الثقافي
اعترافات امرأة في مواجهة الجميع
"كتاب الخطايا" لسعيد خطيبي
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 22 فيفري 2014
يقدم سعيد خطيبي، وهو صحفي، "كتاب الخطايا" الصادر مؤخرا بالجزائر، وهي روايته الأولى التي تقع في 130 صفحة من القطع المتوسط, حيث يراهن على سيرة فتاة بسيطة تؤرقها أحلامها ورغباتها. بكثير من الانحياز لبطلته كهينة التي تمثل تحولات أنثى ومجتمع في آن واحد تقرأ رواية خطيبي التي تحكي تفاصيل البطلة الشابة إلى جانب باقي الشخوص الذين يشتركون في البحث عن ذواتهم وهوياتهم وفي كونهم وافدين على مدينتهم الجديدة. تحمل كهينة إرثا من الخيبة عبر والدها الذي رفض البنات لكنه لم يرزق بولد وفشل في الحصول على حياة رخاء رغم عمله لسنوات في فرنسا ليختار أن يهجر مدينته بمنطقة القبائل ويقيم في ضواحي العاصمة. الروائي يقدم النص بعتبة أولى تمهد للحكاية وهي عبارة عن نص افتتاحي بعنوان "الزلة الفاضلة" يكشف عن ارتباط السارد الأول إسماعيل بكهينة وتحمله خطاياها دون أن يكشف عن تلك الخطايا إلا بوصفها بالمرأة الزانية. في النص الثاني- وهو الأكبر والذي يحمل عنوان "لعنة الأمازيغية" يصبح الراوي هو البطل الرئيسي كهينة والتي تشرع في تقديم اعترافاتها الجارحة والقاسية أحيانا والمثيرة للشفقة أحيانا أخرى. تتحدى كهينة كل مجتمعها عشيقها توفيق الصحفي وخطيبها سمير سائق الطاكسي وتواصل أحلامها ونزقها وخطاياها في النهاية تجد نفسها حاملا وهي المصيبة الثانية في حياتها بعد فقدانها عذريتها في الثانوي. يبدو أن توفيق هو نموذج الانتهازي فعندما تخبره كهينة أنها حامل منه يرد ببرودة "عليك إجهاض الجنين أنا ذاهب بعد غد إلى برلين وأعود الأسبوع القادم" ثم يمضي ويعود دون أن يسألها عما فعلت. ويتضح أن انتهازية توفيق وأنانيته هي الوجه الآخر لسلبية سمير وهو خطيبها الذي تخونه مع توفيق ويفضل هو أن يحلم بجعلها محجبة ويتفادى الاحتكاك بها والنظر إليها بل يتخلص من شخصيته الجنوبية ليتحول تدريجيا إلى شبه عاصمي وهما يمثلان صورة للمجتمع الذي يكتب عنه الروائي. يختم خطيبي روايته بنص ثالث بعنوان "كراسة الحلزون" ما يوحي لنا أن إسماعيل وجد هويته في اعترافات كهينة لكنها أيضا نهاية سوريالية يتمزق فيها العقل ويبدو وكأن إسماعيل الأكثر حكمة يهذي. من بين المآخذ التي يمكن الوقوف عندها بخصوص نص خطيبي تردد كهينة في الإجهاض خوفا على مبلغ 4 ملايين سنتيم فالمأزق أكبر من المبلغ بكثير، كما أن بطلته تتناول غداءها يوميا في شارع طنجة رغم بعده عن مقر العمل في شارع محمد الخامس. وهناك لحظة فارقة بين الجنون والتحدي عندما تقول البطلة :"سأقول لهن أني حملت من رجل ضاجع نساء القارات الخمس ولم يترك جزءا منه في أي واحدة منهن" وهي العبارة الأقوى التي صدحت بها كهينة. احتفظت كهينة المتمردة والمرفوضة من قبل المجتمع بطفلها في النهاية ولم تنتحر رغم أنها فكرت أو حاولت ذلك ولم تجهض بل قررت أن تكون في صف طفلها وأحلامها وتحصل على مخرج مشرف يظهرها أقوى. سعيد خطيبي صحفي ينتمي إلى مجموعة من كتاب الرواية "الجديدة" الذين يحاولون تقديم نموذج سردي مختلف عن السائد حيث تغيب المعايير الاديولوجية وتقديس التاريخ وزيف الوطنية لينصب الاهتمام على الجزائري البسيط.
واج