الثقافي

الاحتلال الفرنسي والمقاومة الشعبية بمنطقة الحضنة

الباحث الجزائري بيرم كمال يكتب عن "الحضنة"

 

 

ينطلق الباحث الجزائري الدكتور "بيرم كمال" من مقدمة تؤسس لأبعاد البحث التاريخي المهم عن منطقة "الحضنة"، بل وعن ضرورات الكتابة التاريخية في معطيات جديدة وبآليات منهجية مستحدثة، فالكثير من المواضيع الموجودة على تراب الواقع ما تزال بكرا، تنتظر الدراسات الجادة والفاعلة التي تقف على أرضية أكاديمية مستعملة أدوات التنقيب والكشف عن الحقائق وبعثها في صور موثقة، وهذه المحاولة الجادة التي خاض غمارها الدكتور "بيرم كمال" وهو أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة المسيلة، تتناول حسبما جاء في الكتاب، مرحلة هامة من الاحتلال الفرنسي لإقليم الحضنة منذ 1840م، وأهم المقاومات الشعبية المحلية إلى الانتفاضات الشعبية التي انتهت عند انتفاضة المقراني 1871م، وقد عنون هذه الدراسة بـ " الاحتلال الفرنسي والمقاومة الشعبية بمنطفة الحضنة، دراسة وثائقية في انتصاب الاحتلال والمقاومات الشعبية وإدارة الأهالي (1838-1954)" صدر عن دار ميم للنشر بالجزائر من القطع المتوسط وفي 256 صفحة.

ويتطرق الكتاب في جزئه الثاني إلى جملة الإجراءات الإدارية التي عمل الاحتلال على وضعها للتمكن من تسيير الأهالي متدرجا من الحكم العسكري إلى إدارة البلديات المختلطة التي عاشت الحضنة أغلب فترات السيطرة الاستعمارية وقتها.. وقال الباحث متحدثا عن هذه الدراسة إن "هذا التقديم التاريخي لإقليم المسيلة لم يف المنطقة حقها الكامل من البحث والدراسة، إلا أنه على الأقل يحقق الحد الأدنى مما يجب أن تحظى به منطقة واسعة كالحضنة من الكتابة التاريخية.

لقد انطلق الكتاب من مرحلة تاريخية هامة كانت تمهيدا للتطورات التاريخية بعد ذلك، فقد عالج في الفصل الأول التوسع الفرنسي والمقاومات الشعبية في منطقة الحضنة بين 1838م و1860م، وتحدث عن مقاومة الأمير عبد القادر بالحضنة الغربية 1840م، 1850م.. والمقاومة في جنوب الحضنة (معركة المطاريح 1849م، ومقاومة بن شبيرة بمنطقة بوسعادة 1849م). بالإضافة إلى انتفاضات الحضنة بين 1864م و1871م منها انتفاضة أولاد عمر (الشيخ بوخنتاس) 1860م، وانتفاضة الحضنة الغربية (أولاد ماضي) 1864م، وانتفاضة المقراني بالحضنة 1871م، وما حفظته الذاكرة من أشعار لشاعر ثورة المقراني الطاهر بن تريعة. وفي السياق نفسه تحدث الباحث عن العنف الاستعماري بالحضنة بعد 1871م.

في الفصل الثاني من الكتاب وكما تقدم، فقد قدم الدكتور بيرم كمال دراسة توثيقية للتنظيم الإداري، التنظيم الإداري للحضنة والسيطرة الاستعمارية بين 1840م و1954م، معالجا التنظيم الإداري للحضنة الشرقية ثم الحضنة الغربية، ثم بلدية المسيلة المختلطة في ظل إدارة البلديات المختلطة بين 1885م و1945م.

وقد أكد الباحث في خاتمة كتابه أن منطقة الحضنة بشقيها الشرقي والغربي، شكلت عبر فترات الاحتلال لها منذ 1840، خزانا هاما للمقاومات الشعبية "سواء تحت راية الأمير عبد القادر بين 1838-1847 أو أحمد باي قسنطينة بين 1837-1840، فقد استمرت بعد ذلك تحت تأثير الشخصيات القيادية المحلية ذات البعد الديني الوطني، أمثال الشيخ محمد بوخنتاش خلال انتفاضة 1860م وسي ابراهيم بن عبد الله بن بوعزيز سنة 1864م، إلا أن مظهر الترابط الوطني البارز في مقاومة أهل الحضنة للاحتلال الفرنسي تجسد بصورة قوية في انتفاضة المقراني 1871م". ق.ث


من نفس القسم الثقافي