الثقافي

الدراما الأمازيغية بالجزائر.. مخاض البدايات

تعاني العديد من الصعوبات

 

عرف الفيلم الأمازيغي البداية بـ "الهضبة المنسية" لعبد الرحمن بوقرموح عام 1996، الذي ولد من رحم نضال مجموعة من المبدعين الجزائريين، وإيمانهم بأن الأمازيغية قادرة أيضا على التعبير فنيا عن الإنسان الجزائري، وهو الهدف نفسه الذي صاحب الدراما الأمازيغية حديثة النشأة.

وكان الظهور الأول للدراما التلفزيونية الأمازيغية في الجزائر بمسلسل "شجرة اللوز" عام 2011 للمخرج عمار تريباش باللهجة القبائلية -التي هي جزء من اللغة الأمازيغية- وذلك بعد ظهور القناة الرابعة الناطقة بالأمازيغية التابعة للحكومة عام 2009 التي كانت حافزا لكثير من الأعمال الدرامية التي موّلها التلفزيون الجزائري.

ولقي المسلسل صدى كبيرا لدى المشاهدين، وخلال فترة قصيرة استطاعت بعض المسلسلات التلفزيونية ترسيخ وجودها لدى الجمهور، كالمسلسل الهزلي "أخام ندا مزيان" أو "بيت عمي مزيان" للمخرج محفوظ عكاشة وكاتب السيناريو سليمان بوبكر والذي ينتظر المشاهدون جزءا رابعا منه.

 

دراما حديثة

ويقول الممثل والسيناريست سليمان بوبكر للجزيرة نت إنه بدأ يخاف من تقديم جزء رابع يكون أقل من مستوى الأجزاء الثلاثة السابقة، وبخاصة وأنه عرض على الجمهور الجزائري مدبلجا إلى العامية الجزائرية، وهي المرة الأولى التي يدبلج فيها مسلسل تلفزيوني أمازيغي إلى العامية.

ولقي مسلسل المخرج حميد حرحار وكاتب السيناريو سيد علي نايت قاسي نجاحا لافتا من خلال عملهما "تينيفيفث" أو "الدوامة" إضافة إلى بعض الأعمال الدرامية القليلة الأخرى الناجحة كمسلسل "حريروش" لمحيي الدين نبيل.

يتصدى لكتابة السيناريو عصاميون يطوّرون أدواتهم الفنية بأنفسهم، كما هو حال بقية كتاب السيناريو بالجزائر. أما المواضيع المتناولة فهي اجتماعية في أغلبها إضافة إلى بعض الأعمال التاريخية.

ويقول السيناريست قاسي للجزيرة نت إنه يكتب في كل المواضيع التي تهم الإنسان الجزائري وإنه ينتقل من الدراما إلى الكوميديا من غير أن يكون عنده اختصاص معين، وهو حال كاتب السيناريو بوبكر، وإن كان يرى أن الإنتاج الدرامي مازال بعيدا عن المأمول ويتحدث عن العدد القليل من كتاب السيناريو العارفين بهذا الفن، وضرورة وجود منافسة ترتقي بالدراما الأمازيغية.

ويلاحظ المتتبع للدراما الأمازيغية الكمّ الهزيل لها، واقتصارها على منطقة من الجزائر دون غيرها، هي تلك الناطقة باللهجة القبائلية (القبائل الكبرى) ويقول قاسي إن هذا شأن البداية وسيأتي في القريب إنتاج درامي بالميزابية والشاوية وغيرهما، ويعطي مثلا من تجربته السابقة بالإذاعة الوطنية كممثل فيها بالعربية والقبائلية، التجربة التي سهّلت عليه الوجود بالدراما القبائلية في السنوات الأخيرة.

 

رؤية ناقدة

ولكن الباحث في التراث الأمازيغي حميد بوحبيب يرى أن هناك تكريسا للهجة دون أخرى، ويبدي تخوفه من هذه الحال للجزيرة نت بقوله "إذا استمرت الأمور على هذه الوتيرة، فإننا سنشهد تنميطا مؤسفا يلغي كل الفوارق اللهجية، وينتج لغة لا رأس لها ولا ذيل كما يقال".

ويرى أن اللغة المستعملة بالسيناريو حائرة ومرتبكة، وأحيانا يسيطر عليها الطابع الفكاهي، فتأتي هجينة بين العامية والفرنسية، ولا تراعي إطلاقا الجانب الأدبي خاصة وأن الأمازيغية تعيش مرحلة انتقالية حرجة من تاريخها، كما يقول.

أما عن مضامين الدراما الأمازيغية، فيقول بوحبيب إن الفيلم الأمازيغي بعيد عن واقعه، ولا يتطرق إلى القضايا التي تهم الإنسان الأمازيغي، بحيث تكثر التناقضات ويعم التسطيح في معالجة القضايا، ويختفي السيناريو الهش وراء الفكاهة والتهريج باسم التراث، والنهل من التراث الشعبي الأمازيغي. وهو ما يقدم القرية الأمازيغية في صور كاريكاتيرية فجّة لا علاقة لها بالواقع الذي نعيشه.

ويقدم معظم هذا الإنتاج وفق بوحبيب "قصصا نمطية مثل صراعات الكنة والحماة، الغيرة، النزاعات حول الميراث، البطالة، الانحراف.. في صيغ أقل ما يقال عنها إنها ساذجة، تفتقر إلى رؤية عميقة، وتحليل سوسيولوجي يدرك التغيرات الطارئة على الفضاء الاجتماعي، إذ عادة ما تقدم القرية والعلاقات القرابية وكأنها مازالت في نهاية القرن التاسع عشر".

وتبقى الدراما الأمازيغية جزءا من الدراما الجزائرية ككل، وهي تعاني الصعوبات نفسها كما يرى عدد من النقاد، والنهوض بالإنتاج الدرامي الجزائري وكذلك الفيلم من شأنه أن يعود بالفائدة الكبيرة على الدراما الأمازيغية.

عن الجزيرة نت 

 

 

 

من نفس القسم الثقافي