الثقافي

عبق الحدائق الأندلسية يطيب فضاء مسرح محمد الخامس مع الفنانة سعاد ماسي

ضمن فعاليات مهرجان موازين لهذه السنة

 

 

أحيت الفنانة سعاد ماسي، مساء اول امس، حفلا موسيقيا ساهرا إلى جانب عازف القيتار ايريك فرنانديز، بفضاء المسرح الوطني محمد الخامس بالمغرب، ضمن فعاليات دورة مهرجان موازين لهذه السنة، وبنفحات من ذاكرة الحدائق الاندلسية في قرطبة، استعاد الجمهور المغربي برفقة الثنائي ذاكرة الشعر والموسيقى العربية الأندلسية في القرن العاشر الميلادي.

وعلى ما يبدو فقد كانت أمسية سعاد ماسي، الضيفة المعتادة للتظاهرات المغربية، لحظة انتظار شغوف للجمهور، بحيث جرى الحفل بشبابيك مغلقة. وانقاد هذا الجمهور، الذي استقبل الديو بترحاب كبير وتفاعل ذواق، لاختيارات الفنانة سعاد ماسي بصوتها الساحر السخي بالأحلام. وبتأثر واضح، أعربت ضيفة "موازين" عن سعادتها بتقديم هذا العرض ذي المنهل الأندلسي أمام الجمهور المغربي. وهو عرض يحاكي إبداعات شعراء من حجم ابن زيدون وابن الخطيب، بل وأيضا المتنبي، خارج الجغرافيا الأندلسية، بوصفه أكبر شعراء العربية بلا منازع. ومن خلال الكلمة والتراث الشعري للفلاسفة الذين عايشوا القرن العاشر، غنت سعاد ماسي للتسامح بإيقاعات متمازجة تعيد زيارة قرطبة في إسبانيا العصر الوسيط، حينما كانت الديانات والثقافات تتعايش في ظل روح الحوار والسلام والأمن والاغتناء المتبادل. إنه حفل استحضر روح الأندلس، واحتفى بتراث لسان الدين ابن الخطيب منتقيا بعض نصوصه، وناجى حضارة أتاحت فرص تحقيق الانسجام الفني. وبهذا المعنى، كان الحفل انعكاسا لهذا التاريخ المذهل والملغز، ما يزال يشكل حتى اليوم مصدرا لا ينضب للإلهام. وقبيل الحفل، صرحت سعاد ماسي، في ندوة صحافية، أنها أرادت الاحتفاء بقرطبة بوصفها العاصمة الثقافية الكبرى في العصر الوسيط. لم يكن هناك مشكل دين. لدي رغبة في تذكير الناس بهذه الرسالة. وعلى المنصة، رافق سعاد وإريك ثلاثة موسيقيين من بينهم رابح خلفة عازف البيركسيون، وراقصة الفلامينكو سابرينا رومييرو. وقد لامست أغاني سعاد ماسي، بدفئها وهشاشتها الفنية الجميلة، قلوب جمهور المسرح الذي صفق طويلا بعد أداء أغنية "يا زمان الوصل بالأندلس" وأغنية "نبكي". وعلى مدى ساعتين، توالت القطع الشهيرة حيث قدمت الفنانة أغاني في مديح الحرية والأمل، عن طريق مزج الألوان الموسيقية. وحرصت على التأكيد بأنها لم ترد الانغلاق في أسلوب وحيد، موضحة أنها ترعرعت في حضن العائلة التي كانت تنصت إلى جاك بريل وأم كلثوم. من جهة أخرى، بدت لمسة عازف القيثار إريد فيرنانديز جلية، لاسيما حين أدى وصلات من العزف المنفرد كشفت موهبته العالية. بهدوء عجيب، تتراقص أصابع الفنان بين أوتار الآلة ليصب في الأذن نهرا من الإيقاعات التي تخترق القلوب والأرواح. ملحنة ومؤلفة ومغنية وعازفة شغوفة بفنون الفولك والروك، تتفنن سعاد ماسي في أداء أغانيها بكل أناقة، متعاونة مع أسماء وازنة من عيار مارك لافوان وإسماعيل لو وفرنسيس كابريل. وهي تملك صوتا يشبهه كثير من المهتمين بتريسي شابمان أو جون بايز. وأصدرت سعاد ماسي حتى اليوم أربع ألبومات انطلاقا من 1999، وآخرها في 2010 تحت عنوان "حرية".

ليلى. ع

من نفس القسم الثقافي