الثقافي
"نافورة سيدي حسان" تفاصيل العاصمة المحروسة خلال العهد العثماني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 08 جوان 2014
تطرق أحمد بن زليخة في كتابه "نافورة سيدي حسان" إلى حياة العاصميين داخل قلعتهم التي تحولت عشية شهر جويلية 1830 من مدينة "محصنة" إلى "مدينة سهلة المنال" بفعل الخيانات العديدة خلال العهد العثماني.
وعمل بن زليخة في كتابه على إعادة الأجواء المحمومة التي كانت سائدة بالجزائر العاصمة خلال الأشهر الأخيرة من الحكم العثماني من خلال حي سيدي حسان ونافورته المباركة. النافورة هي ذلك العنصر الرمزي والمحوري في القصة التي بناها سيدي حسان الولي الصالح الأندلسي في مدخل غابة بوزريعة في موقع قديم جدا يزينها شريط زركش عليه عبارة "و لا غالب إلا الله". وحول هذا المنبع المنعش (الإسلام) وفي جزائر ربيعية ثم صيفية عشية الغزو كانت السماء صافية والصباح مضيئا وطيور الحسون تزقزق في أقفاصها مرددة موسيقى الفتيات في الساحات المزهرة والمنعشة. "لقد كان النور يطل من كل ناحية وأشعته تسطع على باقولات الزيتون والخضر مداعبة الجرات المختلفة الأشكال والأحجام ومتلألئة على العود والقويطرة التي كانت تعزف عليهما حسنة بواسطة ريشة صقر".
وفي هذه الجنة التي تكاد تكون أسطورية في مدينة تعيش عصرا ذهبيا قبل الغزو احتفلت حسنة بخطوبتها مع مراد صديق طفولتها رغم أصولهما، حيث أن حسنة من القبائل ومراد من الصحراء. امحند والد حسنة نجار شم رائحة الغزو صنع في سرية تامة سلاحا ثوريا برضى الباي احمد لقسنطينة احد سلالة الانكشاريين والنساء الأصليين القلائل الذين استطاعوا الوصول إلى الطبقة المهيمنة. ويعد الزورق المصنوع من خشب الحضنة الصلب المزود ب "الطارق" القذيفة المنجزة استنادا للمعلومات المتضمنة في كتاب عالم سوري من القرن الثالث عشر نجم الدين حسن الرحمة سلاحا فتاكا للتصدي للجيش الفرنسي المدجج بالأسلحة. "كان الزورق رائعا وخشبه يلمع وكأن ضوءا ساطعا أو اشعاعا كان ينبعث منه".
لكن في الوقت الذي تظافرت فيه الطاقات النضالية وتنظمت فيه لالحاق الهزيمة مرة أخرى بجيش العدو ارتبك قادة ايالة الجزائر في استراتيجيات قديمة تسببت إلى جانب خساسة الخونة في انتصار العدو الفرنسي.
حينها اشتعل فتيل المقاومة الشعبية ممثلة في مقاومة الزوجين حسنة ومراد الذين قتلا والديهما. وتتجلى الروح الوطنية والحنين في نص أحمد بن زليخة الذي يتميز بالبساطة وسلاسة الأفكار فضلا عن ثرائه بالمراجع التاريخية والعلمية.
و تراود دا محند أوهام يمتزج فيها الماء والتمر والعسل والحليب والخبز الطيب وبياض ناصع لقبب الأولياء الصالحين في البلاد". وجعل هذا السرد عن عالم "مغاير" نص بن زليخة يحاكي القصة العصرية الشبيهة بالحلم الشكسبيري المستمد من "جوهر الحياة". ولد أحمد بن زليخة سنة 1967 وهو كاتب مقالات ومختص في اللسانيات والمالية أهلته لأن يشغل عدة مناصب عليا في القطاعات المالية والطاقة والإتصال. وللكاتب عدة إصدرات من بينها "من أجل فكر جديد" (بيان 1989) و"الصحافة الجزائرية : افتتاحيات وديمقراطية" (محاولة 2005) و"عمل الكرامة" (دراسة حول الإستعمار 2003" إضافة إلى "نافورة سيدي حسان" عن دار النشر القصبة 2014.
وكالات