغة بسطية وحكاية ابسط يفهمها عامة الناس والظاهر من هذا العمل ان فطموش اراد بعث مسرح جيه من جديد الا وهو المسرح الشعبوي الذي تميز به كبار المسرحيين في الجزائر والذي يعد فطموش من احد مؤسسيه في الجزائر. جراة الطرح في هذا العمل بالاضافة إلى استعكال بعض الالفاظ والمصطلحات التي يمكن ان نطلق عليها عبارة " كلمات شارع " جاءت ضمن سياق درامي موزون خدمت المسرحيى اكثر وأعطتها روحا وبعدا فكاهيا استحسنه الجمهور حتى من مهنيي المسرح الذين استحسنوا ما قام به فطموش وكذلك أداء الممثلين وحركتهم على المسرح خصوصا وتقمصهم ادوار النساء وهو ما خلق موجات ضحك هيستيرية. 

وبعد نهاية العرض قال المخرج عمر فطموش بأن مسرحيته هي قصة بسيطة يفهمها كل الناس مؤكدا أنه يبحث عن التبسيط في أعماله ويريد اعادة بعث المسرحي الجزائري القديم. 

فيصل. ش

من نفس القسم الثقافي