الثقافي
الجزائر تحيي يوم العلم وتتذكر رائد فكر صنع همتها
في خضم الاستعدادات للانتخابات الرئاسية
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 17 أفريل 2014
أحيت الجزائر أمس عبر مختلف مؤسساتها الثقافية والتربوية ذكرى يوم العِلم، ففي يوم 16 أفريل 1940، رحل رائد الحركة الاصلاحية وزعيم جمعية العلماء المسلمين عبد الحميد ابن بايس. ويُحتَفى بهذا اليوم تمجيداً للعلماء الذين كثفوا مجهوداتهم وعقدوا عزمهم على نشر العلم والمعرفة من أجل توعية الأجيال، وفي هذا اليوم يُحاول الشعراء عامة وأفراد المجتمع المسلم خاصة إنشاء أبيات شعرية وقصائد تتغنّى بهذا اليوم المجيد وبالشخصية التي اقترن اسمه بها ألا وهو الشيخ الجليل عبد الحميد بن باديس مفخرة الجزائر على مر الأزمنة والعصور.
وبعد مشوار حافل بالعطاء لعبد الحميد ابن باديس ترجمه على مدار مسيرته العلمية والفكرية وحتى النضالية، رحل عنا ابن الجزائر البار في 16 أفريل. 1940 وهو في سن الـ 51 سنة فاعتماد هذا اليوم كيوم وطني للعلم في الجزائر لم يكن مصادفة، وإنما كان تقديرا لمجهوده، وترسيخا للانتصار، ومضيا في نهج سليم رسمه المعلم المصلح. وقد عرفت أسرته أيضا منذ القدم بإنجابها للعلماء والأمراء والسلاطين، حيث يذكر مؤلفا كتاب أعيان المغاربة المستشرقان مارث وايدموند غوفيون، أن ابن باديس ينتمي إلى بيت عريق في العلم، ينتهي نسبه في سلسلة مرفوعة إلى بني باديس، الذين جدهم الأول مناد بن مكنس الذي ظهرت علامات شرفه وسيطرته في وسط قبيلته في حدود القرن الرابع الهجري، وأصل هذه حسب المسترقين من ‘’ملكانة’’ و’’تلكانة’’ وهي فرع من أمجاد القبيلة الصنهاجية البربرية المشهورة.
غادر ابن باديس الجزائر وهي في أمسّ الحاجة إلى من يضيء عقول الشعب، خاصة منهم الشباب للتغلب على الجبروت الفرنسي والتصدي لسياسة التجهيل، التي تعمّدها الاستعمار للقضاء على اللغة العربية والدين الإسلامي، وذلك بدعوات التنصير والتجويع التي مارسها هذا العدو الغاشم. واليوم ايضا الجزائر أمام مفترق طرق، فهي تحت ضغوطات وتهديدات تنبئ بالخطر، فهل سيكون هناك ابن باديس جديد؟ يكمل ما بناه علاّمتنا الذي وإن رحل يبقى خالدا في الأذهان، وصورته من الصعب محوها من الذاكرة الأبدية، لأنه العالم والمفكر والمصلح ورجل دين أصيل، نبغ من عمق هذا البلد الطاهر. لقد ترك الشّيخ ابن باديس آثارا كثيرة كانت حصيلة نضاله، ولله الحمد أن سخر له أحباباً جمعوا تلك الأعمال ونشروها، على غرار ‘رسالة جواب عن سوء مقال‘ (نشرها سنة 1922)، و‘العواصم من القواصم‘ (كتاب لابن العربي وقف على طبعه وتصحيحه في جزأين -الجزء الأول 1345 هـ/1926 - الجزء الثاني 1946 هـ/1927)، وتفسير ابن باديس (طبعه أحمد بوشمال سنة 1948، ثم طبعته وزارة الشؤون الدينية بالجزائر سنة 1982 في كتاب عنوانه ‘’مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير’’)، و‘مجالس التذكير من حديث البشير النذير‘ (طبعته وزارة الشؤون الدينية بالجزائر سنة 1983)، و‘العقائد الإسلامية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية‘ (طبعه تلميذه محمّد الصالح رمضان سنة 1963، ثم أعيد طبعه مرتين عامي 1966 و1990، وغيرها من المؤلفات القيمة، رحم الله الشيخ ابن باديس وأكرم أمتنا بأمثاله.
غ. م